السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

«بركاتك يا أبو المساكين».. ننشر سيرة الشيخ محمود عبدالرازق الدماريسي

الشيخ محمود عبدالرازق
الشيخ محمود عبدالرازق الدماريسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتفل جموع وعوام الشعب المصرى والعالم الإسلامى هذه الأيام بميلاد السيدة زينب بنت الإمام على رضى الله عنهما، وكانت هناك احتفالات خاصة بالخواص من أهل الله، الذين تفردوا عن غيرهم فى إحياء ذكرى موالد آل البيت، منهم الشيخ محمود عبدالرازق الدماريسى الذى نعرض بعضًا من جوانب حياته الخاصة لأول مرة.

«ربنا يسترها عليك طوالى».. دعاء «الدماريسى» الذى يحبه مريدوه

«ربنا يسترها عليك طوالى» دعاء يعرف أهل الطرق الصوفية بمحافظة المنيا صاحبه حق المعرفة لأنه اشتهر بـ«أبو الأحوال» و«أبو المساكين»، وهو صاحب الحضور المميز فى أى مكان تخط فيه قدمه، وأحد أكابر مشايخ الطرق الصوفية فى المنيا خاصة، وفى مصر عامة، هو العارف بالله الشيخ محمود عبدالرازق الدماريسى.

واشتهر العارف بالله الشيخ محمود الدماريسى، ببشاشة وجهه وخفة ظله حتى فى أوقات عصبيته وامتزج محبوه ما بين علية القوم وفقرائهم وكان يأخذ من الغنى ويعطى للفقير وكان صاحب ثقة كبيرة لدى جميع الناس.

وُلد الشيخ محمود عبدالرازق الدماريسى المحمدى الرفاعى رحمه الله، فى الثانى من سبتمبر من سنة 1929 وعاش فى قرية «دماريس» التابعة لمركز المنيا وسكن فيها طيلة حياته وحفظ كتاب الله واختار الوصول إلى الله بالزهد والتصوف، وكان محبا لآل بيت رسول الله وموقرًا للأضرحة ومقامات الأولياء فى جميع أنحاء القطر المصرى، فهو شيخ مشايخ الطريقة الرفاعية فى المنيا وولى عصره وقطب زمانه وله العديد من الكرامات التى يرويها عنه من عاشروه.

 

«بركاتك يا أبو الأحوال والمساكين»

مجهول فى الأرض معروف فى السماء، من العباد الزاهدين الذين أوفوا بعهد الله ولم ينقضوا الميثاق، لا يُرى إلا فى طاعة، إن جالسته لا يذكرك إلا بالله ولا ينشغل بغير ذكر الله، لا نصيب للدنيا فى قلبه ولا يجرى ذكرها على لسانه، لا يحب الظهور والسمعة، لا يتصدر المجالس ولا «يتمشيخ» على أحد، ولا يعرف ما يعنى الرياء، بسيط الهيئة يتحدث بسجيته السمحة دون تكلف، وبلكنة صعيدية لا يفارقها ولا تفارقه فى خفة ظل تحيط بجلاله وهيبته وفطنة تعز على أرباب الفطن، إذا روى لك ما حصل لأهل الله السابقين تشعر أنك تسمع ممن شاهدها وعاينها ولا تملها مهما كررها.

 

«يا دماريسى يا فتوة يا ساكن القلب من جوه»

صاحب كشف صادق مستمر، وحدس صحيح ثاقب، وفراسة لا تخطئ، وبصيرة من مواريث النبوة، يعشق الصلاة ويحب بيوت الله ويلهج دائما بذكر الله، صاحب حال صادق عارم مؤثر يبكيك ويضحكك، يهابه أصحاب المناصب ويحبه الأطفال والمنكسرة، يلين للضعيف، ولا يخشى من ذى سلطان، ويقدر العلماء الربانيين لا سيما المساتير منهم، لا يفتر عن حمد الله، لا يذكر سوى إحسان ربه عليه رغم أمراضه الكثيرة وإعيائه المنهك و جسمه الهزيل المتناهى الضعف، مما يؤثر عنه أنه فقد بصر إحدى عينيه ولم يصرح لأحد و لم يُعرف ذلك إلا بعد سنوات عندما أحضروا له الطبيب وفوجئ  بذلك ولم يشك لأحد، إن رأيت وضوءه عرفت معنى قوله تعالى «فيه رجال يحبون أن يتطهروا» و إن رأيت صلاته عرفت معنى «فى صلاتهم خاشعون».

 

له الكثير من الكرامات التى لا تكون إلا للأكابر

رفاعى الطريقة، إلا أنه يحب كل أهل الله بكل مشاربهم، وبيته بمدينة المنيا بصعيد مصر مفتوح أبدا للضيف ويخدمه بنفسه فى كرم غير مسبوق، بينما هو يأكل لقيمات صغيرة قليلة تعدها عدًا، لا يبخل بعزيز لديه ولا يرد أحدا طلب منه شيئا مهما غلا ثمنه أو قدره عن طيب خاطر ودون تفكير ولو لثوانٍ.

يهتم بالفقراء والأرامل والأيتام ويحض الأغنياء على طعام المسكين بقلب جرىء وبنبرة جادة حادة، كأنه محامٍ عن الفقراء حتى يأخذ لهم حقوقهم من الأثرياء، وله فى ذلك مواقف طريفة لطيفة، وربما تحامل على نفسه بما لا يستطيعه إلا أولو العزم من الرجال، ولا يطيقه إلا الكُمل من أهل الهمة العالية.

وتراه أكثر ما يهتم بالفقير الذى تتخطاه العيون ولا يفطن إليه ويتصيدهم من بين الجموع، وله فى ذلك «فراسة» سبحان من وهبه إياها، يسعى على مصالح الناس لاسيما الضعفاء لدى المسئولين والوجهاء دون تردد، أجرى الله على يديه الكثير من الكرامات والخوارق التى لا تكون إلا للأكابر، ومع ذلك لا يدعى لنفسه ولاية وﻻ مشيخة ولا حولا ولا طولًا.

 

كرامات «أبو الأحوال» المشهور.. مسجد سيدى على المصرى شاهد ودليل

ويذكر المستشار أسامة زكى، رئيس محكمة الاستئناف وأحد مريدى الشيخ: «من كرامات سيدى محمود الدماريسى الكثيرة معى، أننا كنا إذا زرناه يوم جمعة وجهنا سيادته للصلاة إما فى سيدى الفولى أو بمسجد بجوار بيته فى دماريس أول قرية بعد مدينة المنيا، ومرة سافرت المنيا منذ سنوات طوال، وفى بيت الأسرة تذكرت أول شيخ حفظنى قرآن، كان شيخا مباركًا اسمه الشيخ يوسف محمد إسماعيل وكان عمرى وقتها لم يتجاوز العشر سنوات كان أزهريا وقورا عالما راشدا، وكان وقتئذ يخطب فى مسجد سيدى فارس ويهز المنبر حسبما سمعت عنه ممن حضروا عليه».

وتابع: «كان يأتينى فى المنزل تكرما منه يرتل على قسطا من آيات القرآن الكريم وينتهى المجلس بأن يروى لى كل مرة قصة من السيرة أو من قصص الأنبياء، ولا أنسى مرة أصر فيها أن يصلى أمامى فكان يتعمد التثاؤب والعطاس حتى أعلم عمليا وأنا طفل أنهما لا يفسدان الصلاة، ثم سافر الشيخ يوسف داعية إلى الله فى أحد البلاد العربية وانقطعت أخباره».

وقال: «تذكرت كل هذا وعدت من رحلة الذاكرة التى أخذتنى للوراء ثلاثين عاما أو أكثر وتمنيت أن أعلم عن أخبار الشيخ يوسف وحياته من مماته، وذهبت للشيخ محمود وتناولت الإفطار، وعندما نوينا الخروج لصلاة الجمعة ركب الشيخ العربة وأخذ يوجهنا ناحية مسجد سيدى الفولى».

وأردف: «لكن سيادته أمرنا أن نتجاوزه وأخذ يوجهنا يمينا ويسارا، حتى أوقفنا عند مسجد يسمى مسجد سيدى على المصرى، وكنت أول مرة أدخله وأصلى فيه، ودخلنا وجلست فى آخر المسجد على كرسى، و استمعنا إلى خطبة ممتعة من خطيب فذ يأخذ بالقلوب بصوته العميق المؤثر وبعلمه الغزير وكلماته الرشيقة». 

وأوضح: «بعد الصلاة توجهت مع سيدى محمود إلى الخطيب فأمسك بيد شيخنا الدماريسى يقبلها فتفرست الرجل ودققت فى ملامحه، فإذ به سيدنا الشيخ يوسف، لقد تذكرته وذكَّرته بى فتذكرنى، وبكيتُ وبكى، فكانت ساعة من ساعات الفضل الإلهى أجراها الله على يد هذا العارف الصادق المتحرك بالله الملهم من الله».

 

«يا سيدى محمود مدد»

وتابع: «أنا و غيرى كنا على يقين من ولاية سيدى محمود الدماريسى وكشفه ومسارعة الله فى هواه، وكنت أعامله أنه ولى على قدم وصاحب حال مع الله، وربما عامله البعض أنه رجل بركة وفقط، فالشيخ كان عليه حجاب يحجب رؤيته من البساطة فى الزى وأسلوب الحديث، حجاب حجب العوام عن رؤية معانى الخصوصية فيه، ولم نك ندرى رتبته الباطنية وقتها».

وأردف: «فى ليلة تبعتها ليال جمعنى الله بشيخى الإمام الرائد سيدى محمد زكى إبراهيم بعد انتقاله وأوصانى بمزيد الأدب والاعتناء بالشيخ الدماريسى، فما فات كوم و القادم كوم آخر، فالأمر قد اختلف و الشيخ الدماريسى المستور فى جلبابه ولهجته الصعيدية أصبح قطب عصره الفرد الجامع، و تكررت المرائى والمشاهد فى هذا الخصوص، فراقبت حال سيادته صبيحة أول بشارة فوجدت حاله تغير وغلب عليه الجلال وأصبح يسيطر على مشاعرى أنا وسائر أحبابه أننا أمام سلطان مهاب جليل ليس هو الشيخ الذى كنا نعرفه ونتباسط معه».

وقال: «فى هذه الأيام كنت أرقب ترحيبه فى يقظته بأرواح أهل الله تباركه على تربعه على مقام القطبانية، وهو مقام يتقلده أعلى ولى لله فى عصره، وسمعته يداعب الإمام الجنيد بشأن لقبه تاج العارفين، ويغبطه بعبارات المحبة الراقية، وكان وكان، وبعدها أخذت الأحمال تتزايد عليه والأمراض تشد إليه الرحال فتذكرت بيت شيخنا فى قصيدة القطب: قالوا هل يمرض جسم القط.. فقلت وكيف به يسلم.. هو أكثر أهل الأرض من الأمراض على حُكم مُحكم.

 

«خد بالك من المساكين يا أحمد»

انتقل إلى جوار ربه فى يوم 11 من شهرالمحرم من عام 1436 الموافق 5 من شهر نوفمبر عام 2014، بعد أن طلب أن يتواصل هاتفيًا مع نجله الوحيد، الشيخ أحمد، وقال له: «خد بالك من المساكين يا أحمد وقول لا إله إلا الله».

وقال: «فى ساحة لنا كانت بمنطقة بحرى بالإسكندرية مجاورة لسيدى المرسى وسيدى ياقوت بعد أن قضى معنا آخر شهر ننعم بصحبته يخدمه فيها شباب ساحتنا الزهراء ونالوا بحمد الله كريم دعواته ومدد نظراته حتى انتقل مبرورا وصليت عليه فى الإسكندرية بعد أن شرفنى الله بالوقوف على غسله ثم بالإشراف على نقل جسده للمنيا وصلينا عليه ثانية بمسجد سيدى الفولى حيث خرجت المدينة عن بكرة أبيها يودعونه فى مشهد مهيب تعجب له المسئولون هناك، إذ لم تشهد له المدينة مثيلًا مع رئيس زائر أو حاكم ذى بال، وطاف بنا مراقد أهل الله فيها بطريقة قهرية لا قدرة للتحكم فى جثمانه حتى كان مستقره الأخير بساحة الشيخ الناظر الرفاعى بقرية الزاوية، حيث وجه الجميع إليها قهرا، وجدد بعض الأحباب مراقد الساحة الثلاثة والتى كانت مبنية بطريقة بدائية وبناء رابع لسيدى محمود الدماريسى وكأنه دخل المكان بخيره وكرم الله.

0dd9f264-babc-4ef7-85f0-bdd6dfa44687
0dd9f264-babc-4ef7-85f0-bdd6dfa44687
7a766ef7-00a4-4c20-9196-8853ff60ceb8
7a766ef7-00a4-4c20-9196-8853ff60ceb8
52c726f0-20e4-4695-b6fc-1d9cd1328aa0
52c726f0-20e4-4695-b6fc-1d9cd1328aa0
38472dec-cb02-4f63-bfbf-4684816824a6
38472dec-cb02-4f63-bfbf-4684816824a6
a989c653-dc4c-4c61-9886-c49552012106
a989c653-dc4c-4c61-9886-c49552012106
b51a6622-119e-4897-b33d-f62f88f67afd (1)
b51a6622-119e-4897-b33d-f62f88f67afd (1)
c9156edb-906b-488b-a13e-3a542c4f3fe2
c9156edb-906b-488b-a13e-3a542c4f3fe2
cc1ba8e3-1ded-453a-8281-67e7b0231446
cc1ba8e3-1ded-453a-8281-67e7b0231446
d0e6e66a-694f-45c7-b765-a93b570bcab2
d0e6e66a-694f-45c7-b765-a93b570bcab2
e20f38f1-4e49-4822-baf3-302535be5eca
e20f38f1-4e49-4822-baf3-302535be5eca
f6fc621b-ed79-46ad-9380-55a2c9e1e4f4
f6fc621b-ed79-46ad-9380-55a2c9e1e4f4