الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

نزار الجليدى: فرنسا لن تتخلى عن الاستعمار

نزار الجليدي، كاتب
نزار الجليدي، كاتب تونسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن فرنسا تدرك أن عددا كبيرا من اللاعبين الدوليين دخلوا على الخط لتوسيع نفوذهم في أفريقيا، لذا فهي تأمل أن تتحرك بعقلانية كبيرة، وفي ظل هذه السياسة كانت زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى الجزائر بهدف مساعدته في إعادة التوازن لوجوده في المنطقة.
وأضاف "الجليدي" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن فرنسا لن تتخلى عن الاستعمار فهو في صلب سياستها الخارجية منذ تخليها عن آخر مستعمراتها في أفريقيا، كما أنها لم تنظر يوما لمستعمراتها التي منحتها استقلالا شكليا على أنها دول شريكة إنما تنظر إليها على أنها امتداد جغرافي وحضاري للدولة الفرنسية.
ويعتقد أن هذه النظرة يمكن ملاحظتها من خلال انزعاج فرنسا من اتجاه مالي لتوسيع علاقاتها مع دول أخرى، كما أنه يمكن فهم مقولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الجزائر بالذات أنه لولا فرنسا لما كانت مالي، وأنها لن تترك المنطقة. فالرئيس الفرنسي يعي ما يقول ويقصد بالمنطقة تلك المستعمرات القديمة التي بدأت تخطط بدعم جزائري روسي صيني إلى الاستقلال من الاستعمار الناعم الذي تفرضه عليها فرنسا.
وتابع: ليس عبثا أن يطلق ماكرون تحذيره من الجزائر التي باتت قبلة لدول الساحل الأفريقي وخاصة مالي، وهي اليوم تشكل حلقة وصل مهمة بين هذه الدول وروسيا حتى أن الاجتماعات في هذا الخصوص المعلنة وغير المعلنة تحتضنها الجزائر.
وحول اهتمام فرنسا بنفوذها في باماكو، قال "الجليدي" إن ماكرون يعتبر أن مالي صناعة فرنسية خالصة وأن وجودها العسكري هناك بحوالي ١٠ آلاف جندي فضلا عن قوات خاصة ومخابرات كما يعتبرها مركزا مهما لفرنسا لمكافحة الإرهاب، وبالتالي فالحديث عن انسحاب فرنسي فعلي من مالي وإن خففت باريس وجودها العسكري إلى الحد الأدنى لكنها ستبقى ماسكة بخيوط اللعبة السياسية والأمنية هناك. وهو ما يؤكده الجنرال الفرنسي إتيان دو بيرو قائد قوة برخان في مالي حينما صرح لوكالة الصحافة الفرنسية إن "فرنسا ستكون حاضرة بشكل مختلف". 
وأوضح "الجليدي" أن زيارة الرئيس ماكرون للجزائر لم تنجح في إيصال هذه الرسالة، والجزائريون صموا عليها الآذان وتجنبوا مناقشتها مع ماكرون فهي ورقة الضغط التي لن يتنازل عنها النظام الجزائري في علاقته بباريس.
ولفت الكاتب التونسي إلى أن فرنسا تدرك اليوم أنها تواجه منافسة شرسة على منطقة نفوذها ومستعمراتها القديمة من قبل القوى العالمية، وخاصة روسيا والصين وتركيا وحتى الولايات المتحدة الحليف التقليدي، وبالتالي لا يمكن لفرنسا أن تستمر بعقلية "إما أنا أو لا أحد"، لذلك فهي تتصرف بعقلانية حينا و بتوتر أحيانا خلال إدارة المصالح والصراع في أفريقيا. وفرنسا ليست مستعدة أن تخسر أكثر مما خسرته من المصالح في هذا الصراع بين القوى العالمية الجديدة لهذا يأمل ماكرون من خلال زيارته للجزائر خطب ودها لمساعدته في إعادة التوازن في هذه الحرب الخفية لكن نعتقد أن تصريحه هذا قد يوتر الأجواء أكثر ويعجل برحيل الفرنسيين نهائيا عن مالي ومن الساحل الأفريقي.

يشار إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الرسمية للجزائر، التي أجراها في ٢٥ أغسطس الماضي، واستمرت لمدة ثلاثة أيام، تحدث عن دور بلاده في مكافحة الجهاديين بمنطقة الساحل بصورة عامة. 
ونقلا عن "فرانس ٢٤" فإن ماكرون أكد أن باريس انسحبت من مالي وليس من المنطقة. وقال "ما كانت مالي أن تكون بلدا موحدا اليوم لولا تدخل القوات الفرنسية في الحرب ضد المنظمات الإرهابية التي تهدد كل شعوب وبلدان المنطقة".
وعن تدهور العلاقات الفرنسية مع بعض الدول الأفريقية، أكد أنه باشر سياسة جديدة منذ وصوله لسدة الحكم في ٢٠١٧، مضيفا أن "الأمر هنا يتعلق أيضا بالماضي وأنه يستلزم وقتا من أجل إعادة الثقة، لكن صراحة هناك تلاعب كبير في هذا المجال إذ إن العديد من الناشطين الإسلاميين عدوهم فرنسا".
وتابع الرئيس الفرنسي: "أقول للشباب الأفريقي عدوكم ليس فرنسا. وبهذا الشأن نريد تعزيز الشراكة مع الجزائر، لاسيما عبر الاتفاقات المذكورة".