الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

المطران إبراهيم: أتمنّى أن يبقى لبنان في كنف الله وقلبه وفكره

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

احتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إبراهيم مخايل إبراهيم، مساء السبت الماضي، بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة مار الياس- شتورة، بمشاركة كاهن الرّعيّة الأب اليان أبو شعر والأب شربل راشد، وبحضور فعاليّات البلدة وأبنائها.


قبل بداية القدّاس، كانت كلمة ترحيب من المختار إيلي صوما أعطى فيها لمحة تاريخيّة عن البلدة، كما ألقى الأب أبو شعر كلمة شكر فيها المطران إبراهيم على محبّته.

وبعد الإنجيل المقدّس، كان لإبراهيم عظة قال فيها: "في هذا المساء المبارك لم نجتمع اثنين أو ثلاثة فقط لكنّنا اجتمعنا عشرين أو ثلاثين فيكون الرّبّ معنا وبيننا يبارك اجتماعنا، يبارك أفكارنا وحياتنا، يحوّلنا إلى الأفضل، يرفعنا إلى الأعلى ويشبعنا من خيراته الرّوحيّة. الله لا يتركنا في زمن الشّدّة والتّجارب بل يضاعف حضوره فينا وبيننا كلما قست علينا الظّروف وكلّما واجهنا المشاكل والهموم والجدران المقفلة، نجد أن لا شيء يخلّصنا، نظنّ أنّ كلّ شيء قد انتهى، أنّ المشكلة الّتي نعيش فيها ستقضي علينا وتنهينا، هذا هو تفكيرنا الاعتياديّ الّذي نردّده في فكرنا كلّ يوم مئات المرّات لأنّ هذا الوضع الضّاغط يجعلنا ضحيّة سهلة، ولا ينقذنا من هذا الوضع إلّا الإيمان بأنّ الله لا يتركنا، الله يكون معنا كما نردّد خلال فترة الصّوم المبارك "إنّ الله معنا فاعلموا أيّها الأمم وانهزموا لأنّ الله معنا".

وتابع: “أنتم جزء من تاريخ عريق في هذه المنطقة كما سمعت في كلمة الأستاذ إيلي صوما الجميلة والرّائعة. ربينا ونحن صغارًا على الأسماء الكبيرة من المدن والقرى اللّبنانيّة المهمّة، وكانت شتورة في أعلى قائمة هذه الأسماء. عندما مررنا للمرّة الأولى في شتورة كان عيدًا بالنّسبة لنا وما زال، واليوم وجودي معكم عيد لأنّ شتورة قلب الوطن النّابض في موقعها الجغرافيّ وتاريخها وأهمّيّتها”.  

وأضاف، نجتمع اليوم بعدد قليل من المؤمنين، لكن معنا رئيس البلديّة والمختار وكلّ الوجوه الطّيّبة الّتي صنعت الوقت، فالإنسان لديه أشياء كثيرة يفعلها، لكن عندما يتمّ الاختيار على شيء نفعله يكون شهادة على أنّ ما نفعله هو الأهمّ بالنّسبة لنا. ولا شيء أهمّ من أن نجتمع مع بعضنا البعض في بيت الله، في هذه العُلّيّة. عند دخولي شعرت أنّه كما اختبر التّلاميذ عندما كانوا مجتمعين في العلّيّة خائفين من اليهود، كانت الدّنيا قد اسودّت في وجههم، لم يعرفوا ماذا ينتظرهم، وفجأة وهم يصلّون نزل عليهم الرّوح القدس بشكل ألسنة ناريّة وحوّلهم وغيّرهم. كانوا اثني عشر غيّروا العالم، واليوم نحن أكثر بكثير وليس مطلوب منّا أن نغيّر العالم بقدر ما هو مطلوب منّا أن نغيّر ذواتنا.

 وأردف، إذا الإنسان غيّر ذاته يكون قد غيّر العالم كلّه لأنّنا جزء لا يتجزأ من هذه الدّنيا، من هذا الكون كلّه وليس فقط البشريّة، الخليقة كلّها في مجالها اللّامحدود. نحن نقطة صغيرة مجهريّة في هذا الكون اسمها الأرض، هذه النّقطة الّتي نعيش عليها تسبح في الفضاء وهي غير مرئيّة، بالرّغم من ذلك الإنسان يقف عليها أكبر من الكون بأٍسره الّتي تسبح فيه، هذه هي الإرادة الإلهيّة أن يكون الإنسان أهمّ مخلوقاته ويعطيه سلطان على كلّ المخلوقات الأخرى وأوجده على صورته ومثاله مع كرامة لا يستطيع أحد أن يحصل عليها إلّا من الله، ولا أحد يستطيع أن يسرقها منّا لأنّها عطيّة من الله.

أحيانًا نقول إنّنا قد لا نرى الرّوح القدس ينزل علينا وهذا صحيح لأنّنا أخذنا الرّوح القدس في يوم معموديّتنا عندما ختمنا بختم موهبة الرّوح القدس، وهذا الختم يعطى لنا مجّانًا أن نعيش في هذا الكنز المعطى لنا كلّ مدّة حياتنا، لذلك نحن نقول إنّ الأسرار تعطى مرّة واحدة لأنّها لا تتكرّر كالمعموديّة والتّثبيت والكهنوت والزّواج. هذه الأسرار تعطى للمؤمنين مرّة واحدة لا تتكرّر لذلك الكنيسة لا تؤمن بالطّلاق على سبيل المثال، المحاكم الكنسيّة تعلن بطلان الزّواج الّذي من أساسه لم يتمّ بحسب قانون الكنيسة وبحسب إرادة الله. الرّوح القدس أعطي لنا مرّة ويستقرّ فينا للأبد، لا أحد يستطيع أن ينزعه منّا. لذلك نحن اللّيلة نختبر من جديد، كلّ مرّة نجتمع في سرّ من أسرار الكنيسة، من أسرار الإله نعيش من جديد مفاعيل هذه الأسرار في حياتنا ونجدّدها فينا ونتلقّى من جديد محبّة الله لنا وحضور الرّوح القدس فينا وخلاص يسوع المسيح الأقنوم الثّاني من الثّالوث الأقدس. كلّما تواصلنا مع الله في الصّلاة والأسرار والحياة اللّيتورجيّة وفي الصّلاة الشّخصيّة نجعل الثّالوث الأقدس كلّه يتحرّك وهذه قوّة الإنسان. الله دائم الحضور، في اللّاهوت المسيحيّ يقول التّعريف الأهمّ إنّ الله هو الحضور الدّائم، وليس هناك ماضٍ أو مستقبل عند الله هو دائمًا حاضر، ونحن عندما ندخل في حياة الله، ندخل في هذا الحضور الدّائم ونصبح بالفعل جزءًا منه.

أتمنّى أنّ لبنان الّذي كان معبدًا كبيرًا، بيتًا كاملاً لله وليس فقط الكنيسة، لبنان أرض منذورة لله القدير وهذه الأرض لا تعيش في الماضي ولا تعيش في الأحلام المستقبليّة، لكن تعيش في الحاضر. أتمنّى أن يعيش لبنان في حاضر الله أيّ أن يبقى في كنف الله وقلبه وفكره، وعندما نكون قريبين لهذه الدّرجة من الله لا يستطيع أيّ تحدٍّ أو مشكلة اقتصاديّة أو أيّ فساد أن يخوّفنا لأنّهم عابرين بينما الله هو الثّابت ونحن ثابتون في ثبات الرّبّ فينا.  

إن شاء الله مستقبل شتورة ومستقبل الجماعة المصلّية معنا اللّيلة يكون أفضل من الحاضر ومن الماضي لكي نتابع مسيرة الشّهادة لحضور الله في هذه المنطقة، وأنا دائمًا أردّد وأقول إنّه من المستحيل ألّا يكون السّيّد المسيح قد زار هذه المنطقة.

أطلب من الرّبّ أن يبارك كلّ الحاضرين ويبارك كاهن الرّعيّة الأب اليان أبو شعر الّذي يعطي من كلّ قلبه ويحبّكم جدًّا، وإن شاء الله نلتقي دائمًا على المحبّة."

وبعد القدّاس بارك المطران ابراهيم مغارة الميلاد الّتي أقيمت في القبو تحت الكنيسة.