الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التسامح وغلاء الأسعار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ما الذي يحدث؟ ولماذا تغلب المصلحة الخاصة على المنفعة العامة؟ أين التسامح ودور الأزهر والكنيسة في الحد من هذا الجشع الذى يواجه المصريين في غلاء الأسعار؟ وماذا نفعل؟ 

كل هذه الأسئلة لا يخلو منها عقل مصري في ظل استغلال تام للأزمات من قبل كبار التجار والشركات التى ارتكنت إلى عدم وجود رقابة صارمة على الأسواق، وفي ظل أدوات السوق الحُر الذي لا يمكن الوصول فيه إلى تسعيرة جبرية يمكن تطبيقها. 

وفي ظل جهاز حماية مستهلك لا يشعر به أحد، ولكن في الحقيقة أين ثقافة التسامح في البيع والشراء كما نصت عليها الأديان السماوية؟ فالإسلام حثَّ على التسامح، ومن معاني التسامح التساهل بين أفراد المجتمع؛ مما يُحقق صالح حالهم وأحوالهم، وضمن ذلك البيع والشراء؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى". فتناولت الصورة البلاغية للنبي فى الحديث الأخلاق السامية في معاملة التاجر للمشتري والقِيم النبيلة في التجارة التى تُراعي حال ألافراد والمجتمع، حتى لا يبالغ البائعُ في الربح بل يقتنع باليسير مه؛ فيتحقق له الغنى فى الدنيا والرِّبح فى الآخرة، أما الذين يبالغون في الربح فهم من أهل الفظاظة لا السماحة، والإسلام حرَّم الاستغلال والاحتكار للسلع والإضرار بالمواطن لتحقيق أموال طائلة مستغلا أزمات اقتصادية؛ لذا وجب على الأزهر وعلى دُعاة الأوقاف وأئمتهم التذكير والتوعية بنشر ثقافة التسامح التى تجلب الأُلفة والمحبة وتحقق مصالح البائع والمشتري .

ولا يقتصر الأمر على رجال الأزهر والدعاة بل أيضًا على رجال الكنيسة ومخاطبة الوازع الديني لدى التجار، ففي مقال لقداسة البابا شنودة الثالث نُشر في جريدة أخبار اليوم بتاريخ 27-07-2007  بعنوان "المال الحرام في التجارة والمعاملات"، أكد فيه أن الجشع ورفع الأسعار يعد مالًا حرامًا؛ حيث ورد فى مقاله "فرفع الأسعار بطريقة غير معقولة ولا مقبولة، يدخل في نطاق السرقة؛ لأنه ابتزاز لمال المشترى... إن الله يسمح للتاجر أن يربح في حدود المعقول، أما الربح الفاحش الذي يتضح فيه الجشع؛ فإنه خالٍ من الرحمة. 

وعن تخزين البائع للبضاعة وفرض سعر خيالي لبيع هذه السلع والتلاعب بالسوق فقد أصبح هذا مصدرًا للمال الحرم وتعد الزيادة الفاحشة في السعر مالًا حرامًا يدخل بيته فيتلفه، فالمسيحية تدعو إلى العدل والأمانة في العلاقة بين البائع والمشترى، وحذرت التجار من الطمع وشهوة الغنى، فقد ورد فى الكتاب المقدس في سفر الأمثال الفقرة (15: 16): "إن القليل مع مخافة الرب خير من كنز عظيم مع هم"، وقد ورد فى الاستغلال فى سفر يشوع بن سيراخ الفقرة (16: 14): "لا يفلت الخاطئ بغنائمه، ولا يضيع الرب صبر التقى"، وورد في العهد القديم في سفر الأمثال الفقرة (11:26): "محتكر الحنطة يلعنه الشعب والبركة على رأس البائع". فأزمة الغلاء التى نعيشها لن تحل بيد الحكومة فقط بل بتكاتف مجتمعي لمواجهة المستغلين لمثل هذه الأزمات.