الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الأديب الراحل بهاء طاهر: الرواية تكتسب حياة جديدة مع الأجيال المتتابعة

الأديب الراحل بهاء
الأديب الراحل بهاء طاهر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قال الأديب الراحل بهاء طاهر في كتابه "في مديح الرواية"، إن من عادته أنه يبدأ قراءة الرواية بنوع من البطء فيقرأ صفحات قليلة في أول يوم ثم يتركها وفي اليوم الثاني يتسلل سحر الرواية إلى نفسه فيقرأ أكثر حتى أنه يكاد يصل النهار بالليل وهو منغمس تماما في القراءة إن كانت الرواية طويلة الحجم.
فأحداث الرواية وأشخاصها عند طاهر مثل العالم الحقيقي ويمسي العالم الخارجي عنده مجرد شبح وتطفل مزعج على دنيا الرواية فلا يبذل جهدا كي ينساه، وذلك لأنه ينساه بالفعل.
يبين طاهر منذ صغره وهو يأسره سحر الرواية فكان ينتظر وهو صغيرا في لهفة كل صباح حلقات رواية "شهيرة" لسعد مكاوي وفي شبابه كان ينتظر انتهاء الأسبوع ليقرأ الجزء الجديد في رواية نجيب محفوظ إلى جانب حلقات يوسف ادريس من روايته "البيضاء"، ورواية "خليها على الله" ليحيي حقي أو "السائرون نياما" لسعد مكاوي وهذا بالنسبة له هو عطر الأحباب الباقي.
وأوضح "طاهر" أن الرواية فن له مكانته وخطره في المجتمعات المتحضرة فهي بطبيعة الحال ليست منشورات سياسية ولا دعوة للاصلاح الاجتماعي، ولا وصفة لعلاج الأخلاق أو النفس، كما انها لا تقدم اجابات عن الأسئلة التي يضني الفلاسفة أنفسهم في بحثها ولكنها تشمل شيئا من ذلك كله وتتجاوزه وتأثيرها أبقى لأنه أبطأ وأكثر نفاذا إلى النفس.
كما قال الأديب الفرنسي “ أندريه مالرو" الذ “ إن رؤيتي للحياة روائية ” أي أن هذه الرؤية تتجاوز افق السياسة المحدودة إلى آفاق أرحب يعالج فيها الروائي كل ما يعن له بما في ذلك السياسة دون أن تقيده أي حدود.
يشير طاهر إلى أن للرواية دورا في تكوين الوعي للجمهور من القرّاء بداية من صغار التلاميذ إلى كبار الكُتاب وحتى زعماء الدولة  والدليل أننا وجدنا ظهور رواية جديدة لنجيب محفوظ  أو يوسف إدريس أو غيرهما حدثا مهما يترقبه الجمهور ويحتفي به النقاد، ويعلق عليه كبار الكُتاب والصحفيين في أعمدتهم وتصبح الرواية موضوع نقاش كبير فتحقق الرواية أهدافها وتصل للجمهور.
ويضيف "طاهر" أيضا أن الرواية تقتحم آفاقا غير مسبوقة في أساليب الإبداع الفني وبجرأة غير مسبوقة في تسليط الضوء على الأوجاع الحقيقية للمجتمع ولكن دون أن يكون لذلك أي صدى حقيقي في المجتمع المدني، وكل رواية تحتاج أن تجتاز اختبارين هامين أولهما حكم الجمهور.
غير أن هذا الحكم قد يصيب وقد يخطئ بمعنى أن بعض الروايات قد تلقى بعد صدورها رواجا جماهيريا ونجاحا كبيرا لاسباب لا علاقة لها بالفن في حين أن روايات اخرى عظيمة قد تفشل لدى جمهور قرائها المعاصرين وقد يعجز عن تذوقها وهذا يحدث في بعض الحالات ولكن في كثير من الأحيان يكون حكم الجمهور صائبا.
ويتابع طاهر ذاكرا الامتحان الثاني للرواية أو الحكم النهائي الذي لا نقض فيه ولا إبرام فهو اختبار الزمن فمع مرور الزمن تسقط من  ذاكرة الجمهور والأدب والروايات التي لا تستحق الاعتبار في حين تصبح الروايات الحقيقية جزءا من الذخيرة الباقية للفن الروائي وتكتسب حياة جديدة مع الأجيال المتتابعة من القرّاء.
بيّن "طاهر" أن أهم ما تعلمه من حياته الأدبية هو وكقارئ للرواية هو أن لا تخدعه مهرجانات المديح لروايات بعينها ولا حملات الهجوم على غيرها وما زلنا في مرحلة الاختبار الأول وهو حكم الجمهور مكتفيا بحكمه الخاص على ما يقرأ وذلك نصيحته لكل قارئ.