الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

آخر رجال «بارما» المخلصين.. «لوكاريلي» أوفى لاعب في تاريخ كرة القدم

لوكاريلي بطل قصة
لوكاريلي بطل قصة صعود فريق بارما للدوري الإيطالي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

للوفاء قصة أخرى في إيطاليا، كان بطلها أليساندرو لوكاريلي، الذي ضرب أروع الأمثلة لمعنى التضحية وإنكار الذات، حيث كان سببًا رئيسيًا في عودة نادي بارما لدوري الدرجة الأولى الإيطالي، بعد هبوطه للدرجة الرابعة عام 2015.
القصة بدأت حينما دق ناقوس الخطر داخل نادي بارما، بعدما سُحبت رخصة المشاركة الأوروبية من العريق الإيطالي، بعد فشل إدارة النادي في دفع فاتورة ضريبية تبلغ حوالي 200 ألف جنيه إسترليني في وقت محدد، ومنذ ذلك الحين، تدهور الوضع المالي للنادي الذي ضربه الفساد والتلاعب حتى وصل به الحال إلى إفلاس محكم لا مفر منه، ليفقد الجميع داخل قلعة «الجيالوبلو» والتي تعني بالعربية الأزرق والأصفر الأمل في تصحيح الوضع، إلا أن هناك فردًا واحدًا لم يفقد الإيمان يومًا بالنادي الذي عاش فيه، إنه أليساندرو لوكاريلي.

تخطى الأمر، عدم حصول اللاعبين على أجورهم، بل عانى أكثر من 200 أسرة داخل النادي من ظروف الإفلاس الأشد قسوة، إذ إن النادي أعلن إفلاسه، وقت استدعاء السلطات الإيطالية مالك بارما واعتقلته بسبب الاختلاس، ثم استولت على سيارات النادي وفواتير غير مدفوعة الأجر، ما يعني أن بارما تُرك بدون ماء أو كهرباء، وهبط الفريق مغادرًا الدرجة الأولى، في الوقت الذي أعلن فيه لوكاريلي أنه على استعداد للعب في الدرجات الدُنيا من الدوري الإيطالي رفقة بارما إذا تطلب الأمر ذلك، وسرعان ما تطلب الأمر، حينما تقرر هبوط النادي فعليًا إلى الدرجة الرابعة مع اسم جديد هو «بارما كالتشيو 1913».

غادر بعدها الغالبية من لاعبي النادي، وكان «لوكاريلي» أحد اللاعبين القلائل الذين ظلوا في بارما عندما هبط إلى دوري الدرجة الرابعة؛ حيث فسخ اللاعبون عقودهم ورحلوا عن الفريق، ليتحول دور لوكاريلي من مجرد لاعب وقائد في أرض الميدان إلى القائد الأول في غرفة الملابس والمسئول الأول والأخير عن تحفيز اللاعبين قبل النزول إلى أرض الملعب، يلقي أليساندرو خطابات مثل التي قد تؤخذ في بدايات الحروب.
ورغم أنه لم يكن من أبناء النادي، رفض العديد من العروض التي قدمت إليه عندما هبط بارما، وأصر على الاستمرار في الفريق، حتى إنه كان يدفع من ماله الخاص لتلبية احتياجات الفريق، بالرغم أنه كان يقترب من سن الأربعين، فاجأ الجميع وجدد عقده صباح اليوم التالي لهبوط الفريق، وأعلن لكل المناصرين: «أعدكم بشرفي أنني سأعيد بارما إلى الدرجة الأولى.. لن أغادر بارما سأبقى معهم حتى نعود للكالتشيو الإيطالي مرة أخرى»، أغلب أصدقائه نصحوه: «ما الذي تحاول فعله يا أليساندرو؟ انس أمر هذا الفريق، بارما في عداد الأموات، أنت لن تستطيع فعل شيء لهم وأنت تقترب من الأربعين»، ليصر على موقفه وبدأ رحلته مع بارما من ملاعب الدرجة الرابعة، يستحم بالماء البارد في عز الشتاء بملاعب تفتقر لأدنى الشروط، يلعب بمسكنات الألم في أكثر من مباراة، وتنازل عن راتبه في أكثر من مرة، بل ودفع رواتب اللاعبين من ماله الخاص، وفي أكثر من مناسبة كان ينقل معه بعض اللاعبين إلى التدريبات في سيارته بعد بيع حافلة النادي، كما قال لرفاقه: «لن يكون هناك المزيد من خدمات غسيل الملابس، سنأخذ ملابسنا إلى المنزل لغسلها».

قصة صعود بارما للدوري الإيطالي 

وبدأت أولى خطوات الشقاء في القصة الهوليودية، عندما تمكن الفريق من الصعود إلى الدرجة الثالثة دون هزيمة واحدة، لكن الأمور في الموسم التالي كانت أكثر تعقيدًا، حيث احتل بارما المركز الثاني ودخل في مباريات التصفيات المؤهلة، وكانت المباراة النهائية كانت ضد ألساندريا، حسم رفقاء قائد الأزرق والأصفر، المباراة لصالحهم بنتيجة 2-0، وتأهلوا إلى الدرجة الثانية، وكانوا على موعد مع ظروف صعبة استثنائية أخرى ضد سبيزيا، إذ إن القدر ساعد الفريق في تعادل فروسينوني وفوجيا، حيث كان ضروريًا أن تخدمهم نتيجة هذا اللقاء للابتعاد عن دورة جديدة من مباريات التصفيات المؤهلة، وبعد التعادل المنشود، تمكن بارما من البقاء في المركز الثاني بفضل المواجهات المباشرة، وصعد بارما إلى الدرجة الأولى في عام 2018، ليتحقق وعد لوكاريلي للجماهير.

لقد نجح بارما في العودة مرة أخرى لدوري «السيري آ» بجانب كبار الكالتشيو الإيطالي، قال لوكاريلي باكيًا في خطابه الأخير للجماهير في احتفاله بالصعود: «لقد فكرت في هذه الأيام لوقت طويل، لقد كنت أنا وبارما سويًا لـ10 سنوات طوال، أعطيتها نفسي وربما أكثر، نحن الآن في الدرجة الأولى، حققنا هدفنا. إنها تلك القصة التي كتبت معكم، قضيت ذلك الوعد الذي قطعته على نفسي أمامكم، لن يعوضني شيء عن هذا الإحساس في المستقبل، لن أكون فخورًا أكثر من هذه اللحظة».
بارما حقق وقتها، رقمًا قياسيًا لم يتحقق من قبل في الملاعب الإيطالية، وهو الترقي 3 مرات متتالية في 3 سنوات فقط، كما أن لوكاريلي سجل أهدافًا في الدرجات الأربعة، وبات أكبر لاعب يمثل بارما في التاريخ، وذكر موقع بارما الرسمي، أن لوكاريلي حقق رقمًا قياسيًا بمشاركته في 333 مباراة مع الفريق في الدرجات الأربع المختلفة.
وبعدما أوفى لوكاريلي بوعده، أعلن اعتزاله كرة القدم عن عمر يناهز 40 عامًا قضى منها 10 سنوات بقميص بارما وتحديدًا منذ 2008، صنع خلالها ما أشبه بالمعجزة الكروية، لتحاول إدارة النادي بعد إعلان اعتزاله الذي جاء في حفل تكريم بعد صعود بارما بحضور الجماهير، رد الجميل وقررت حجب القميص رقم 6 الذي ارتداه أليساندرو لوكاريلي طوال مشوار الصعود.