الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قتلة لم يطلقوا الرصاص

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حين يكون الموت أرحم من الحياة، حين يصبح التخلص من الحياة وسيلة للهروب من جحيم الدنيا، حين تكون وصية فتاة في مقتبل عمرها ألا يسير أهلها في جنازتها، حينها فقط قل على الدنيا السلام، في صباح الأربعاء ٣١ أغسطس ٢٠٢٢، قررت فتاة الدقهلية الذهاب بنفسها لخالقها ليضع بيديه الرحيمتين حدًا لعذابها، ويخلصها مما عاشته من جفاء ووحدة وخذلان من الجميع، والأقربون كانوا أولى بالتجاهل والعنف تجاهها، لذا أوصت بعدم سيرهم في جنازتها، ولسنا هنا في مقام مناقشة التخلص من الحياة من الناحية الدينية، فالفتاة بين يدي ربها الآن يحاسبها برحمته لا بعدله، وكلنا نحتاج للفضل والرحمة منه، لا للعدل الإلهي والقصاص الرباني لذنوبنا وهي كالجبال، وحتى كل طاعاتنا لا ترجح إذا وضعت في كفة ميزان مقابل نعمة واحدة في جسدنا كالبصر مثلا، ناهيك عن نعم أخرى في حياتنا عموما، كالستر والمحبة ونقاء السريرة، ورسالتي لكل أب، لكل أم، لكل من في الأسرة الواحدة، كونوا لأبنائكم حصنا ودرعا من وحوش البشر، ثقوا في أبنائكم ولا تتركوهم لاكتساب الخبرات بأنفسهم، فالتجارب مؤلمة، والهزائم قاسية، لا تكتفوا بتوفير المال فقط، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، نحن نربي إنسانا لا دجاجا أو خرافا، كلنا مسئولون عن نجاحهم وعن فشلهم، عن انتصارهم وعن خيباتهم، عن تقدمهم وعن سقوطهم، كلنا مسئولون عن سعادتهم أو تعاستهم، والتخلص من الحياة تسبقه أسباب ومقدمات، تؤدي لنتيجة واحدة في النهاية، لذلك علينا أن نسمع لمجرد الهمس من أبنائنا، ولا نسستصغر شررا قد يتحول لنار تحرق حياتهم، فكثيرون لم يطلقوا الرصاص لكنهم سيفاجأون يوم القيامة بأنهم قتلة، قتلة بالإهمال، قتلة بالتنمر، قتلة بالتجاهل، قتلة بالقسوة، قتلة بالخذلان، قتلة بتضييع مسئوليتهم التي هم راعون لها، وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.