الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة البرلمان

دفتر أحوال الوطن (٢٣) .. 1878.. تحول تاريخى  فى  الحياة النيابية

الخديو إسماعيل خلال
الخديو إسماعيل خلال افتتاح مجلس شورى النواب - صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى 25 نوفمبر 1866 افتتح الخديو إسماعيل مجلس شورى النواب، والذى يعد أول مجلس نيابى عرفته مصر بصورته الحديثة، على الرغم مما سبقه من مجالس أو دواوين فى  عهد محمد على  باشا، ووضع للمجلس لائحتين، الأولى عرفت باسم اللائحة الأساسية ومكونة من 18 مادة منها سلطة المجلس وطريقة انتخابه ومواعيد اجتماعه، والثانية عرفت باللائحة النظامية، وتعد هى  اللائحة الداخلية للمجلس ومكونة من 61 مادة تنظم عمل المجلس والمناقشات داخله واختيار الرئيس والوكلاء.

تكون مجلس شورى النواب من 75 عضوًا مدة انتخابهم 3 سنوات، ويجتمع لمدة شهرين كل سنة، تبدأ من منتصف ديسمبر حتى منتصف فبراير، وأنه يحق لولى الأمر "الخديو إسماعيل" جمع المجلس أو تأخيره أو تمديد مدته أو تبديل أعضائه وانتخاب غيرهم فى مدة معلومة حسبما وضحت اللائحة، وانتهى أول دور انعقاد للمجلس فى  يناير عام 1967، وانطلق دور الانعقاد الثانى  فى  16 مارس 1868 وانتهت فى  18 مايو من نفس العام، وكان من أهم مناقشات الدور الثانى المشكلات الزراعية والمالية.

حسب كتاب "مصر والحياة الحزبية والنيابية قبل سنة 1952" – دراسة تاريخية وثائقية – يقول الدكتور محمود متولى  مؤلف الكتاب، إن الدورة البرلمانية الثالثة بدأت فى أول يناير 1869 واستمرت حتى 23 مارس 1869، منوهًا بأن المجلس بدأ ينظر إلى تخطيط المدن والرى، وحفر الترع.

وفى 1869 تم إعادة انتخاب البرلمان، وفى  دور الانعقاد الأول عام 1970 انتخب عبدالله عزت رئيسًا للمجلس، وعند عرض الحكومة للميزانية اعترض بعض النواب على فقرات منها، وفى الدور الثانى طالب المجلس بإلغاء ضريبة المواشي، والتى  كانت قد فرضت عام 1971 ورضخت الحكومة للطلب، وأوضح الكاتب أن الحكومة وقتها شعرت ببدء تطاول المجلس على بعض المسائل، ولم ينعقد المجلس فى عام 1872، وانعقد فى 24 مارس من العام التالي، حتى توقفت الحياة النيابية إلى أن أجريت انتخابات 1876 وتمت دعوة المجلس إلى دور انعقاد غير عادى فى مدينة طنطا، وبدأت دورته الجديدة فى  7 أغسطس 1876.

بحسب الكتاب، فإن الخديو إسماعيل كان يهدف أن يدعمه المجلس فى جمع الضرائب، وهو ما دعا المعارضة إلى الظهور ضد النظام الحاكم، وطلب النائب عثمان هرميل من الحكومة أن تقدم كلمات واضحة ومحددة ببيان مفصل حول سياستها المالية فى  الماضى والمستقبل والحاضر.

وألمح الكاتب، إلى أن عام 1877 كان منعطفًا تاريخيًا فى تاريخ حرية الفكر فى مصر، حيث ظهرت فى  مصر مجموعة من الصحف الأهلية التى  كان لها عظيم الأثر فى  تحريك الرأى العام المصري، وكان الخديو إسماعيل هو من ساهم فى  ظهور هذه الصحف، للاستفادة منها فى محاربة التدخل الأجنبى فى البلاد، ولكن انقلبت عليه بسبب سياساته المالية، مبينًا أن المعارضة اشتدت لثلاثة أسباب، منها وقوع الإرداة المصرية فى قبضة المحتل الأجنبي، على إثر تعيين المراقبة الثنائية فى عام 1876، وانتشار الؤس والقحط والموت على إثر هبوط النيل هبوطًا كان مصحوبًا بالخراب عام 1877 وفيضانه الذى أغرق المساكن والمزروعات، فيما طالبت الحكومات الأجنبية بديونها لدى مصر، مما دعا الحكومة إلى جباية الضرائب بالقسوة، وكان السبب الثالث هو القضاء على سلطة الخديو المطلقة.

ووسط هذه الأحداث كانت الصحافة المصرية تنقل صورًا من الحركات والنظم الدستورية التى  ظهرت فى  أوروبا، فيما راح البرلمان يطالب باختصاصاته إلى أن صدر فى  28 أغسطس 1878 مرسوم ملكى  بتقرير مبدأ المسئولية الوزارية، والذى يقضى بمراقبة البرلمان للحكومة وسؤالها فى  أعمالها، وهو ما قضى على حكومة الفرد، وهو أكبر تحول ومنعطف تاريخى فى الحياة البرلمانية المصرية.

وفى 2 يناير 1879 طبق المجلس هذا المبدأ، عندما حاول رياض باشا وزير الداخلية آنذاك إلى حل المجلس بحجة انتهاء دور انعقاده، ولاقى مظاهرة اعتراض غير متوقعة، ما دعا جريدة "التيمس اللندنية" فى  أبريل من نفس العام إلى القول: "لم يعد مجلس النواب المصرى موضع سخرية واحتقار، فإن أعضاءه قد أثبتوا أنهم على جانب من الاستقلال وأن عبدالسلام المويلحى زعيم المعارضة فى  المجلس طالب بتحويل الحكومة المُطلقة إلى حكومة مسئولة فعلًا وليس شكلًا لسلطات المجلس.