الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الدكتور جورج شاكر يكتب: العالم يحتفل بيوم الصداقة

الدكتور القس جورج
الدكتور القس جورج شاكر نائب رئيس الطائفة الانجيلية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يحتفل العالم فى يوم 30 يوليو من كل عام باليوم الدولى للصداقة الذى أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة فى 27 أبريل عام 1911 من منطلق إيمانها أن الصداقة بين الشعوب والبلدان والثقافات والأفراد يمكن أن تصبح عاملاً مؤثراً وداعماً مثمراً لجهود السلام فى كل بقاع الدينا، وتشكل فرصة ذهبية لبناء الجسور بين المجتمعات، وترسيخ الإحترام المتبادل بين الثقافات والحضارات المتنوعة فى العالم أجمع.  

ولقد دعت الجمعية العمومية للأمم المتحدة جميع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية

والمجتمع المدنى والأفراد إلى الإحتفال باليوم الدولى للصداقة بالطريقة التى تراها مناسبة وفقاً للثقافات والأعراف والقيم والتقاليد الملائمة لمجتمعاتهم المحلية والوطنية والإقليمية.

ويرتكز اليوم الدولى للصداقة على إدراك جدوى الصداقة وأهميتها بوصفها إحدى المشاعر الإنسانية النبيلة والجميلة فى حياة البشر، وإحدى القيم الهامة والنفيسة التى تربطنا مع بعضنا البعض برباط المحبة.  

إن عالمنا اليوم يواجه العديد من التحديات والأزمات وعوامل الإنقسام مثل الفقر والجهل والأوبئة

والأمراض والعنف والإرهاب وإنتهاكات حقوق الإنسان وغيرها الكثير من المشاكل التى تعمل على تقويض السلام والأمن والإستقرار والتنمية والوئام الإجتماعى بين شعوب العالم وفيما بينها.

ولمواجهة تلك الأزمات والتحديات لابد من معالجة أسبابها الحقيقية والجذرية من خلال ترسيخ قيم الحب والصداقة، وتعزيز روح التكافل والتكامل والتضامن والتعاون الإنسانى.

نعم! ما أجمل الصداقة ... إنها كشجرة ... بذورها المحبة والإخاء... وجذورها الإخلاص والوفاء ... وسيقانها الأمل والرجاء ... وأغصانها التضحية والعطاء... وثمارها السعادة والهناء، لذا علينا أن نراعيها ونغذيها ونرويها ونحميها، ولا يجب أن ننتظر من الصداقة ثماراً نأكلها، وإنما وروداً تزين دروب الحياة، فالأصدقاء الأوفياء يعطون مذاقاً حلواً للحياة، ولا طعم للحياة بدون أصدقاء أوفياء.

حقاً! لقد أخبرتنا الحياة أن الأصدقاء الأوفياء فى بورصة الحياة كرصيد من الذهب، فلا عجب أن يقال: إن الثراء الحقيقى لا يقاس بمقدار ما تمتلك من المال، وإنما بما لديك من أصدقاء أوفياء.

فالصديق الحقيقى ثمنه يفوق اللآلىء فهو بمثابة شاطىء الأمان لسفينة حياتك عندما تلاطمها العواصف العاتية، والأمواج العالية فى بحر ذى الحياة، والصديق الوفى بمثابة الأخ الذى لم تلده لك أمك، هو الذى يقف بجوارك عندما يتخلى عنك الجميع، وهو الذى لا يبيعك يوماً مهما كان المقابل ... وهو الذى الذى يدافع عنك بإستماتة مهما كلّفه الأمر... هو الذى يضحى لأجلك ولا يضحى بك.

أما على مستوى المجتمع الدولى فالمتأمل المدقق للأوضاع الراهنة يصرخ من أعماقه يا خسارة كنا نتخيل أن عالمنا المعاصر قد ودع الحروب بدون عودة، وأن الصراعات والنزاعات بين الشعوب قد إنتهت وإختفت، وأخذت مكانها فى ذاكرة التاريخ.

  كنا نحلم بمستقبل يحمل فى أحشائه للبشرية سلاماً وأماناً وإستقراراً وإزدهاراً، وكنا نتوق إلى عالم ينعم بسلام دائم قائم على العدل، وعلى ديمقراطية حقيقية، وإحترام لحقوق الإنسان، والعيش المشترك فى سلام.

لكن من أسف شر الإنسان انتصر على مبادئه وإنسانيته. وأصاب الشر الإنسان بفقدان الذاكرة، ونسى الدروس الثمينة التى تعلمها من ويلات الحروب والدمار.

نعم! كم هو مؤسف أن تنتشر أنيميا الحب على أرضنا، وكم هو مؤلم أن يتفشى فيروس الكراهية فى أحشاء المسكونة، وعاد شبح الموت يطل بوجهه القبيح من نافذة الصراعات الطاحنة الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والتى يدعمها أصحاب المصالح التى تتسم بالأنانية، ومرضى الجشع والطمع، ومحبى الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعوب، وأدعياء السلام الزائف، والحرية الكاذبة، والحقوق المسلوبة.

إننا نناشد ضمير العالم ممثلاً فى كل الهيئات والمنظمات العالمية، والمجتمع الدولى وكل القادة والحكام الحكماء أن يعملوا بكل طريقة للوصول فى أسرع وقت إلى قرار حازم وحاسم لوقف نزيف الدماء فى أى منطقة فى العالم ... فمَنْ يتصور أن مَنْ يدمر غيره يوفر السلام لنفسه هو شخص فاقد الذاكرة، فمَنْ يدرس ويتأمل التاريخ الإنسانى يتعلم أن مَنْ يفكر فى الإنتقام يحرم نفسه من السلام، وأن الحقد يخّرب ويدمر والحب يبنى ويعمر، وإذا إستمر العنف يُقابل بالعنف فمتى ينتهى العنف.    

أتمنى أن نعمل بكل طريقة ووسيلة على تمكين قيمّ الصداقة بين الشعوب والثقافات والأفراد...

نعم! يوم واحد لا يكفى للإحتفال بالصداقة ... وإنما يجب أن تكون الصداقة والمحبة والمودة هى أسلوب حياة البشر، فهذه القيم هى التى تصنع السلام، وتنشر السعادة على أرضنا.

كل عام وبلادنا العزيزة وعالمنا يعمه الحب والسلام والإستقرار والإزدهار والوئام.

عبرة فى عبارة: { مَنْ لا يمكنك أن تجعل منه صديقاً فلا تصنع منه عدواً }.

- 2 -