الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

أسرار بردية ريند المصرية في الحساب والهندسة

البردية
البردية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعتبر بردية ريند المصرية في الحساب والهندسة من أشهر البرديات التي تركها المصريون القدماء وتؤرخ الفترة الانتقالية المصرية الثانية (عن أصلية تؤرخ بعصر الملك أمنمحات الثالث)، ونشأتها في واست (طيبة) الأقصر حاليا، أما خط الكتابة فيها فهو المصرية الهيراطيقية، وطول البردية 536سم، وعرضها 32سم، ومكان عرضها هو المتحف البريطاني، بلندن.

والبردية، هي أفضل مثال على الرياضيات والهندسة المصرية القديمة، حيث سميت على اسم ألكسندر هنري ريند، الأثري الإسكتلندي، الذي اشترى البردية عام 1858 في الأقصر بمصر والتي يرجح أنه تم العثور عليها أثناء أعمال تنقيب غير قانونية في أو بالقرب من الرمسيوم وترجع إلى حوالي عام 1650 ق.م. بالمتحف البريطاني، وحيث تحفظ حالياً معظم البرديات، استحوذ عليها عام 1865 مع اللفائف الجلدية الرياضية المصرية، التي كان يملكها هنري ريند وهي مجموعة قصاصات صغيرة محفوظة في متحف بروكلين في نيويورك ومفقود منها القسم الأوسط بعرض 18 سم. 

وهي واحدة من برديتين رياضياتين شهيرتين، والثانية هي بردية موسكو الرياضية، بردية ريند أكبر من بردية موسكو الرياضية، بينما تعتبر الأخيرة هي الأقدم (عصر الأسرة الحادية عشر)، وهي بردية يرجع تاريخها إلى ما بين عام ألفين وألف وسبعمائة قبل الميلاد ولكن هذه البردية نفسها تشير إلى كتابات رياضية أقدم منها بخمسمائة عام وهي تحسب سعة مخزن للغلال أو مساحة حقل وتضرب لهذا الحساب أمثلة ثم تنتقل من هذا إلى معادلات جبرية من الدرجة الأولى مع حلولها، كما تتناول البردية درجة ميلان الاهرامات وقياساتها وأبعادها ومساحاتها وعلم المثلثات.

 وكل ذلك نتيجة لتراكمات معرفية بعلم الهندسة بدأ مع أول اهرامات مصر، هرم زوسر بسقارة وانتهاءا بهرم أمنمحات الثالث نفسه (تلى عصر هذا الملك الذي كتبت البردية فيه سلسلة من الاهرامات الاخرى انتهت بأخر هرم وهو هرم الملك أحمس محرر مصر من الهكسوس، حيث تذكر ذات البردية مقطفات عن استراتيجياته العسكرية كذلك ضد الهكسوس) لتؤكد البردية بذلك على علم دقيق عند المصري القديم بخصوص علم الهندسة والرياضيات وبناء الاهرام.

 بالاضافة إلى ذلك تتناول البردية بعض النظريات الرياضية على غرار ما يسمى بـ"نظرية فيثاغور" و"نظرية طالس" ومما لا شك فيه فإن هذه البردية هي نتاج علوم أقدم في علم الهندسة والبناء في مصر القديمة خاصة وأنها تتناول هندسة الاهرامات من درجات ميلان وانحناء ومساحات واحجام وأبعاد هندسية، وحفظت لنا الدهور وثائق تكفي لتجميع صورة واضحة عن طرق وأساليب علوم الرياضيات لدى المصريين القدماء، وتعد بردية ريند من أوسع هذه الوثائق شمولاً ولا تتناول البردية أطروحة نظرية، بل تستعرض قائمة من المسائل العملية التي تواجه الناس في مختلف مجالات الإدارة والبناء، حيث يغطي النص 84 مسألة تتعلق بالمعادلات الرقمية، وحل المشكلات العملية، وحساب الأشكال الهندسية. 

وكانت غالبية المصريين الملمسن بالقراءة والكتابة يزاولون مهنة الكاتب، حيث اشتملت واجباتهم الوظيفية على أداء عدد من المهام المختلفة التي تستدعي منهم بعض المهارات الرياضية إلى جانب مهارات الكتابة ولبردية ريند الرياضية أهمية إضافية كوثيقة تاريخية، حيث سطر الكاتب فيها أنه يحررها في العام 33 من حكم أبوفيس، الملك قبل الأخير من الأسرة الخامسة عشر، أي إبان عهد احتلال الهكسوس (نحو 1650-1550ق.م.)، كما أضاف أنه ينسخها من بردية أصلية تعود إلى عهد أمنمحات الثالث (الأسرة الثانية عشرة). 

وعلى الوجه الآخر من البردية، يذكر الكاتب "السنة 11"، إلى جانب إشارة إلى الاستيلاء على بعض المدن المصرية والأرجح أن هذا يشير إلى القتال بين المصريين والهكسوس قبيل بداية عصر الدولة الحديثة (1550-1070ق.م.). ومع ذلك، لا نستطيع الجزم بهوية هذا الملك الذي مضى على عهده ١١ سنة حين تم تدوين هذه البردية، وكان المحامي الاسكتلندي ألكسندر هنري رايند قد اقتنى هذه البردية إبان إقامته في الأقصر في 1858 وهي اليوم بالمتحف البريطاني بلندن.