السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لعنة الفراعنة وتعويذة اللمبي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى زمن الثورة المعلوماتية لا يزال هناك من ينكر لعنة الفراعنة.. تخيلوا.. رغم أن أى متابعة لمواقع التواصل الاجتماعى تجعل الأعمى بصيرًا بتلك اللعنات، التى يتراشقها المصريون ليلَ نهارَ، بوصفها الشىء الوحيد الذى ورثوه عن أجدادهم.

وهذه اللعنات تجدها فى جميع الأوقات والمناسبات والاتجاهات، ففى المناسبات الوطنية ما إن تأتِ مثلًا سيرة 25 يناير أو 30 يونيو أو 23 يوليو، حتى ينهال تراشق اللعنات بين فراعنة (أ) وفراعنة (ب).. الفريق الأول يتهم الثانى بالمؤامرة، والثانى يرد عليه باتهامه بالخيانة، فإذا ما هلت علينا بشائر ذكرى عبد الناصر، تجد سجالًا بين كونه معصومًا من الخطأ، وبين أنه شيطان مريد، وفى الرياضة تنصبُّ اللعنات بين أولتراس فريق فراعنة (أ) ومهاويس فراعنة (ب). أما عن المجال الاقتصادى فهو ساحة كوليزيوم لأعتَى اللعنات الخبيرية التحليلية. وفى المجال الدينى ترى المعجزات والكرامات من أفاعيل السحر الفرعونى بكل صنوفه وملله.. خلية تمتشق سيفها لقطع ألسنة ورقاب مُهنِّئى النصارى بعيدهم، وتلاحقهم بلعنات الكفر، وكتيبة تصبُّ وتصيب الخلية بلعنة الإرهاب الرجيم.

وبين فراعنة (أ) وفراعنة (ب) تجد قلة مُتَّزِنين.. فراعنة عدم الانحياز، وهؤلاء تحاصرهم لعنات ثغرة ما، تتساقط عليهم من الجانبين: الأول يرميهم بتعاويذ التطبيل والتخاذل، والثانى بطلاسم الزئبقية والمراوغة.

وتظل مراكب الشمس تتخبط بين أمواج اللعنات، فلا تستطيع عبور النهار؛ لتصل لاستعادة الحياة من الأماكن التى كانت مقدسة، بفعل لعنة أبوفيس.

ويتحول المشهد إلى معبد لعنات، يقدم فيه النُّسَّاكُ قرابينَ رجمٍ لمن أساء لامرأة ما (حقيقة أو خيالات، بسبب أو بدون) فى مشهد جنائزى يُسوِّد صفحة التواصل الاجتماعي، التى تضجُّ بالولولة والنحيب بشكل يجعلك تقلب الدنيا للبحث عن ذلك الكائن اللعين الذى فتح بالوعة الندب تطفح فى وجوهنا.

ورغم أن كلا الفريق لن يحصل على أى مكاسب سوى تبادل اللعنات، إلا أنه فى تلك الملحمة السوشيالية هناك فى الصفوف الخلفية (التى هى فى الحقيقة أمامية) مَن يجنى غنائم اللاعنين والملعونين من المُعلِنين والرعاة الرسميين وغير الرسميين.

وككل شيء فى حياتنا.. وكنظام شعب خارج النظام والمنطق.. فإنك دائمًا ما تجد وسط هذه اللعنات من يحلو له الشذوذ عن القاعدة، بتعكير صفو الغَمِّ، من خلال دَفْسِ منشورات من سلالة الكوميديا السوداء المتحورة؛ لينتزع الضحكات المنفلتة من وقارنا النكدى، ويجاهر بالضحك دون مراعاة لمشاعرنا، وهؤلاء لا يستحقون إلا تعويذة اللمبى الخالدة: "إنتو حثالة المجتمع وطفلة الحشرة".