الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

صلاح عيسى.. يدمج التاريخ فى الحكاية بخيط من الصحافة

صلاح عيسى
صلاح عيسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عرف الكاتب الراحل صلاح عيسى بأنه كان واحدًا من أصحاب المواقف القوية والثابتة، عن حرية الرأي وحرية الصحافة، التي ظل يدافع عنها طوال حياته، ودفع ثمنًا كبيرًا من أجل التمسك بها. كما كان كاتبًا صحفيًا غزير الإنتاج، مهتمًا بكل ما يدور في وطنه وفي العالم. 

كان عيسى صاحب قلم بارع، لديه قدرة فياضة على الاسترسال فيما يكتب. ورغم هذه البساطة والتدفق، إلا ما يكتبه كان ينطوي على عمق شديد، وكان صاحب كتابات تاريخية مهمة وغير تقليدية، جعلتنا نتأمل بعض وقائع التاريخ وكأننا نعيش فيها، مشيرًا إلى الدلالات والأبعاد الكبرى وراء هذه الوقائع التاريخية التي تبدو بسيطة. 

تنوعت كتاباته التى بلغت أكثر من عشرين كتابًا، فى التاريخ والفكر السياسى والاجتماعى والأدب، لكنها دوماً كانت مرتبطة بالهم الذى يحمله منذ اتجه عام 1962 للكتابة فى هذه المجالات، عمل عيسى بعدما أنهى دراسته الجامعية كموظف بوزارة الشؤون الاجتماعية، بجانب استمراره في الكتابة والصحافة، وعشق القصة القصيرة قبل أن ينخرط في النشاط السياسي، فالتحق بإحدى المنظمات اليسارية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر. 

لم يمنع عيسى عن الكتابة الاعتقال الأول بسبب آرائه السياسية عام 1966، والذى كان بسبب كتابته مجموعة مقالات فى جريدة الحرية اللبنانية، عنوانها الثورة بين المسير والمصير والتى كانت تنتقد نظام ثورة 23 يوليو، فاستمر فى ذلك الاتجاه، الذى جعله واحداً من أساتذة الصحافة والتاريخ. 

ومنذ أن أصدر صلاح عيسى مجموعته القصصية "جنرالات بلا جنود"، انشغل بالتاريخ طوال حياته، وكان لهزيمة يونيو 1967 أثر كبير في ذلك، إذ أفاق جيل الستينات المصري كله على الهزيمة بعد أن منوا أنفسهم بأمل يوشك أن يتحقق، وهكذا أعادوا قراءة التاريخ مرة أخرى ليعرفوا حقيقة ما حدث ومآلاته في القريب الذي ينتظرهم، وكان عيسى أحد أبناء هذا الجيل، ولذلك خرج كتابه "الثورة العرابية" مختلفاً عن غيره من الكتابات التي تناولت تلك الفترة. يعود ذلك إلى تشابه ما قرأه عيسى بين الفترتين، الحركة العرابية، وثورة 1952، للاثنين نفس القوة في المطالبة بتغيير أفضل، وللاثنين نفس النتيجة في كسر الأمل والوصول لنهاية أسوأ من كل الخيالات. 

تفرغ عيسى للعمل بالصحافة منذ عام 1972 في جريدة الجمهورية، وأسس وشارك في تأسيس وإدارة تحرير عدد من الصحف والمجلات منها الكتاب والثقافة الوطنية والأهالي واليسار والصحفيون، وترأس عيسى في وقت لاحق تحرير جريدة القاهرة، واعتقل لأول مرة بسبب آرائه السياسية، وتكرر اعتقاله أو القبض عليه وفصل من عمله الصحفي . 

اعتاد عيسى أن يدمج التاريخ فى الحكاية، يربطهما بخيط من الصحافة، ويحكم الرباط بمزيد من التوثيق، ينقل كل هذا إلى كتاب فى النهاية، ليستمتع قارئُه بنموذج فريد من الحكى الذى يجمع بين الفكر والصحافة والأدب. 

كانت الفئات الشعبية والفقيرة محور كتابات عيسى، فتنوعت كتاباته التي بلغت أكثر من عشرين كتابا، فى التاريخ والفكر السياسي والاجتماعي والأدب، ففي كتابه "ريا وسكينة.. سيرة سياسية واجتماعية"، تحدث بمعلومات ووثائق عن الظروف السياسية والاقتصادية التي أحيطت بتلك التجربة، أما في كتابه "شخصيات لها العجب"، كان أشبه بمخرج سينمائي ينسج خيوط درامية لعدد من الشخصيات البارزة في مصر، بينهم الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، وأحمد بهاء الدين وغيرهم لتحمل كل هذه الأعمال الكثير من حياة المصريين.