الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

جفاف أوروبا وغرق ثلث أراضي باكستان وتصحر أفريقيا.. التغيرات المناخية ناقوس خطر جديد يهدد الأمن الغذائي العالمي.. ومصر تستعد للمواجهة بخطة للتوسع في زراعة المحاصيل الاستراتيجية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ناقوس خطر جديد وأزمة غذائية عالمية تلوح في الأفق بسبب التغيرات المناخية القاسية التي يشهدها العالم حاليا، والتي أدت إلى أمطار وفيضانات مدمرة، في عدد من البلدان، وتسببت في قتل وتشريد الآلاف من السكان إلى جانب تدمير المحاصيل الزراعية، وتأتي هذه الأزمة لتزيد أزمات العالم الحالية المتمثلة في اضطراب سلاسل التوريد نتيجة لأزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت بدورها في ارتفاع أسعار المواد الغذائية لمستويات غير مسبوقة.

باكستان والهند والصين.. الأكثر تضررًا

وبالنظر إلى نتائج التغيرات المناخية، نجد أن الفيضانات التي شهدتها باكستان والهند والصين، خلال الأسابيع القليلة الماضية، أدت إلى تدمير آلاف الأفدنة من المحاصيل الزراعية المهمة مثل الأرز والقمح والقطن والفواكه والخضروات وغيرها.

وبحسب تصريحات سابقة لوزيرة شؤون المناخ في باكستان شيري رحمان الأسبوع الماضي فإن ثلث مساحة البلاد غرق بالكامل في أعقاب الفيضانات غير المسبوقة التي شهدتها باكستان وتسببت في جرف السيول والطرقات والمنازل والمحاصيل، وخلفت دمارًا كبيرا في أنحاء باكستان. 

وتعتبر باكستان إحدى أهم الدول المنتجة للمواد الغذائية في العالم وتأتي في المرتبة العاشرة في انتاج الأرز بإنتاج سنوي يتخطى 10 ملايين طن سنويًا، وتضرر أكثر من  33 مليون باكستاني من الفيضانات التي شهدتها البلاد، حيث جرفت المياه الغزيرة ، الجسور والطرقات، وعزلت قرى بأكملها ومناطق زراعية وأدت لنفوق الحيوانات.

وبحسب سكان في هذه المناطق  تحدثوا للصحافة فإن المياه جرفت نحو نصف محاصيل القطن في البلاد. وأن محاصيل الخضار والفاكهة والأرز تعرّضت لأضرار بالغة.

 وفي الصين التي تحتل  المركز الأول عالميًا في انتاج الأرز بإجمالي 148 مليون طن سنويا اجتاحت الفيضانات عدة مناطق في جنوب البلاد وتسببت في تدمير مساحات واسعة من الزراعات خاصة في مدينة "بينغجو" التابعة لمقاطعة سيتشوان جنوب غربي وأدت الفيضانات إلى  ارتفاع منسوب الأنهار بشكل سريع في عدة مناطق من جنوب البلاد، وتسببت الظروف المناخية في انخفاض انتاج عدة محاصيل زراعية رئيسية في الصين، وهي: الأرز والقمح والذرة بنسبة 8% وفقا لمعهد الموارد العالمية. 

وقال وزير الزراعة الصيني تانغ رنجيان، في تصريحات صحفية عقب اجتماع حكومي نقلته بلومبيرغ الشهر الماضي أن الصين تواجه صعوبات كبيرة في إنتاج الغذاء بسبب الفيضانات غير المعهودة التي واجهتها الدولة، وأشار إلى ان أوضاع المحاصيل هذا العام قد تكون الأسوأ تاريخيا.

وقال إن الفيضانات التي شهدتها الصين منذ العام الماضي وحتى الآن تسبت في تدمير 30 مليون فدان من المحاصيل، وتسببت الأمطار الغزيرة في مقاطعة خنان بوسط البلاد في شهر يوليو وحده، في إتلاف 2.1 مليون فدان من الأراضي الزراعية. كما أخّرت الفيضانات زراعة أكثر من 18 مليون فدان من الأراضي خلال أشهر يناير وفبراير الماضيين.

وفي يوليو الماضي ذكرت وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) أن العواصف المطيرة الغزيرة التي شهدتها البلاد على في منطقة لياونينج، أثرت على نحو 44 ألف هكتار من المحاصيل الزراعية بالمنطقة.

 

الاحتباس الحراري يجتاح أوروبا

كما أدت موجة الحرارة الشديدة التي شهدتها أوروبا إلى انخفاض منسوب الأنهار في كل من ألمانيا وفرنسا واسبانيا وانجلترا وباتت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بهذه البلدان مهددة بالتصحر، وامتدت آثار هذه الظاهرة لتطال القطاع الحيواني الذي شهد نفوق آلاف لحيوانات ي مزارع وحظائر هذه الدول.

وفي أوروبا التي كانت تعرف بثرائها المائي أدت الموجة الأخيرة من الاحتباس الحراري إلى تراجع كميات الأمطار وجفاف الأنهار وانخفاض مناسيبها وتضررت مساحات واسعة من الزراعات والغابات والحدائق، واضطرت العديد من الدول إلى وضع قيود على استخدام المياه، وتم حظر استخدام المياه في بعض الأنشطة مثل أحواض السباحة وري الحدائق وغيرها.

وأثرت موجة الجفاف الحالية على المنتجات الزراعية في جنوب القارة وغربها حيث أدت الموجة إلى تدمير حوالي 10% من المحاصيل الزراعية التي تضررت بسبب ارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية.

وتشير تقارير ارتفاع تكلفة الزراعة في البلدان المتأثرة بموجة الجفاف في أوروبا نتيجة لارتفاع تكلفة الري مقارنة بالسابق حيث يضطر المزارعون لنقل المياه من مناطق بعيدة لري هذه الزراعات التي كانت تعتمد على مياه الأنهار التي تأثرت بهذه الموجة وتراجعت مناسيبه.

 

أفريقيا تفقد 20-30% من ناتجها السنوي بفعل ظواهر الجفاف والتصحر 

وبحسب منظمة دول التعاون الاقتصادي والتنمية فإن مجموعة الدول الواقعة جنوب الصحراء في أفريقيا ستفقد بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري ما بين 20-30% من ناتجها السنوي بفعل ظواهر الجفاف والتصحر وغيرها.

وتعرض السودان قبل عدة أيام لموجة من السيول لم تشهدها البلاد منذ سنوات طويلة، حيث أدت هذه الأمطار إلى إلحاق أضرار كبيرة بالمشاريع الزراعية بولاية النيل الأبيض.

وأكدت جهات رسمية أن 10 الاف فدان تضررت بشكل كام جراء هذه السيول، كما شهدت ولاية  جنوب النيل الأزرق اضرارًا كبيرة للمحاصيل الصيفية كما أدت السيول لنفوق الآلاف من رؤوس الحيوانات التي كان السودان يصدرها للخارج.

بينما كانت "سنار" اكثر الولايات السودانية تضررًا حيث خسرت ما يقرب من 13 ألف فدان من محاصيلها البستانية كالموز والمانجو والتي تعتبر من اهم صادرات السودان.

 

التغير المناخي وأثره على مصر

من جانبه يقول حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن اختلاف درجات الحرارة من حيث الزيادة أو النقصان يؤثر مباشرة على الزراعات ويختلف نوع التأثير حسب قوة التغير المناخي حيث أن هناك علاقة طردية بين تغير المناخ وانخفاض الإنتاجية للمزروعات التي  تتأثر أوراقها في البداية مما يؤدي إلي تساقطها او حرقها.

ويوضح  أبو صدام لـ"البوابة نيوز" أن تغير المناخ بالنسبة  للمحاصيل من حيث انخفاض وارتفاع درجة الحرارة يعد عامل واحدا من بين عدة عوامل تؤثر على إنتاجية المحاصيل مثل الرياح والأمراض والحشرات التي تؤثر علي تأثيرا مباشرًا على الإنتاجية.

ويؤكد نقيب الفلاحين، على ضرورة الالتزام بالخطة التي تم اعدادها بالتعاون مع وزارة الزراعة وذلك بزراعة التقاوي الجديدة والمعدلة لتحمل الظروف المناخية السيئة، وكذلك  اتباع إرشادات الجمعيات الزراعية المنتشرة في البلاد بتغطية المحاصيل بقش الرز او رقائق الصفيح  في حالات تفاقم أحوال المناخ 

ويضيف أبو صدام، أن التأثيرات التي وصلت مصر من أزمة تغير المناخ  تعتبر طفيفة بالنسبة لهول الازمة في العالم  والتي وصلت في بعض الدول إلي حد الدمار الكلي للمحاصيل والجزئي في مناطق اخري، ويتم ضخ تقاوي اقماح جديدة قادرة علي تحمل التغيرات الشديدة في دراجات الحرارة وأكثر إنتاجية  وذلك بالتعاون مع وزارة الزراعة 

 

خطة للتوسع في زراعة المحاصيل الاستراتيجية

جدير بالذكر، سارعت مصر كغيرها من بلدان العالم لوضع خطة للتوسع في إنتاج المواد الغذائية الرئيسية خاصة محصول القمح حيث يجرى تخصيص حوالي 3.5 مليون فدان في المشروعات الجديدة في توشكى والدلتا وسيناء وشرق العوينات وغيرها.

وتعمل مصر وهي من أكبر مستوردي للقمح في العالم على تلافي أي اضطرابات مستقبلية في سلاسل التوريد عبر التوسع الأفقي في زيادة المساحات المزروعة بالقمح والحبوب والأخرى إلى جانب مد المزارعين بالتقاوي الجيدة التي تساهم في زيادة انتاج المحصول، كما تعمل البلاد على رفع معدلات الاكتفاء الذاتي من القمح لتصل إلى 80% بحسب سيد جاد الرب مدير هيئة التعمير في توشكى والذي أكد في تصريحات صحفية سابقة، أن هناك نية لزراعة 2.3 مليون فدان قمح ضمن المشروعات الجديدة لتصل المساحة الإجمالية إلى 5.8 مليون فدان، وستتوزع المساحات الجديدة بواقع 700 ألف فدان فى الدلتا الجديدة  و400 ألف فدان فى توشكى،  و500 ألف فدان فى سيناء، و400 ألف فدان فى شرق العوينات.

وفي السياق ذاته، يرى مزارعون ضرورة إعادة تخطيط الموسم الزراعي الشتوي للتوسع في زراعة القمح والحبوب الأخرى كالبقوليات مثل العدس والفول والفاصوليا وغيرها، لسد الفجوة المتوقعة في المواد الغذائية التي ستنتج عن اضطراب سلاسل التوريد بعد تداخل العديد من الأزمات مثل أزمتي كورونا والحرب الروسية الأوكرانية إلى جانب أزمة الاحتباس الحراري وتراجع معدلات الإنتاج في العالم.

وقال إبراهيم أبو الحجاج، مزارع من قنا، إنه بالفعل اتجه لتعديل رقعته الزراعية حيث خفض مساحة القصب المزروعة ليضمها إلى مساحات القمح وذلك ليوفي احتياجات الاسرة في ظل غلاء القمح ببسبب الأزمة الراهنة وكذلك لإيفاء التوريدات التي كانت قد فرضتها الدولة في موسم القمح المنصرم على المزارعين لتعويض القمح المستورد بواقع 10 أرادب للفدان الواحد مقابل 850 جنيه لكل أرب. 

وطالب سعيد عبدالله، صاحب مزرعة جبلية في سوهاج، بضرورة تحديد مساحات كبيرة لزراعة القمح والفول والبقوليات على حساب بعض الزراعات الأخرى مثل القصب والخضروات وذلك لزيادة الإنتاج ومواجهة أي تراجع في عمليات استيراد هذه المواد، مشيرًا إلى ضرورة دعم المزارعين وتفعيل دور الجمعيات التعاونية الزراعية كما كان في السابق.