الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإرهاب والتطرف بعد الثورة الصناعية الرابعة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الإرهاب ليس ظاهرة جديدة على العالم، فقد بدأ العصر الحديث للإرهاب في نهاية القرن العشرين وما بعده، ومنذ ذلك الحين بدأت الجماعات الإرهابية والمتطرفة ممارسة أنشطتها بشكل متكرر ومتغير، وانتشرت العمليات الإرهابية في العديد من الدول، وتجاوزت الحدود الإقليمية، وبعد هجوم الحادي عشر من سبتمبر، بدأ العالم وقادته يدركون تهديدات الإرهاب والتطرف على نحو كبير، علاوة على ذلك، عرف العالم أيضًا أن أعضاء التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، يستخدمون تقنيات عالية الدقة والتطور في التخطيط والتنفيذ لعملياتهم الإرهابية.
وبعد تشكيل داعش في العراق وسوريا، أصبحت التهديدات الإرهابية أكثر خطورة، حيث يتسم هذا التنظيم بدرجة عالية من النظام، ويستخدم تكنولوجيا متقدمة في أنشطته، بما في ذلك منصات الإنترنت المختلفة، ومن خلال منصات التواصل الاجتماعي تقوم الجماعات الإرهابية والمتطرفة بالترويج والدعاية لأفكارها الأيديولوجية، وتجنيد الأعضاء الجدد وتدريبهم، والتواصل مع الأتباع والمؤيدين والجهات المانحة، ولذلك يتم التعامل مع مثل هذه الجماعات باعتبارها إرهابًا «غير تقليدي»، أو يتم توصيفها من خلال مفهوم الإرهاب الجديد.
ويعتبر الإرهاب الجديد New Terrorism شكلًا مستحدثًا من الإرهاب، ويرتبط بعدد من الخصائص الحديثه مثل: أنه غير مركزي، وأن الإرهابيين الجدد هم كيانات تنظيمية أقل تماسكًا.
في العهود السابقة اعتمد الإرهابيون على دعم دول معينة ورعايتها، أما الان فيأتي جزء من تمويل الإرهاب من وسائل حديثة مثل: الاحتيال على بطاقات الائتمان، والتبرعات المقدمة من منظمات عالمية ودول تدعم الإرهاب لتحقيق مصالحها، وأثرياء لهم أيضا مصالحهم في استمرار العمليات الإرهابية، كما أن الإرهاب الحديث لم يعد يقتصر على المنظمات التقليدية، التي تخوض صراعاتها وتنفذ عملياتها داخل دولة معينة، وإنما أصبحت ساحة قتال الجماعات الإرهابية الجديدة عالمية، وأهداف الإرهاب الجديد أكثر عالمية، وتميل إلى أن تكون عشوائية. فالارهاب الجديد أكثر تعقيدًا، وأكثر صعوبة في التصدي له ومواجهته مقارنة بالإرهاب في الأزمنه السابقة، لقد أصبح الإرهاب الحديث أكثر سيولة، ويقوم على بنية شبكية متقدمه تسهلها وتربط بينها تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في كل مكان في العالم في نفس الوقت، ويمتلك رصيدًا من البشر على استعداد لفعل أي شيء، وأن يتسبب في أشكال موسعة من الدمار والخراب.
من الخصائص الأساسية الحديثة للإرهاب، الاستخدام الاحترافي للإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي والمقدرة العالية على التلاعب واستخدام بوسائل الإعلام الحديثه لتحقيق أهدافهم.
فقد أكدت الدراسات أن الإرهاب استفاد بشكل إيجابي من التقدم الهائل في وسائل التكنولوجيا والاتصالات وتطبيقاتها المختلفة، وأن هذا التقدم أسهم في تطور شكل الإرهاب وفاعليته، فالإرهاب اليوم لا يعتمد فقط على وسائل الإعلام التقليدية، وإنما أيضًا على استخدام التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي، وكثيرًا ما يتفاعل الإرهاب الجديد مع وسائل الإعلام لنشر الخوف والفزع، بنشر أخبار أنشطته وعملياته الإرهابية، فقد أشار تقارير سابق للأمم المتحدة إلى أن الإرهابيين يعطون أولوية لوسائل الإعلام الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي والصحافة عند التخطيط لعملياتهم الإرهابية وتكون هي أحد الأذرع الرئيسيه لهم لانجاح مهمتهم، فالإرهاب يستهدف الأشخاص الذين يشاهدون العمليات الإرهابية، ويتابعون أخبارها عبر المنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، بنفس قدر استهدافه للضحايا.
ويضاف لما سبق، أن التهديد الأيديولوجي للتطرف العنيف أصبح مشكلة عالمية لها تداعيات عابرة للحدود، فعبر وسائل التواصل الاجتماعي تقوم الجماعات الارهابيه بحملات مستمره، تستهدف الضعفاء والمتعاطفين معهم، لحثهم ودفعهم على التطرف وممارسة العنف باسم الأيديولوجيات المتطرفة، ومع هذا التواصل اللامحدود، أصبحت نتائج الحملات المتطرفة أكثر تعقيدًا وانتشارًا وتأثيرًا.
وتشير أحدث الإحصائيات العالمية إلى أن هناك (5.62 مليار) مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي حول العالم حتى يوليو 2021، أي ما يقرب من (%57) من إجمالي عدد سكان العالم، وقد نما عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بمقدار (520 مليونًا) خلال السنة الأخيرة على الصعيد العالمي، أي بمعدل نمو بلغ (.1) سنويًا، كما يبلغ معدل الاستخدام اليومي العالمي لمواقع التواصل الاجتماعي (ساعتين وأربع وعشرين دقيقة).
ونتيجه لهذه الاحصائيات وغيرها من الميزات المتوافرة في مواقع التواصل الاجتماعي، تضع الجماعات الإرهابية الآن أولويه لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للوصول الى عدد بلا حدود أو قيود من المستخدمين، وبشكل أسرع وغير مكلف، وبصرف النظر عن ذلك، فإن منصات التواصل الاجتماعي أكثر سهولة في الاستخدام لتوزيع المعلومات ونشر الأفكار الإرهابية والمتطرفة وتجنيد الافراد، والموارد الأخرى بين المتطرفين والإرهابيين، وحتى يمكن لهم الوصول لمناطق النزاعات في أي مكان في العالم، وتقديم المشورة والكتيبات ومقاطع الفيديو ومعلومات الأمن التشغيلية.