الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

قمة المناخ.. هل تعيد مبادرة "FAST" ضبط ميزان الأمن الغذائي في العالم؟.. "القصير": نستهدف تنفيذ إجراءات ملموسة لتحسين العمل المناخي.. وخبراء: الزراعة حجر الأساس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مبادرة جديدة تكشف عنها فعاليات مؤتمر المناخ COP27، وهي مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام "FAST"، حيث تسعى إلى تنفيذ إجراءات ملموسة من شأنها أن تؤدي إلى تحسين العمل المناخي وكمية ونوعية مساهمات التمويل للتحول المستدام للأنظمة الزراعية والغذائية بحلول عام 2030، حسبما أعلن السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي. 

ومن المقرر أن تتضمن المبادرة عدة مبادئ إرشادية متمثلة فى ضمان انعكاس بُعد الأمن الغذائي وتنوع النظم الزراعية والغذائية في الأنشطة، كذلك تحرص على تفعيل وسائل تمويلية مبتكرة بدعم من المؤسسات المالية الكبرى إلى جانب شراكات القطاع العام والخاص كدليل على الجدية وان يكون هذا التمويل مصحوبًا بتوفير التكنولوجيا اللازمة.

وقال وزير الزراعة، إن مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام "FAST"، والتي تمثل فرصة للدول المشاركة فيها ولشركاء التنمية لمساعدتها للحصول على التمويل لتمكينها من مجابهة هذه التغيرات.

وستكون عبارة عن شراكة متعددة لأصحاب المصلحة تعمل كمسرّع للتحول المستدام للنظم الزراعية والغذائية، وبالتعاون مع المبادرات والتحالفات والائتلافات العالمية والإقليمية ذات الصلة خاصة، حيث يوجد تقارب في نهج المبادرة و" عمل كورونيفيا المشترك بشأن الزراعة"، بحسب تصريحات الوزير الذي لفت الى أنه لحوكمة المبادرة ستقوم منظمة الأغذية والزراعة بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى بدور الميسر المحايد، وتوفير الموضوعية والاستقلالية والمصداقية التي تعد شروطًا مسبقة لنجاح المبادرة.

وسيتم تطويرها لتصبح كبرنامج تعاون بين اصحاب المصلحة المتعددين مع عقد اجتماعات سنوية للأعضاء للاتفاق على برنامج العمل، حيث تركز المخرجات الملموسة لها في البداية على 3 ركائز أساسية وهي: ركيزة الوصول إلى التمويل من خلال تعزيز قدرات البلدان على تحديد التمويل والاستثمار في مجال المناخ والحصول عليهما، وركيزة المعرفة والقدرات والتي تهدف إلى توفير التحليلات اللازمة ووضع مبادئ توجيهية طوعية لدعم تنمية القدرات بين أصحاب المصلحة من خلال توفير منصة لحصاد وتبادل ونشر المعرفة، فضلا عن ركيزة السياسات والتي تهدف إلى ضمان إدماج نظم الاغذية الزراعية ادماجًا كاملا واعطاءها الاولوية والأهمية اللازمتين في سياسات تغير المناخ.

تغير المناخ.. آثار سلبية تدمر الزراعة 

وسلط “القصير” الضوء على أضرار تغير المناخ على قطاع الزراعة، حيث أكد أن تغير المناخ يعتبر هو القضية الأهم في الوقت الحالي وتشغل بال جميع الدول والمؤسسات الدولية، فالآثار العالمية لتغير المناخ واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم والخسائر، ولعل العالم كله قد تابع باهتمام بالغ هذا الكم الكبير من الحرائق والفيضانات والسيول والجفاف الذى أصاب مناطق متفرقة من العالم لم يسبق أن تعرضت لمثل هذه الظواهر من قبل، لافتا الى ان الدول النامية تعد الأكثر تضررًا من التغيرات المناخية رغم ضآلة مساهمتها في انبعاثات الغازات الكربونية العالمية، وأن الدولة المصرية هي واحدة من أقل المساهمين في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إذ تبلغ نسبتها 0.6 ٪ فقط، إلا أنها تعتبر واحدة من الدول كغيرها من الدول الأفريقية التي تتأثر بشكل كبير بتغير المناخ.

وأوضح ان الدراسات تشير إلى أن 20 دولة (وهي الدول الصناعية الكبرى) هي المسببة لأكثر من 80% من الانبعاثات الكربونية، ومن ثم فإنه يجب على هذه الدول والمؤسسات الدولية التأكيد على خفض الانبعاثات من الغازات الكربونية جنبًا إلى جنب مع دعم الدول النامية الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية، خاصة وان هذه الدول يجب الا تعتمد في تمويل برامج التكيف والتخفيف والتحول العادل على القروض مما يزيد من الاعباء على موازنتها، بل يجب ان يتحقق الالتزام الدولي بالوفاء بالتمويل الميسر والمحفز.

وذكر القصير أن السوابق التاريخية توضح أن معظم المشاكل على سطح الأرض هي من صنع البشر وبالتالي يجب أن تُحل من خلال البشر أنفسهم، مستشهدا بكلمة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي – رئيس جمهورية مصر العربية خلال منتدى الشباب في يناير 2022 حيث قال سيادته: إن الإنسان هو المخلوق الوحيد الموجود على الأرض القادر على الإصلاح والإعمار بقدر ما هو قادر على التدمير، وأن وجود الخطر لا يمنع من وجود سبيل لمجابهته. وأيضًا اتساقًا مع ما قاله السيد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة "ان البشر يشنون حربًا انتحارية على الطبيعة ولكنهم قادرون على ايجاد الحلول".

واستطرد وزير الزراعة أن تغير المناخ يمثل تهديدًا وجوديًا للكثير من الدول والمجتمعات على نحو لم يعد ممكنًا معه تأجيل تنفيذ التعهدات والالتزامات ذات الصلة بالمناخ، حيث سيكون التكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية أكثر صعوبة وتكلفة في ‏المستقبل وضياع لحقوق الأجيال القادمة إذ لم يتم القيام باتخاذ اجراءات جذرية لمكافحة التغيرات ‏المناخية الآن، مشيرا الى ان النظم الزراعية والغذائية في العالم معرضة بشكل متزايد لتغير المناخ وتتزايد الادلة على آثار تغير المناخ على نظم الأغذية الزراعية في جميع انحاء العالم وبشكل أكثر وضوحًا في البلدان النامية، فارتفاع درجات الحرارة والجفاف والفيضانات والتغيرات فى انماط هطول الامطار والظواهر المناخية الأخرى شديدة التأثير على الزراعة. حيث تؤدي هذه التأثيرات إلى تقليل المحاصيل وتتسبب فى الاضرار وتحدث تغيرات في مدى ملائمة الأراضي للزراعة. وتظهر الآفات والأمراض الجديدة فى اماكن لم تكن معروفة فيها من قبل، ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم مخاطر الجوع وسوء التغذية بين اكثر الفئات ضعفًا.

وأكد القصير أن نظم الأغذية الزراعية في جميع انحاء العالم قادرة على توفير فرصة فريدة لمعالجة أثر تغير المناخ من خلال بناء هذه الأنظمة لنضمن تكيفها مع تغير المناخ، بالإضافة إلى أنها توفر العديد من الفرص للحد من انبعاثات الغازات الكربونية وتعتبر بالوعات (Carbon sink) لامتصاص ومعادلة هذه الانبعاثات، ويتطلب لتنفيذ النظم القادرة على الصمود أمام تغير المناخ الإرادة السياسية والتعاون الدولي وتوليد وتبادل المعرفة وتنفيذ أفضل الممارسات فضلًا عن اتاحة الموارد المالية بالقدر الكافي لدعم المنتجين والجهات الفاعلة لتنفيذ التحول العادل.

وفي هذا الشأن، أكد الدكتور أحمد شديد، أستاذ الموارد المائية بجامعة الفيوم، إن أهمية مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام "FAST"، هي أنها تأتي في ظل ظروف صعبة تواجهها الزراعات حول العالم نتيجة للآثار السلبية للتغيرات المناخية على قطاع الزراعة.

الدكتور أحمد جابر شديد رئيسا لجامعة الفيوم | الوفد
 الدكتور أحمد شديد

وأوضح " شديد" في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" أن المبادرة تأتي لأن الزراعات تعد الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية، وهناك 2 مليار شخص حول العالم يتأثرون حول العالم نتيجة التغيرات المناخية على الزراعة، كما أن لمصر تجربة رائدة في هذا الشأن، حيث نجحت من خلال استراتيجيتها الرائدة والتي بدأت في 2014، وكان أبرز ملامحها التكيف مع ندرة المياه ومن هنا شاهدنا مصر تخطو نحو تطوير طرق الري الحديث والنجاح في تمهيد ونشر شبكات الري لأكثر من 285 ألف فدان حتى الآن، وأوشكت على الانتهاء من 85 ألف فدان إضافية.

ولفت خبير الموارد المائية إلى أن العمل البحثي يعد الأكثر أهمية في الوقت الحالي من خلال إنتاج سلالات جديدة للتكيف مع الندرة المائية واستهلاك كميات أقل من المياه، لذلك يجب العمل من خلال مؤتمر المناخ COP27 على إرساء دعائم ثابتة لنقل التكنولوجيا المتطورة في أساليب الزراعة الحديثة والسلالات الجديدة.

وتابع: "الزراعة هي الضامن الأول للأمن الغذائي العالمي، فقطاع الزراعة مسؤول بشكل أساسي عن الأمن الغذائي، ولذلك يجب استغلال الزخم في المؤتمر من أجل دعم جهود الإنتاج الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي، والحد من ارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر على إنتاجية الزراعة وزيادة حاجة النباتات للمياه، وممن هنا يجب استنباط أصناف جديدة قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية".

من جهته، قال الدكتور أشرف كمال أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن مبادرة " FAST" أطلقت في ظل هشاشة القطاع الزراعي في مواجهة التغيرات المناخية التي تؤثر وبشدة على المحاصيل والمساحات المزروعة في العالم أجمع، والتي تظهر على قلة الإنتاجية بالإضافة إلى موجات الجفاف وندرة المياه وكذلك للتأثيرات الشديدة للتغيرات المناخية على النبات في فترات حساسة  مثل فترة الإخصاب أو الإثمار أو النمو.

أستاذ اقتصاد: القيادة السياسية في مصر تمتلك رؤية بعيدة المدى
 الدكتور أشرف كمال

وأضاف "كمال" في تصريحاته لـ"البوابة نيوز": مبادرة التكيف والزراعة تعمل على شراكة بين مختلف الدول والشراكة الدولية، وهو أمر في غاية الأهمية وبخاصة في المجال البحثي من أجل استنباط سلالات جديدة قادرة على التكيف مع الظروف الصعبة التي نواجهها في الفترة الأخيرة من ارتفاع لدرجات الحرارة، وتكون هذه السلالات أقل استهلاكا للمياه لمواجهة الندرة المائية.

وتابع: "وقد تركز الأبحاث في الفترات المقبلة على تغيير مواعيد الزراعة والمعاملات الزراعية التي يتعرض لها المحصول والتبكير والتأخير طبقا لمواسم السنة وبخاصة الصيف والشتاء".