الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أزمة الطاقة تضرب أجواء الأعياد.. والكريسماس في أوروبا على أضواء الشموع

شجرة الميلاد
شجرة الميلاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وسط استعداد عالمي يليق باستقبال أعياد الميلاد المجيدة والكريسماس، يعيش العالم حالة من التحديات الجسيمة بين أزمات التغيرات المناخية التي باتت تهدد البشرية كلها من جانب، واستشراء الفيروسات المستحدثة تارة أخرى، وحروب ضروس دخلت على خط فبراير الماضي وضع بلاد الجمال في خانة احتفالات الظلام، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وآلت الظروف بسكان وقاطني أوروبا العجيبة للتشرذم والرحيل هنا وهناك.

لم يطرأ على عقل أحد ما تعيش وتعاني منه دول أوروبا حاليًا في ظل أزمة الوقود والطاقة على خلفية الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا مما جعل بلاد العجائب تستعد لاستقبال الأعياد بشعار «الترشيد في الاستهلاك»، وتخفت أضواءها لأشجار الميلاد بينما تشع أنوار موسكو الأجواء.
رغم تحديات العامين الماضيين جراء جائحة كورونا التي سادت العالم كله لم تتأثر الدول الأوروبية بصورة كبيرة على خلفية الأزمة العالمية بينما حاولت الاحتفاظ على التقليد المعتاد في استقبال الاحتفال بالأعياد من مراسم البهجة واضاءة الأشجار والزينة في الميادين الكبرى والعالمية.


الاحتفال المنقوص

الظلام الدامس أو إضاءة الشموع هو المنفذ الوحيد لإحياء الاحتفال بالعيد بعدما رفع دول أوروبا شعارات ترشيد وتقليص الاستهلاك للطاقة لما تعانيه القارة من تبعات الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي كانت الأولي هي أكبر منافذ الطاقة والغاز للقارة كلها، ولاسيما بأن مخاطر جسيمة تنتظر سكان أوروبا وبخاصة كبار السن والأطفال جراء عدم توافر الطاقة وشتاء قارص على الأبواب، ولم يعد مجالا للمزيد من الأشجار والأنوار حتى تبث الأمل والثقة في المستقبل حسبما يرى البعض في شجرة الميلاد.

يبدو أن التحديات ترمي ظلالها على احتفال في بسبب أجواء ملبدة بالغيوم وتغزوها رائحة البارود تهًب علينا من  شمال أوراسيا، ووسط مناشدات أوروبية للبلدان ومواطنيها بالترشيد والحد من نشر أشجار الميلاد، تشهد روسيا مزيجا فريدًا في الاستعدادات للاحتفال التي عادة ما تتزايد  في موسكو العاصمة وجموع مدن روسيا.

بينما أعلن بعضها ادخار الإنفاق لصالح العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا، ومنها مدينة سان بطرسبرج التي أعلنت إلغاء جميع احتفالات الكريسماس وأعياد الميلاد، التي سيشهدها العالم خلال الفترة المقبلة مع قدوم نهاية العام وبداية سنة جديدة؛ من أجل تخصيص جميع التكاليف لخدمة الجهود الحربية والعسكرية.
وأكدت تكريس الأموال لخدمة العملية العسكرية بأوكرانيا، من خلال تمويل المتطوعين بالحرب وخدمة العملية العسكرية بأوكرانيا بمختلف الطرق، وأن يتم إيداع جميع الأموال في حساب رسمي باسم المحافظة ليتم صرفها على خدمة الجهود الحربية في البلاد.

وعلى الصعيد الآخر أعلنت موسكو زيادة لجميع الجنود الذين تم تجنيدهم وحشدهم خلال التعبئة الجزئية؛ ليحصلوا على 100 ألف روبل، فيما يحصل المتطوعون بالحرب على 300 ألف روبل.


بينما كانت الكنيسة الأوكرانية لها تصريح مُقْتضِب عن الاحتفالات بالكريسماس حيث قال المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية إنه سيتم جمع البيانات لمعرفة عدد المصلين الحاضرين للصلاة في 25 ديسمبر، الذى سيأتى يوم أحد هذا العام.

 وتابع: «لا نريد أن نجبر أحد.. نتفهم أن هذا لا يحل شيء، أنا شخصيا سأقرر ما سأفعله بعد الحديث مع رعيتى، ومن الأفضل تعزيز هذه العملية ببطء وبنجاح».
ويرجع ذلك إلى أن الأوكرانيين ظلوا يحتفلون طوال القرون الماضية بعيد الميلاد في السابع من يناير، ولكن في أعقاب الغزو الروسى لأوكرانيا في فبراير، سمحت الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا لأتباعها، ولأول مرة، بالاحتفال بعيد الميلاد في 25 ديسمبر، في خطوة للابتعاد عن روسيا والاتجاه نحو الغرب.
وتحاول جاهدة الكنيسة الأوكرانية تعزيز مسارها مع الدولة باتاحة فرصة اقامة الصلاة الدينية في 25 ديسمبر والذى أصبح عطلة رسمية.

شجرة الكريسماس 
تعد شجرة الكريسماس عادة شائعة عند الكثيرين من الناس، في غالبية البلدان والقارات حيث تنصب قبل العيد بعدة أيام وتبقى حتى عيد الغطاس، ولا يوجد لها رابط ديني أو دلالة في الكتاب المقدس- بحسب موقع تكلاهيمانوت التابع للكنيسة القبطية، بينما هي عادة بدأت الفكرة ربما قد بدأت في القرون الوسطى بألمانيا، الغنية بالغابات الصنوبرية الدائمة الخضرة، حيث كانت العادة لدى بعض القبائل الوثنية التي تعبد الإله «ثور» إله الغابات والرعد أن تزين الأشجار ويقدم على إحداها ضحية بشرية.
تقول إحدى التحليلات أنه في عام 727 أو 722م أوفد إليهم القديس بونيفاسيوس لكي يبشرهم، وحصل أن شاهدهم وهم يقيمون حفلهم تحت إحدى أشجار البلوط، وقد ربطوا طفلًا وهموا بذبحه ضحية لإلههم «ثور» فهاجمهم وخلص الطفل من أيديهم ووقف فيهم خطيبًا مبينًا لهم أن الإله الحي هو إله السلام والرفق والمحبة الذي جاء ليخلص لا ليهلك. 

وقام بقطع تلك الشجرة، وقد رأى نبتة شجرة التنوب «شجرة الكريسماس الحالية»، فقال لهم إنها تمثل الطفل يسوع. كما أنه يمكن أستخدم أخشاب هذه الشجرة البسيطة لبناء بيوتكم،  فلتجعلوا المسيح هو حجر الزاوية في منازلكم، فهو يهِب حياتكم الاخضرار الذي لا يذبل، لتجعلوا المسيح هو نوركم الدائم، وأغصانها تمتد في كل الاتجاهات لتعانِق الناس، وأعلى الشجرة يشير إلى السماء، فليكن المسيح هو راحتكم ونوركم". – وفق الرواية.
وهناك عدة تحليلات أخرى لنشأة شجرة الميلاد ولكن أكثر ما نلاحظه أن بداية وضعها رسميًا هكذا بدأ في القرن السادس عشر في ألمانيا أيضًا في كاتدرائية ستراسبورج عام 1539 ؛ وهناك اختلاف في الاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة وفق التقويم القبطي والتقويم اليولياني وغيرها ولذا يحتفل غالبية البلدان الغربية في 25 ديسمبر بعيد الميلاد المجيد بينما الشرق يحتفلون في السابع من يناير.
أزمة الطاقة تولد الأختراع..

توفير الطاقة

في ظل دعوات موجهة إلي الألمان بضرورة إطفاء أضواء عيد الميلاد خلال الشتاء القادم، لتوفير الطاقة بسبب النقص الطاقة، وكذلك لأسباب تتعلق بحماية المناخ، وقد يكون أحد الحلول هو تقليل إضاءة عيد الميلاد إلى شجرة مضيئة واحدة لكل منطقة، وان هناك ضرورة اتخذ الناس قرارات واعية للتخلي عن أشياء معينة، وتوفير الطاقة وإظهار التضامن.
وعلي خطي واحدة اعلنت العاصمة المجرية بودابست  تنطفئ الأضواء على طول شارع أندراسي، والذي يشار إليه غالبًا باسم الشانزليزيه في المجر، وفي فرنسا ستراسبورج يستهدفون تقليل استهلاك الطاقة الحد من إضاءة الشجرة المركزية في سوق عيد الميلاد الشهير في ستراسبورج، والذي يجذب مليوني شخص كل عام، وفي باريس أعلن المسئولون لاستبدال المصابيح إلى لمبات الليد واستخدام المصادر المتجددة للطاقة، وخفض الإضاءة في شارع أكسفورد بلندن بمقدار الثلثين، وفي بلدة بورنو الجبلية الإيطالية، أعلنوا راكبى الدراجات على دراجات ثابتة الطاقة لشجرة عيد الميلاد في المدينة عن طريق تزويد البطاريات بالطاقة الحركية، حيث يمكن لأي شخص القفز، وكلما زادت سرعة الدواسة، كانت الأضواء أكثر إشراقًا.
وفي إيطاليا، تضيء العديد من المدن عادةً أشجار عيد الميلاد في الساحات العامة في 8 ديسمبر، ويناقش المسئولون في مدينة فيرونا الشمالية قصر الإضاءة على عدد قليل من شوارع التسوق الرئيسية واستخدام المدخرات لمساعدة الأسر المحتاجة.

لم تتوقف الأزمة عن قارة أوروبا بينما امتدت لدول تخضع لقارة آسيا في صورة دول عربية مجاورة منها لبنان وسوريا، حيث يعاني كلاهما أزمة الطاقة بكل أشكالها نظيرًا المتغيرات والمستجدات السياسية والإقليمية والاقتصادية التي عاشتها من أزمات خلال الآونة الأخيرة.

الأمر الذى دفع البابا إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، مبادرة تحت عنوان «عيد ميلاد دافئ» لمساعدة العائلات في سوريا ولبنان، في شراء مادّة المازوت للتدفئة قبل عيد الميلاد بكمية بكمية تصل لـ‎100‏ ليتر من المازوت للعائلة الواحدة.
ونادٍ المطارنة وأبناء الكنيسة والمجالس والجمعيات من كل إبارشيات الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في أوروبا وأمريكا ودول الخليج العربي أن يساهموا في مساعدة الأشقاء بتلك البلدان.
وقال في نداء وبيان رسمي صادر عنه، بعد السلام بالربَ والدعاء وإهداء البركة نقول: «في هذه الأيام المباركة؛ نستعدّ لاستقبال عيد ميلاد السيد المسيح المسيح الذي ولد في مغارة بيت لحم، في ليلة شديدة البرد واجتمعت الخليقة حوله من خلال الملائكة والرعاة والحيوانات لتؤمّن له الدفء فأصبح الحدث العظيم ميلادًا دافئاً».
وأشار إلى أن الوضع الاقتصادي المتردّي في سوريا ولبنان يزداد وطأةً على المواطنين بشكل عام؛ وعلى أبناء كنيستنا السريانية بشكل خاص. فتضاعفت معاناة أبنائنا الروحيين بسبب الغلاء وتِأزم المعيشة وصعوية شراء المواد، الأساسية إن توافرت.
 

عيد ميلاد دافئ

وأطلق مبادرة «عيد ميلاد دافئ» لتأمين شراء مادّة المازوت للتدفئة لأكبر عدد من العائلات قبل، عيد الميلاد بكمية ‎100‏ لتر من المازوت للعائلة الواحدة والذي بات سعره يتعدّى الدولار ونصف الدولار للتر الواحد، متطلعا أن يتعاون الجميع لمساعدة إخوانهم في سوريا ولبنان والتضامن معهم.
واختتم بآية من الكتاب المقدس: «مذكّرين الجميع أنّ الربَ يحبّ المعطي بسرور وهو الذي قال: (كلّ ما فعلتموه لإخوتي هؤلاء الصغار) فلي قد فعلتموه'، وأنه عين الرتّان أندراوس بحي من أمانة سرّ البطريركية للإشراف على هذه المبادرة». 
ويظل السؤال الحائر هنا هل تستمر الحالة في صورة التبرع أو الترشيد أم ستكون هناك حلولا بديلة، وما سيحمل العام الجديد من أسرار وكواليس على الأصعدة العالمية والإقليمية وسط تحديات طاحنة طالت غالبية البلدان والدول في وقت وجيز.