الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

الإعلامية مدى سعيد: بسبب المهنية مذيع النشرة لا يملك مشاعره و"الهوا أمانة"

الإعلامية مدى سعيد
الإعلامية مدى سعيد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ببعض الكلمات على منشور خاص عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، حركت مدى سعيد مذيعة النشرة بقناة "إكسترا نيوز" مشاعر المتابعين، وأشارت فى كلماتها عن حال مذيع النشرة الإخبارية الذى يغطى أخبار الكوارث ولا يمكن له أن يتفاعل بمشاعره، فقط يعبر عن الخبر بما يقرأ دون تأثر المشاعر، مثلما حدث فى الأيام القليلة السابقة أثناء التغطية الإخبارية لأحداث الزلازل الأخيرة. 
لتفتح مدى سعيد الباب للغوص فى نفسية مذيع النشرة، وما يعيشه من ضغوط أثناء تلقى الأخبار الخاصة بالكوارث من حروب وزلازل وما لها من ضحايا ومشاهد مؤلمة تؤلم كل المتابعين، إلا قارئ النشرة فهو محرم عليه التأثر تحت مظلة المهنية، إلى جانب تلقى الفيديوهات والأخبار أثناء البث وعلى الهواء مباشرة فور حدوثها، والذى كان بمثابة تلقى طعنات فى صميم القلب، وبمشاعر تحاول الإتزان، وقلوب مكلومة تكتم صرخات الأنين، حتى لا تزاحم وجوهًا أقسمت على المهنية وعدم خيانة المشاهد بغلبة المشاعر.. 

إلى نص الحوار:

فى البداية ما الأسباب التى دفعتك لكتابة المنشور الخاص على صفحتك الشخصية؟
كتبت المنشور بعد إلقاء نشرة الأخبار مباشرة، أما فيها من أخبار ومعجزات جعلتني أتأثر بما رأيته، ولأن عليّ كمذيعة أن لا أتأثر بشكل مبالغ فيه، لذا وجدت في كتابة المنشور متنفسا عما شعرت به.

مر نحو أسبوع على كارثة الزلزال الذي لم يكن مجرد هزة أرضية في تركيا وسوريا فقط، بل كان هزة في قلوب الإنسانية كلها، يوميا يتضاءل الأمل بالعثور على المزيد من الأشخاص أحياء تحت الركام وسط أجواء صقيع باردة وطقس متجمد، ولكن بعد مرور حوالي 90 ساعة نجحت فرق الإنقاذ في إخراج طفل حديث الولادة وأمه من تحت الأنقاض في تركيا أحياء، وبعد مرور اليوم الخامس ينجحون في إنقاذ طفل آخر عاش خمسة أيام دون طعام ورعاية ودفء ولكنه كان في رعاية الله، معجزة من معجزات الله جعلتني أفكر وانشغل تفكيري بقدرة الله سبحانه وتعالى، نسمع ونشاهد صرخات حتى الآن لأشخاص تحت الركام، ولكن ليس علينا التعليق عليها أثناء قراءة الخبر، لذلك كتبت المنشور.

ما أهم الصفات لدى مذيع النشرة؟
مذيع النشرة تحديدا لابد أن تكون لديه ثقة بالنفس، وأن يمتلك قدر كافي من مهارات التواصل مع الجمهور، والتي ممكن أن تكون عن طريق عينيه، وتفاعله مع الخبر وتناول الموضوعات عالشاشة، بجانب مظهره الجميل والمقبول.

كما يجب أن يتأنّي أثناء الحوار مع الضيوف، وتكون لديه خلفية ثقافية واسعة وشاملة، وأن يستفيد من تجارب المذيعين الآخرين، وأن يستعد للعمل في أي وقت وتحت أي ظرف، بالإضافة إلى التركيز، 
وتحمّل ضغط العمل، والقدرة على الالتزام بالمواعيد النهائية، وأن تكون لديه ذاكرة جيدة، وذلك لحاجة الرجوع إلى معلومات قد ذُكرت في حلقات سابقة، والعمل في مختلف الأوقات وخاصةً العطل، والأعياد، والإجازات الرسمية.

ولابد أن يقدم المعلومة بأسلوب يُناسب مختلف الأعمار والثقافات، وأن يمتلك سرعة البديهة لضرورة الاستعداد للتعامل مع الأخطاء والعواجل على الهواء، وتلافيها والتعامل مع المواقف المحرجة وتجنبها، والعمل بروح الفريق الواحد والتعاون مع المسؤولين الآخرين من منتجين ومخرجين ومشرفين والمشاركين في البرامج، واحترام المهنة.

ما الفارق بين مذيع النشرة الإخبارية ومقدم البرامج الحوارية "التوك شو"؟

قارئ نشرة الأخبار يختلف عن مقدم البرنامج الحواري، قراءة النشرة ليست مجرد قراءة عابرة، وليست سهلة، أو مجرد وظيفة كما يظنها البعض، لكنها بالإضافة إلى الموهبة الصوتية لابد وأن يكون المذيع على علم تام بكل ما يدور من أحداث والخلفيات المتعلقة بها فى دولته والمنطقة المحيطة، وأن يكون على قدر من الثقافة يسمح له بمواكبة الأحداث  فيما يتعلق بتخصصه كقارئ أخبار رياضي أو سياسي أو فني أو اقتصادي، لأن كل نوع من هذه الأخبار خبر له أسلوب خاص في القراءة والتفاعل معه ، المذيع يوصل أحداث وأخبار للجمهور بشفافية ووضوح دون تدخل طرف ثالث، عليه أن يتفاعل بصدق كما ذكرت عن صفات المذيع قبل قليل، هو المسؤول الأول والأخير عن نقل الحدث وإيصال المعلومة، "هو اللي في الواجهة كما نقول، وينقل مجهود عدد كبير من فريق العمل" ، وعليه أن يدرك جيدا أن الجمهور مختلف فعليه التحدث والتحكم بانفعالاته التي تناسب هذا الاختلاف، أما البرامج الحوارية و"التوك شو" فلابد لمذيع مثل تلك النوعية من البرامج أن يكون أيضا عضوا فاعلاً في إعداد الحلقة وإعداد محاورها والتعرف على الضيف، وخلفيات الموضوع الذي سيتم الحوار حوله، وهنا أتحدث عن نفسي حينما يتم التحضير للحلقة وسيكون معي ضيفًا، أقرأ جيدًا عن ضيفي عن سيرته وحياته وإنجازاته وتصريحاته، والتنقل بين كافة جوانب الشخصية والإنسانية، والغوص فى بعض كتاباته المثيرة للجدل والتي تتعلق بصميم المقابلة أو المحاورة، وأعرف كيف يتفاعل مع المذيع حتى أكون ملمة بمداخل الحوار معه، ولا أقع فى الأداء الخاطئ كمجرد ناقل لما يقدم إلي فقط، وهذا يعكس مدى التحكم بالحلقة الحوارية وقوتها وإدارتها واسلوب الطرح،   والأنجح هو أن أصل إلى مرحلة  "المحقق" ولكن بلطف، أيضا أقرأ كثيرا عن موضوع الحوار الذي سيدور بيني وبين ضيوفي، حتى تتسع دائرة النقاش في البرامج الحوارية يجب على مقدمها أن يبتعد تماما عن إظهار انتماءاته مهما كانت في إدارة الحوار ولا ينبغي أن تكون أسألته تنُم عن كره او بغض للضيف - فالمشاهد يدرك ذلك بسهولة ويسر - ويرسم انطباع سيء عن المقدم للحوار فيجب أن لا ينحاز إلى فكره حتى لا يفقد أهم أسباب النجاح.
مهم جدا أن يستشعر المذيع كلام الضيف ويستنبط منه أسئلة يلتقطها من ثناياه لتكون هدفا رائعا يستمتع به المشاهد ويشبع رغباته في المعرفة للقضية الحوارية , لأن ما يدور في رأس المشاهد هو ما يلتقطه المذيع من كلام الضيف 
اذا أتيحت الفرصة للمذيع والضيف أن يلتقيا قبل الهوا أو في فاصل، فمن الضروري بناء جسر من التواصل والنقاش حول الموضوع ،ومعرفة بعض ما يحب أن يُسمى به أو ينادى به من ألقاب، لأن الشخصية التي نحاورها هي "ضيف" في النهاية لا بد أن يخرج بانطباع طيب عنك وعن البرنامج وعن القناة حتى لا تفقده في النهاية
ما نصيحتك لمذيعي النشرة الجُدد؟ 
عليهم باستمرارية التدريب والتعلم، فهى مهمة جدا عند المذيع، لا يجوز الوقوف عند مرحلة تعلم معينة ، العالم في تغير مستمر ولازم نكون ملمين بالأحداث وطول الوقت بنتعلم "والحقيقة إحنا في قطاع أخبار المتحدة ، الإدارة دائما بتمدنا بكل وسائل التدريب ، بداية من الأداء واللغة العربية مرورا بالثقة في النفس نهاية بالتثقيف والوعي ومواكبة التطورات ، عديد الدورات التدريبية مستمرة وكلنا بنشارك فيها والحقيقة كلنا في المكان بنكمل بعض ، وبنتعامل مع بعض كأسرة واحدة" ، آخر التدريبات الموجودة حاليا هو تدريب الأكاديمية الوطنية ويعد من أعظم آليات الدعم والتطوير فى العصر الإعلامى الحالى، حيث يعمل على إكساب مهارات للإعلاميين والمذيعين بشكل مستمر فى كل لحظة ويسير العمل  على قدم وساق وبمنتهى الرقي .

كيف تكون مشاعرك وقت قراءة الأخبار المؤلمة؟ 
أنا من الأشخاص اللي دموعهم قريبة وأنا بعتبرها منة من الله، لو شوفت حد بيبكي ببكي لو تأثرت بمشهد تمثيلي ببكي، فما بالك بمشاهد إخراج أطفال من تحت أنقاض، أو مشاهد قتلى وأبرياء، حقيقي مواقف يُحسد المذيع على تخطيها أثناء الهواء، فالأخبار المؤلمة تلمس قلبي بشكل كبير ولكن الثبات الانفعالي مطلوب جدا، لذلك نتجاوز هذه اللحظات على الهواء.

لو غلبتك دموعك هل يعتبر خطأ مهنى أم مشاعر إنسانية؟
لكل قاعدة شواذ ولكن في البداية دعني أحدثك عن أمانة الهواء، فـ"الهوا أمانة" كبيرة ومش أي حد يقدر يصونها، قاريء  النشرة لازم يحس بموضوع الخبر ويتفاعل معاه عشان يكون صادق في نقله للمشاهد، ولكن فيه فرق بين التفاعل وبين التمثيل، وهناك بعض الأشخاص سواء على التليفزيون أو السوشيال ميديا يستغلون هذه المواقف، "إستغلال مواقف الانفعال الوجداني  أو الحزن في إحداث لقطة على السوشيال ميديا" من أجل الظهور، فهنا دي خيانة للأمانة مش تفاعل خالص، وخيانة القسم اللي أقسمناه بعد التخرج، ولكن المذيع في نفس الوقت بشر والإنسانية هي المقياس فلا لوم حينما تغلبنا الإنسانية ويظهر تأثرنا بموقف معين ولكن لا تبقى هي السمة الأساسية، فالمذيع هو المسؤول عن نقل كل الأخبار بشفافية ووضوح.

أشد المواقف حزنًا خلاف موقف الزلزال الأخير؟
أتذكر جيدا المعاناة التي عشتها لأسابيع ولم أستطع تجاوزها بسهولة هو حادث نيوزيلاندا الإرهابي، الأبشع والأعنف، الذي كان من شدة جرمه يبث على الهواء. 

شوفت الموضوع لايف على الفيس بوك للأسف، وبعدها بدقائق خرجت لتغطيته، كنت أتساءل كيف لشخص بشر طبيعي أو غير طبيعي أن يستطيع تنفيذ هذا الإجرام بهذه الطريقة، هذا الموقف لم أتجاوزه أبدًا، ولمدة ٣ أسابيع وأكثر وأنا متأثرة وأتابع ردات الفعل وأتابع بعد هذه الفترة جلسات المحكمة، وظللت أبحث كثيرا عن كل معلومة تنشر عن الإرهابي منفذ هذا الحادث الأليم، وأبحث في دوافعه لدرجة بحثا عن حسابات جدته وأسرته على السوشيال ميديا ووصلت لها لأعرف ماذا يكتبون رغم أنه لا يهمنا ولكن كان تأثرى بالموضوع قد وصل حد البحث عن كل صغيرة وكبيرة متعلقة به، بالإضافة إلى الضحايا والمصابين الذين تعرفت على بعضهم وتواصلت معهم وقتها، كان هذا حدث جلل فعليًا بالنسبة لي لم أتخطاه ولم أستطع أن أخفى مشاعري على الهواء فيه. 

تابعت محاكمة هذا الشخص وحين عبّر عن دافعه الإجرامي قائلا: لا أشعر بالندم، وأتمنى فقط أن أستطيع قتل أكبر عدد ممكن من الغزاة، فى ذلك الوقت شعرت بنعمة الإسلام ورحمة القلوب والدموع القريبة والشعور بالإنسانية.

يذكر أن الإعلامية مدى سعيد حاصلة على ليسانس الآداب قسم الإذاعة والتليفزيون، وتدربت في قطاع الأخبار بالتيلفزيون المصري أثناء الدراسة، وحصلت على دبلومة اللغة العربية بجامعة عين شمس، وتعمل محاضرة فى ورش التقديم التيلفزيوني في العديد من مراكز التدريب الإعلامي الخاصة.

بدأت مشوارها الإعلامى بقناة الحدث الإخبارية في عام 2013، وعملت صحفية بمجلة أموال الغد الاقتصادية بقسم البورصة، إلى جانب العمل فى التعليق الصوتى فى الأفلام التسجيلية والتقارير والإعلانات للعديد من المنصات المصرية والعربية والدولية.

شاركت في تغطية عدوان 2018، وعدوان مايو 2021 على غزة، وعملت مقدمة برامج في قناة "Libya Tv"، وقناة "الكوفية الفلسطينية"، قناة دريم، ثم إستقرت بقناة إكسترا نيوز مقدمة برامج ونشرات الأخبار.