الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

بريطانيا والمقاتلون الأجانب.. انتقادات لمراجعة برنامج «بريفينت»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ أربع سنوات يحاول ويليام شوكروس جاهدا حث الحكومة البريطانية على مراجعة برنامج مكافحة التطرف المعروف باسم «بريفينت» والأسبوع الماضي فقط خلصت نتائج مراجعة برنامج «بريفينت»، إلى ضرورة التركيز على «التهديد الذي يشكله التشدد الإسلامي»، وذلك في ختام مهمة وليام شوكروس الذي تم تعيينه مراجعًا مستقلًا في يناير ٢٠٢١.
وأدت توصيات مراجعة برنامج مكافحة التطرف المعروف باسم «بريفينت» في بريطانيا، إلى إثارة مزيد من الشكوك بشأن جدوى وفعالية البرنامج، إضافة إلى التشكيك في حياده، خصوصًا بين المسلمين في المملكة المتحدة.
عنصر رئيسى فى الأمن البريطانى أضيف بعد هجمات 11 سبتمبر لوقف التطرف  مختصون: المراجعة الرسمية للجالية المسلمة فى المملكة المتحدة لن تدفع لمزيد من التعاون مع «بريفينت»  «شوكروس»: التمويل يتجه نحو «المشاريع العامة التى تتعامل مع التماسك المجتمعى وجرائم الكراهية»
ويعد برنامج "بريفينت" عنصرًا رئيسيًا في جهاز الأمن البريطاني أضيف بعد هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١ على الولايات المتحدة بهدف وقف التطرف ومنع ارتكاب أعمال عنف. لكن هذا البرنامج منذ تأسيسه، لاحقته مزاعم بأنه برنامج "تجسس على المسلمين".
وخلصت المراجعة إلى ٣٤ توصية تعهدت الحكومة بتبنيها، من أهمها دعوة حكومة لندن إلى أولوية معالجة الأسباب الأيديولوجية للتطرف بكل أنواعه، لكنها شددت على أن "التعصب الإسلامي" يمثل الخطر الأكبر الذي يواجه البلاد، ومواجهته تحتاج لتوسيع نطاق المساءلة ورصد مصادره وتتبع قنواته وخلفياته.
وفي رأي مختصين لن تدفع المراجعة الرسمية الجالية المسلمة في المملكة المتحدة، إلى مزيد من التعاون مع "بريفينت"، خاصة أن للمسئول عن المراجعة وليام شوكروس تصريحات سابقة مسيئة للمسلمين.
وتعرضت حكومة حزب المحافظين عند تعيين شوكروس عام ٢٠٢١، لانتقادات من منظمات حقوقية حذرت من تحيز النتائج وعدم صدقيتها.
وفي ٨ فبراير ٢٠٢٣، أصدر ويليام شوكروس، مراجعة مستقلة لبرنامج بريفنت إلى مجلس العموم. ووجد التقرير أنه بينما ساعدت بريفينت على فك الارتباط بالتطرف، فإنها "فشلت على ما يبدو" مرارًا وتكرارًا في التعرف على المهاجمين؛ منتقدًا فعالية ميزانية بريفينت البالغة ٤٩ مليون جنيه إسترليني الموزعة على المنظمات المجتمعية.
وأشار "شوكروس"، إلى أن التمويل غالبًا ما يتجه نحو "المشاريع العامة التي تتعامل مع التماسك المجتمعي وجرائم الكراهية"، لكن القليل منهم استخدم الأموال "للطعن في الخطاب المتطرف" علنًا؛ معتبرًا أن بعض منظمات المجتمع المدني التي تلقت أموالًا روجت علنًا لخطاب متطرف.
كما أشار التقرير على وجه التحديد إلى حالة عام ٢٠٢١ لمنظمة مجتمع مدني ممولة من بريفنت، تدلي بتصريحات متعاطفة مع طالبان وحماس. خلص تقرير شوكروس إلى أن برنامج بريفينت "فشل في فهم خطر" أولئك الذين يرتكبون أعمالًا إرهابية و"يجب أن يعودوا إلى هدفه الشامل- منع الأفراد من أن يصبحوا إرهابيين أو يدعمون الإرهاب".
وأصدر تقرير شوكروس ٣٤ توصية لتوضيح مهمة بريفنت ووقف التمويل عن الوصول إلى المنظمات أو الجماعات الإسلامية التي لا تعمل بنشاط لمواجهة الخطابات المتطرفة؛ داعيًا إلى تطوير الخبرة وفهم أفضل للتطرف والراديكالية. كما دعا المسئولون البريطانيون إلى إصلاح البرنامج بعد إصدار التقرير.
تهديدات إرهابية
وتواجه المملكة المتحدة حاليًا تحديًا حادًا بشكل خاص اعتبارًا من أكتوبر ٢٠١٦، تجاه مواطنيها الذين اتخذوا من الصراعات والحروب في مناطق مختلفة من العالم وجهة لهم. حيث ذهب ما يقرب من ٨٥٠ مواطنًا بريطانيًا للقتال في صفوف المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا.
وكشف وزير الخارجية فيليب هاموند في يناير ٢٠١٦ عن "اعتراض ٦٠٠ مواطن بريطاني أثناء محاولتهم الوصول إلى سوريا" منذ عام ٢٠١٢، وعزا عمليات الاعتراض إلى تعاون أوثق مع السلطات التركية. حتى من خلال الأرقام التقديرية الأكثر تحفظًا، فإن البريطانيين يشكلون أحد أكبر العناصر الأجنبية داخل صفوف داعش. وتتم إحالة حوالي ٥٠ شخصًا إلى برامج مكافحة التطرف كل أسبوع في البلاد. 
وتهتم خدمة الأمن العام "MI٥" بشكل خاص بتوجه مواطني المملكة المتحدة الذين يسافرون للخضوع للتطرف في ثلاث مناطق رئيسية: المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية الباكستانية (FATA) للتدريب على الإرهاب، واليمن حيث ينضمون إلى القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والصومال للقتال مع حركة الشباب، وهي جماعة إرهابية إسلامية مرتبطة بالقاعدة.
وفيما يتعلق بالأخير، صرح الرئيس السابق لجهاز MI٥، جوناثان إيفانز، "بأنها مسألة وقت فقط قبل أن نرى الإرهاب في شوارعنا مستوحى من أولئك الذين يقاتلون اليوم إلى جانب الشباب". 
وقال رئيس وكالة المخابرات البريطانية إم آي ٦ أليكس يونغر في ديسمبر ٢٠١٦ إن داعش "يخطط لطرق لإظهار العنف ضد المملكة المتحدة وحلفائنا دون الاضطرار إلى مغادرة سوريا". وفي أكتوبر ٢٠١٦، كشفت شرطة العاصمة لندن أن أجهزة الأمن ومكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة قد أحبطت ما لا يقل عن ١٠ مؤامرات إرهابية منذ خريف ٢٠١٤.
وفي نفس الفترة، كانت هناك ٢٩٤ إدانة بجرائم تتعلق بالإرهاب. في نوفمبر ٢٠١٤، كشفت وزيرة الداخلية البريطانية آنذاك تيريزا ماي أنه تم إحباط ٤٠ مؤامرة إرهابية ضد البلاد منذ تفجيرات ٧/٧ في لندن عام ٢٠٠٥، بما في ذلك "هجوم بالبندقية على غرار مومباي، وقتل أفراد من القوات المسلحة، محاولة إسقاط طائرة واغتيال سفير".
ووفقا لصحيفة الجارديان، أفيد أنه في أبريل ٢٠٢٠، ادعى مسئولو مكافحة الإرهاب أنهم يخشون زيادة المجندين الإرهابيين بعد انخفاض حاد- حوالي ٥٠ في المائة - في الإحالات إلى برنامج مكافحة التطرف الرئيسي في المملكة المتحدة، بريفينت.
ونظرًا للقيود المفروضة بسبب جائحة COVID-١٩، فمن المحتمل أن أولئك الذين يحيلون عمومًا الأفراد ذوي الميول المتطرفة إلى بريفينت لم يتمكنوا من مقابلة الناس وتقديم الدعم لردع التطرف.
ومع ذلك، في ١٠ ديسمبر ٢٠٢٠، أصدرت وزارة الداخلية البريطانية إحصاءات تدعي أن عدد الإرهابيين المشتبه بهم الذين تم اعتقالهم في المملكة المتحدة انخفض إلى أدنى مستوى خلال عقد من الزمن، حيث تم القبض على ٢١٥ شخصًا في الفترة من يناير إلى أكتوبر ٢٠١٩ - بانخفاض ١٨ بالمائة عن العام السابق.
وترجع الأرقام المنخفضة جزئيًا إلى جائحة COVID-١٩؛ حيث أدت القيود المفروضة على الأنشطة إلى الحد من الجريمة بشكل عام. ووفقًا للبيانات، فإن ٤٤ بالمائة من المعتقلين من البيض - أكبر مجموعة عرقية بين المشتبه بهم للعام الثالث على التوالي - وأكثر من ٧٩ بالمائة من هؤلاء المشتبه بهم كانوا بريطانيين أو مزدوجي الجنسية.
ووفقًا لذلك، زاد عدد المشتبه بهم الذين تقل أعمارهم عن ١٨ عامًا، وهو ما يزعم مسئولو مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة أنه يشير إلى "اتجاه جديد ومثير للقلق من المتطرفين الأطفال". 
وفي ٢٢ يونيو ٢٠٢١، أعلنت يوروبول، وكالة شرطة الاتحاد الأوروبي، أنه تم تسجيل ٦٢ حادثًا إرهابيًا في المملكة المتحدة في عام ٢٠٢٠، بانخفاض عن ٦٤ في عام ٢٠١٩.
وفي ١٠ يونيو ٢٠٢١، أصدرت وزارة الداخلية البريطانية أرقامًا كشفت عن أكثر من واحد من كل ١٠ مشتبهين بالإرهاب تم القبض عليهم في بريطانيا تحت سن ١٨ عامًا. على الرغم من أن العدد الإجمالي للاعتقالات المتعلقة بالإرهاب - ١٦٦ - هو أقل رقم سنوي منذ عام ٢٠١١، فقد انخفضت الاعتقالات للمجموعات الأكبر سنًا، في حين ارتفعت التركيبة السكانية الأصغر سنًا.
ومن بين المشتبه بهم، يمثل البريطانيون البيض أكبر مجموعة عرقية ممثلة بنسبة ٥٣ في المائة، بينما يمثل البريطانيون الآسيويون ٣٠ في المائة، ويمثل "الآخرون" ١١ في المائة، ويمثل السود البريطانيون حوالي ٦ في المائة من المشتبه بهم.
ويزعم نيل باسو، رئيس شرطة مكافحة الإرهاب، أن القيود المفروضة على جائحة COVID-١٩ جعلت الأمر أكثر صعوبة على المعلمين، الأخصائيون الاجتماعيون وخدمات الصحة العقلية لاكتشاف علامات التطرف بين الفئات السكانية الأصغر سنًا. بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لظروف الإغلاق السابقة، يرى الضباط مخاوف من تزايد أعداد الأطفال الذين يتم جرهم إلى التطرف.
وفي ٢١ ديسمبر ٢٠٢١، أفادت وزارة الداخلية عن اعتقال أكثر من ٢٥ طفلًا بسبب جرائم إرهابية في الفترة من يناير إلى سبتمبر من عام ٢٠٢١. وارتفع العدد عن العام السابق الذي تم فيه احتجاز ١٧ طفلًا فقط بسبب نفس الجرائم. الشرطة قلقة بشأن الأرقام وحثت الآباء على طلب الدعم إذا كانوا يخشون أن يكون أطفالهم في طريقهم نحو التطرف.
اعتراضات قديمة
وقد رافق تعيين ويليام شوكروس رئيسًا للمراجعة بشأن برنامج مكافحة التطرف ردود فعل سلبية منذ البداية ففي فبراير ٢٠٢١، قاطعت منظمات تُعنَى بحقوق الإنسان مراجعة البرنامج الحكومي البريطاني الرئيسي لمكافحة التطرف، بعد اتهام رئيس المراجعة بالإسلاموفوبيا.
وأفادت مؤسسات خيرية تشمل "منظمة العفو الدولية" و"ليبرتي" بأن تعيين ويليام شوكروس، الرئيس السابق لـ"لجنة تشاريتي" (وهي هيئة تنظم عمل الجمعيات الخيرية العاملة في بريطانيا) كمراجع مستقل لبرنامج "بريفنت"، قد قوّضت مصداقية المراجعة.
واتهم بيان مشترك حينها السيد شوكروس بالتعبير عن "وجهات نظر تعادي الإسلام بوضوح" في الماضي، بما في ذلك التصريح بـ "إن أوروبا والإسلام يمثلان واحدة من أعظم المشاكل رعبًا في مستقبلنا".
وكذلك أشارت المجموعات الـ١٧ التي تشمل أيضًا "بيج براذر ووتش" وترجمتها حرفيًا، "الأخ الأكبر يُراقِب" و"منظمة الحقوق والأمن الدولية" و"صندوق رانيميد"، إلى أنها ستطلق "مراجعة موازية" خاصة بها.
وأضاف بيانها، "من الواضح أن الحكومة تعتزم استخدام هذه المراجعة كي تُبيّض الاستراتيجية التي تتبعها في مكافحة التطرفومنحها شهادة صحة نظيفة، من دون مُساءلة، بحسن نية، عن تأثيراتها في حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ومن دون وجهات النظر المتعلقة بتلك التأثيرات، من المستحيل تقييم سياسة برنامج "بريفنت" بلا تحيّز.
ومعلوم أن الحكومة كانت قد أعلنت عن مراجعة مستقلة لـ"بريفنت" في ٢٠١٩، إلا أن المراجعة عانت الجدال والتأخير.
ففي ديسمبر ٢٠١٩، تنحى أول مراجع معين، اللورد كارلايل، عن منصبه وسط دعوى قانونية في شأن تحيز مزعوم واختصاصات المراجعة. وعند تعيين السيد شوكروس ليحل محله في يناير ٢٠٢٠، عبّر النقاد عن قلقهم بسبب بعض ملاحظات سابقة صدرت منه، مع ادعاءات بتحيزه ضد المجموعات الإسلامية أثناء ولايته في "لجنة تشاريتي".
وأشارت منظمات تهتم بحقوق الإنسان إلى حضوره جلسة "مجلس الشئون العالمية" عام ٢٠١٢، في تكساس، إذ أورد "شوكروس" أثناء محادثة حول المخططات الإرهابية، "أعتقد بأن أوروبا والإسلام يمثلان واحدة من أعظم المشاكل رعبًا في مستقبلنا".
وأضاف "شوكروس": "تضم البلدان الأوروبية كلها مجموعات سكانية مسلمة كبيرة ومتنامية بسرعة، وتعتنق أعداد كبيرة في شكل مخيف من الشبان فيها، في بريطانيا وألمانيا وفرنسا، الإسلام المتطرف".
وأوردت صحيفة "التلغراف" أن السيد شوكروس اعتبر "المرشح الأوفر حظًا" لوظيفة المُراجع في "بريفنت" قبل أسبوع من إجراء مقابلات مع بعض المرشحين الآخرين في نوفمبر ٢٠٢٠. وقد أشار نذير أفزال، أحد كبار المدعين العامين البريطانيين السابقين الذي اندرج بين المرشحين الآخرين، إن توقيت المقال لا "يوحي بوجود تنافس عادل".
ولفتت مجموعة من الجمعيات الخيرية إلى أن اختيار المُراجع يؤشر إلى أن الحكومة "ليست لديها مصلحة في إجراء مراجعة موضوعية ومحايدة للاستراتيجية، ولا (هي مستعدة) للاستماع في شكل مُجْدٍ مع للمجتمعات المتأثرة بها".
وأضافت، "إن تعيين السيد شوكروس، نظرًا إلى سجله المعروف وتصريحاته السابقة في شأن الإسلام، وفي أعقاب كارثة تعيين اللورد كارلايل، يثير الشكوك حول حُسْن نية الحكومة في إجراء المراجعة ويقوض مصداقيتها في شكل جوهري".
وأورد البيان أن المراجعة الموازية ستنظر في مزاعم تتعلق بالتمييز وانتهاكات حقوق الإنسان بموجب استراتيجية "بريفنت" التي تستهدف منع الأشخاص من الانجرار إلى الإرهاب.
واتّهمت بعض الجماعات المشاركة في الحملة قبل فترة طويلة "بريفنت" باستهداف المسلمين (بشكل منهجي) وعدم وضع ضوابط كافية تمنع البرنامج من التعرض غير المبرّر (لهؤلاء)، على الرغم من تأكيد الشرطة أن الإحصاءات تثبت أن الديموغرافيات والأيديولوجيات كلها تُؤخَذ في الاعتبار.
مواقف أكثر حدة
"مراجعة شوكروس" كما باتت تعرف في الإعلام البريطاني، تحض الحكومة على تبني "مواقف أكثر حدة" مع التطرف من ناحيتين أساسيتين، الأولى هي تسمية الأشياء بمسمياتها عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين قد يتحولون إلى إرهابيين، أو البيئات التي تنتج مثل هؤلاء.
وبالتالي لا بد من التدقيق في خلفية من يدعم التعصب أو ينشره بأي شكل كان، وكذلك في محددات كل مؤسسة أو فعالية أو منظمة أو أي جهة كانت، قد يؤدي نشاطها إلى خلق الفكر المتطرف وتمدده بين أفراد المجتمع.
أما الناحية الثانية فتحتاج إلى "صرامة" وفق المراجعة الحديثة، وهي التركيز على القضايا التي تخلق الفكر الراديكالي، بدلًا من الاهتمام بأسباب الأمراض العقلية التي قد تدفع نحو فعل إرهابي.
وفي مجمل الإجراءات التي تحتاج الحكومة إلى تبنيها ليتحول "بريفينت" إلى برنامج أكثر حسمًا في مواجهة الإرهاب، لا بد من وضع التعريفات والتصنيفات الواضحة لكل ما يمكن أن يصادف المعنيين عند التعامل مع مواقف وأشخاص يشتبه بتطرفهم.
ويرى رئيس شرطة مكافحة الإرهاب السابق نيل باسو، أن مراجعة شوكروس لا تنطوي على تقييم دقيق لعمل الجهات المختصة. فلا يمكن القول إن "الأجهزة الأمنية كانت تركز على الإرهاب اليميني أكثر من الإسلامي، رغم تفوق الأخير في درجة الخطورة".
ونوّه "باسو" إلى أن تقييم التهديدات الأمنية يعتمد على درجة خطورتها وفق المعايير المعروفة للعاملين في هذا المجال، وهي لا تميز في خلفية الإرهاب وعقيدته.
ونفى "باسو" في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية، ما ذكره شوكروس بشأن اهتمام برنامج "بريفينت" بالأمراض العقلية والنفسية للمتطرفين، على حساب معالجة أسباب نزوح الأفراد نحو التطرف والإيديولوجيا التي دفعتهم إليه.
وقال المسئول الأمني السابق، إن توصيات المراجعة تبدو وكأنها تستند على توجهات يمينية واضحة. وصرحت منظمة العفو الدولية أن تقرير شوكروس كان "متحيزًا بشدة وغير موضوعي في تقييمه".
العلاقة مع المسلمين
بحسب المراجعة يتوجب التركيز على بعض المصطلحات مثل "التكفير"، الذي تحول إلى أيديولوجيا تحدد سلوك الأفراد إزاء المختلفين عنهم في الديانة.
ومتابعة مثل هذه المصطلحات يعرض للمساءلة القانونية، بحق أي مؤسسة أو فرد ينشر ثقافة قد تمهد للإرهاب أو تنتجه مستقبلًا، حتى لو لم تحث على العنف صراحة بشكل مباشر. الأمر الذي يعتقد البعض أنه يمس بحرية التعبير، ويضيق على الجالية المسلمة.ونشر المجلس الإسلامي في بريطانيا تعليقًا رسميًا على "مراجعة شوكروس"، قال فيه إنها "تجعل بريطانيا أقل أمنًا والمسلمين يشعرون بالضعف". وأشار المجلس إلى أن المراجعة تعزز من "الإسلاموفوبيا" التي عرضت المسلمين للعنف مرارًا وتكرارًا. كما أنها "أعادت إحياء نقاط الحوار الخلافية التي توصم المسلمين بالإرهاب وتربط دينهم بالتطرف".
من جهته؛ قال مدير منتدى الأديان في لندن مصطفى فيلد، إن خلفية شوكروس المعادية للمسلمين، ظهرت بشكل واضح في توصيات المراجعة التي كان يمكن أن تكون أفضل من ذلك بكثير بعد ٤ سنوات من العمل.
ولفت "فيلد"، إلى أن شوكروس لا يمتلك معرفة كافية بالدين الإسلامي. ولم يزر من ٧٩ مؤسسة يدعمها "بريفينت" إلا ٦ فقط، وهذا لا يكفي لتوضيح فاعلية البرنامج ودور المسلمين في تحقيق أهدافه.
وأشار مدير منتدى الأديان، إلى أن "مراجعة شوكروس" ستضعف ثقة المسلمين ببرنامج مواجهة التطرف، في وقت تحتاج فيه الحكومة لتفاعل، وتعاون الشخصيات، والفعاليات المؤثرة في الجالية لتحقيق أهداف هذا البرنامج.
وأضاف فيلد أن مراجعة "بريفينت" غير الدقيقة تخلق حاجة ماسة لدى التجمعات الإسلامية للاعتماد على نفسها في مواجهة ثقافة التطرف، وهذا يشمل كل المنظمات المعنية والمؤسسات التعليمية والإنسانية.
وتشير مراجعة "بريفينت" إلى أن ٨٠٪ من التحقيقات المباشرة لشرطة مكافحة الإرهاب تتعلق بالتطرف الإسلامي. ورغم ذلك، كانت ٢٢٪ فقط من إحالات البرنامج بين عامي ٢٠٢٠-٢٠٢١ تتعلق بالإسلاميين.
كذلك، أظهرت في مطلع أبريل ٢٠٢٢، أنه تمت إحالة ٦ آلاف و٤٠٦ أشخاص، ٢٠٪ منهم لمخاوف تتعلق باليمين المتطرف، و١٦٪ لمخاوف مرتبطة بالتطرف الإسلامي.
المشاركة في «بريفينت»
وتطالب توصيات شوكروس بقطع علاقة "بريفينت" مع المؤسسات والجهات التي استفادت من البرنامج وغذت التطرف خلال السنوات الماضية.
كما شددت على عدم الاستعانة بالمنظمات والفعاليات والأفراد الذين يشتبه بترويجهم للتعصب والكراهية في بريطانيا، حتى على مستوى المشورة أو جمع البيانات لا أكثر.
في المقابل؛ تطالب المراجعة الحكومة بإطلاق مبادرات وخطط لتشجيع العائلات والأصدقاء والفعاليات المجتمعية على المساهمة في إحالة الأفراد لبرنامج "بريفينت"، وتطوير آليات الإبلاغ عن الحالات التي يتوجب إحالتها للبرنامج. كما شددت التوصيات على توفير موظفين مستقلين للبرنامج في المدارس والمؤسسات التعليمية عمومًا.
وقال مدير منظمة "مستقبل بريطانيا" ساندر كواتالا، إن أهداف "بريفينت" من حيث المبدأ تحظى بتأييد واسع بين المسلمين في المملكة المتحدة، ولكن كثيرين منهم لم يسمعوا عن البرنامج.
وأوضح أن المراجعة ستخلق نوعًا من النفور لدى المتعاونين مع البرنامج أو الذين يؤيدونه في الوقت الراهن، لأنها قد تخلق إحساسًا بالتمييز ضد المسلمين.
وأشار كواتلا في مقال نشرته صحيفة "ذا جارديان"، إلى أن الحكومة تحتاج حقيقة إلى تعاون الأفراد، المسلمين وغير المسلمين، في تحقيق أهداف "بريفينت". فالبرنامج يقف على حافة حادة جدًا في التعامل مع المجتمع. ويسعى إلى إنفاذ القانون في مساحات معقدة جدًا، تحتاج إلى تعاون الجهات المختصة مع الأفراد والفعاليات في التجمعات المحلية.
يطالب شوكروس بوقف تمويل المشاريع التي لا تخدم أغراض "بريفينت". وتلك التي استفادت منه لتغذية التطرف في البلاد.
كما تنصح المراجعة بتوسيع مدى برنامج مكافحة التطرف ليشمل المهاجرين واللاجئين. فتستهدف بذلك التطرف القادم من الخارج، وتضع الوافدين الجدد تحت مجهر الأجهزة الأمنية منذ اللحظة الأولى لوصولهم. وأعلنت وزارة الداخلية أنها وافقت على إشراك حرس الحدود والجهات المختصة بالهجرة في برنامج "بريفينت".
وقالت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان إنها أوعزت لكل المعنيين ببدء العمل على تنفيذ هذه التوصية، وغيرها من توصيات شوكروس في أسرع وقت ممكن. وبالتالي يستعد "بريفينت" لمرحلة جديدة مختلفة في الآليات والمضامين.
كما ستقوم وزارة الداخلية بمواجهة كل الحملات الإعلامية والمجتمعية المضادة للبرنامج. وستعمل على زيادة عدد العاملين فيه، ولكن بعد أن تختارهم بعناية فائقة. حتى أن المراجعة توصي بتتبع صفحات المرشحين والمتقدمين للعمل في البرنامج على وسائل التواصل الاجتماعي، فتزيد من يقينها إزاء بيئاتهم وخلفياتهم.