الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الفنان التشكيلي طارق المأمون في حواره لـ «البوابة نيوز»: الحركة الفنية في مصر بلغت سن الرشد.. ونعاني من النقد الانطباعي والأمر أصبح متروكًا لـ «السوشيال ميديا»

الفنان التشكيلي طارق
الفنان التشكيلي طارق مأمون مدير متحف محمد محمود خليل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في الأزمنة البعيد .. وعندما بدأ الإنسان في رؤية الأشياء يفتح عينية على لوحات تشكيلية طبيعية، سماء ومياه وأرض بر لوحات فنية خلقها الله لنا كي نتمتع بها، وبمرور الوقت، أصبح الإنسان هو صانع للفن التشكيلي معبرًا عن حياته اليومية وما يقوم به مستخدما في ذلك أدوات حفر أو ألوان، وقد جسده المصري القديم على جدران المعابد والمقابر الأثرية، فالفن التشكيلي كان ومازال جزء من حياتنا فنحيا عليه يوميًا عندما تأخذنا قدمنا للسير على ضفاف النيل، نأخذ من الطبيعة الجمال، ونستمتع بها، وهذا هو الحال عندما يقف الإنسان أمام أحد اللوحات الفنية يتأملها ويتأمل أفكارها وأوانها، وقد يرى فيها صورة من نفسه أو تعبر عن صرخة مكتومة بداخله. 

هذا هو ما يفعله الفن التشكيلي، فكان أصبح القبح هو السائد والعنف هو الطريقة الوحيدة لنا في الحياة، أسئلة كثيرة، نضعها نصب أعيينا هل فقد المصري حسه الفني، وهل مازال هذا المصري الذي تفنن في صنع كل ما هو جميل، بل ويقوم باقتنائه، فقد كانت الزخارف التي تزين الأطباق والمكاحل، وأواني الطهي والأواني الفخارية أو النحاسية التي كانت تزين المنازل بإبداع فني راقِ يحترم إنسانيتنا، وتطورت للفنون واللوحات الفنية وما يعانيه الفنانين التشكيليين والفن التشكيلي في مصر، بشكل أصبحنا لا نستطيع فيه تقييم الأشياء. 

فأين تكمن الأزمة ؟ ولماذا وصلنا لهذا الوضع؟ وهل نحن في حصار أزمة فنانين أو أزمة دولة أم قطاع... أم أزمة نقدية تستطيع مواكبة وقراءة الأعمال الفنية وفلسفتها؟ كل تلك التساؤلات سنحاول الإجابة عليها مع الفنان التشكيلي طارق مأمون مدير متحف محمد محمود خليل، والمحاضر بكلية الآداب بجامعة القاهرة للدراسات العليا بمادة توثيق الأعمال الفنية، وإلى نص الحوار ... 

 

  • الفنان التشكيلي هو أثير للوضع القائم الذي لا يوجد فيه مؤسسات أو أدوار واضحة داخل
  • الفنان التشكيلي لا يتفرغ لعمله الفني والإبداعي
  • يجب العمل على تأصيل فكرة وجود مدير أعمال للفنان التشكيلي
  •  
  • من وجهة نظرك .. كيف ترى الوضع الآن في مجال الفن التشكيلي خاصة لما يمر به هذا المجال في العديد من الإشكاليات؟ أين تكمن الأزمة؟

في الحقيقة هي محاور عدة، وليس محورًا واحدًا ، فنحن لا نستطيع أن نقول أن هناك إجابة واحدة تكفي للإجابة عن أزمة الفن التشكيلي، ففي الحقيقة أن أزمة الفن التشكيلي في مصر تكمن في علاقتها بالتنظيم ذاته ، والتي نعني من خلالها تنظيم«الأدوار»، وأن الفنان التشكيلي ينبغي أن يعمل بالفن التشكيلي فقط، وأن يحمل معه هم العمل الفني الخاص به فقط. 

ولكن..  للأسف وبسبب الظروف والوضع القائم يضطر الفنان التشكيلي في أن يقوم بأداء كل الأدواء مثل التسويق والترويج وتنظيم المعارض، ويقوم بعمل كل التفاصيل المتعلقة بالعمل الفني من براويز وغيرها من الأشياء.. وللأسف الشديد ليس لدينا مؤسسات تستطيع جعل الفنان التشكيلي يتفرغ فقط لعملة الفني والإبداعي، فنجد أن الفنان التشكيلي هو أثير للوضع القائم الذي لا يوجد فيه مؤسسات أو ادوار واضحة داخل الحركة التشكيلة والتي تتحد فيه مهام كل فرد، فنحن نعاني من قلة عدد العناصر التي يجب أن تتعامل مع الفنان، والخدمات التي يجب أن تقدم للفنان من خلال المؤسسات الفنية، فالفنان هو من يقوم بالإشراف على كل شيء، من مطبوعات وحجز قاعات لعرض أعماله الفنية ووصلها للشكل النهائي، بل يجد نفسه مشاركًا في جميع عناصر العمل الفني، وهو الأمر الذي تقوم به مؤسسات وهيئات متخصصة مثلما يحدث في جميع أنحاء العالم.

فالفنان يجب أن يتفرغ للإبداع فقط ولا غير، وأن كل العناصر لابد وأن يكون لها متخصصين، وهو الأمر الذي يتوجب معه انتشار فكرة «مدير الأعمال» والتي يجب أن تتأصل ولابد وأن يكون لكل فنان مدير أعمال هو من يدير الجانب اللوجيستي خلف الفنان مثلها كمثل أي مهنة إبداعية. 

 

جانب إيجابي

 

وعلى الرغم من ذلك فهناك بعض الأمور الإيجابية التي تشهدها الحركة الفنية التشكيلية في مصر، ومنها زيادة عدد قاعات العرض، سواء القاعات الخاصة أو التي تتبع الدولة وإذا نظرنا إليها سنجد أن هناك قفزة مهولة في عدد قاعات العرض، ففي فترة التسعينيات كان هناك حوالي 5 قاعات عرض حكومية وخاصة ، أما اليوم فنحن نشهد طفرة جديدة في عددها وفي كل يوم نجد افتتاح قاعة عرض جديدة تم افتتاحها. 

قاعات عرض إحترافية

ولكن هل الهدف هنا أن تلك القاعات تحمل هوية أو رؤية أو شكل ما ، وأظن أنه ليس لكل قاعة عرض يوسم فيها هذا القدر من الإحترافية ألا وهو ماذا تريد قاعة العرض ومن تقوم باستهدافه، ومن تقوم بالبيع له، فنحن لا نملك تلك الهوية، وأن القائمين على قاعات العرض يجب أن يسالوا أنفسهم ماذا نريد أن نقدم وبأي شكل. 

الشيء الآخر أنه في قاعات العرض في الدولة الغربية – علي سبيل المثال- أن تحاول أن تواجه المجتمع بمعني أنها تجري وراء الذائقة الجمالية الخاصة بالمجتمع، فمن الممكن أن تقدم العكس أو النقيض لما يريده المجتمع، وأن القضية الحقيقية أن جزء كبير من قاعات العرض يهتم بالشكلانية أو الهوية الجمالية فهي واقفة عند منطقة الفن الجميل أو الفن المرسم، ولا تقف عند منطقة فلسفة الفن، أو علم الجمال، أو كيفية مواجهة المجتمع برؤية جديدة، أو الإقدام على مغامرات فنية، وأن بعض القاعات تهتم بالأساس بفكرة الفن، وهو الأمر الذي يعاني منه بعض الفنانين ويشكون منه. 

وأن هذا لن يتطور إلا بتطور حركة نقدية حقيقية ، والتي لا تقوم على عنصر المجاملة ولا عنصر توصيف الفنان كعمل فني، لكنها تقوم على أساس أن هناك تقييم حقيقي لما يتم عرضه، فلا يجوز أن يقوم النقد على المجاملة، أو على الكلمات المنمقة. 

أزمة النقد 

وأظن أن الحركة الفنية في مصر قد بلغت سن الرشد ، ولو بدأنا في تأريخ الحركة الفنية التشكيلية في مصر والتي بدأت مع تدشين وإنشاء مدرسة الفنون الجميلة عام 1907، أو بدأنا التأريخ من مرحلة أول معرض أقيم للفن التشكيلي في القرن التاسع عشر، أو بعدد الفنانين أو كم الإبداعات أو المشاركات الدولية، فتستطيع من خلال كل هذا أن نقول أنها قد بلغت سن الرشد، فيجب أن تنضج الحركة الفنية التشكيلية وأن تتحمل أن هناك نقاد يتصارعوا، وكيف أن تتباين الآراء في الحركة النقدية بين الجيد وغير الجيد، فنحن تاركين الأمور الآن لـ «السوشيال ميديا» فالكل يستطيع أن يدلو بدلوه في أمر الفن التشكيلي والأعمال الفنية، لأن هناك فراغ كبير في المناقشات التي تدور حول قيمة العمل الفني، فليس هناك من لديه تقييم حقيقي لما يقوم بتقديمه، فالكتابات النقدية في مصر في منطقة المجاملة، وتحمل في طياتها كلمات فضفاضة لا تدخل في عمق العمل الفني إلا ما ندر. 

فهناك بعض الكتاب الجادين ونقاد  جادين، وأظن أن مستوى النقد في الفنون التشكيلية مقارنة بمستوى النقد في الأجناس الفنية الأخرى مثل الأعمال الأدبية أو السينما أو الشعر، فنحن في ذيل القائمة بالنسبة للحركة النقدية. 

  • هناك قفزة مهولة في عدد قاعات العرض الخاصة باللوحات الفنية
  • الحركة الفنية في مصر بلغت سن الرشد، ونعاني من أزمة النقد الانطباعي
  • الكتابات النقدية في مصر في منطقة المجاملة.. والأمر أصبح متروكًا لـ «السوشيال ميديا»
  • نحن في ذيل القائمة بالنسبة للحركة النقدية بالمقارنة مع الأجناس الفنية الأخرى كالأدب والسينما
  • فينبغي أن تقوم أكاديميات الفنون بالاهتمام بالمجال النقدي الخاص بالأعمال الفنية التشكيلية
  • الأكاديميات الفنية لا تصنع فنان .. فالفنان هو من يصنع ذاته ويكتشف نفسه

 

  • كيف ترى كتابات الفنانين التشكيليين في النقد ؟

هذا بالفعل الذي يحدث في مصر، لأن هناك فراغ في عدد النقاد المحترفين وبالتالي فهذا الفراغ يملؤه الفنانين التشكيليين لأنفسهم، وهو في أغلب الأحوال يقوم على النقد الإنطباعي، وليس نقد قائم على منهجية أو على الأجناس المنهجية الخاصة بالنقد، أو حتى على اشتقاق أجناس جديدة، فالنقد هو علم كبير جدًا وقائم على فلسفة فالنقد لا يقوم على فكرة مجرد تعريف بالعمل الفني أو تعريف بالفنان، فالعمل النقدي ينبغي أن يقوم بتقديم عمل موازي للعمل الفني نفسه ، ويقدم من خلاله تفسيرات جديدة وبنائية جديدة للعمل الفني، قد يختلف مع الفنان أو قد يختلف معه ، فليس المقصود من النقد أن نفهم الجميع ، ولكننا نجد أنفسنا أمام كتابات نقدية انطباعية تتعامل مع العمل الفني على المستوى الأول إلا بعض الحالات الاستثنائية الكبيرة فهنا ك نقاد محترمين.. لكننا نجد أمام تساؤل مهم وهو كم عدد هؤلاء النقاد أمام حركة فنية تشكيلية ضخمة عمرها يتجاوز الـ 130 عامًا، أظن أننا أمام إشكالية، وينبغي أن نجد لها حلولا. 

وعلى الرغم من هذا فهناك أقلام تستطيع الولوج داخل العمل الفني، والفنان، ووصلوا لكلمات جديدة لا تقل أهمية عن العمل الفني نفسه. 

منافذ جديدة للنقد الفني 

فينبغي أن تقوم أكاديميات الفنون بالاهتمام بالمجال النقدي الخاص بالأعمال الفنية التشكيلية ، وتقوم بتدريسه حتى يخرج لنا أجيال جديدة من النقاد وهذا مهم، ومن المهم أيضًا أن ننسي التراتبية الجامعية في عملية تدريس النقد والخروج من القولبة الخاصة أو الشروط التي يجب أن تتوافر في الدارسين كاشتراط أنه لابد وان يكون من خرجي كليات الفنون أو حاصلين على الدكتوراه، فالحصول على الدكتوراه في الفنون لا تعطي مبرر لأي شيء، فالإبداع هو فعل مختلف و مغاير لما يتم تدريسه في الأكاديميات الفنية، فهي تدرس مبادئ الفن، ولا تدرس صناعة الفنان، ولا ينبغي صناعة الفنان، فالفنان هو من يصنع ذاته ويكتشف نفسه، فأغلب الحركات الفنية في العالم لم تكن مرتبطة بأكاديميات فنية. 

  • لماذا لم تستطع - حتى الآن- أن نخرج بمدرسة تصف الحركة الفنية في مصر كالمدارس الغربية على سبيل المثال المدرسة الكلاسيكية أو التكعيبية وغيرها من المدارس الخاصة بالفن التشكيلي؟

لأنه في الحقيقة أن الحركة الفنية في مصر ووجودها الحقيقي بدأت من عام 1907، منذ تأسيس مدرسة الفنون الجميلة، ومصر في هذا الوقت كانت خاضعة للأساتذة الأجانب، والذي كان يغلب عليهم اصطلاح المستشرقين، وبالتالي كانت أساليب الأداء هي التي تجذبهم، وان تلك الأساليب لم تكن مواكبه للحداثة التي انتشرت في أوروبا في تلك الحقبة الزمنية، فهذا عمل على صناعة حالة خاصة في مصر. 

فنحن كنا نهتم بالواقعية –على سبيل المثال- والتي كانت في نفس الوقت لم يكن معتد بها في الخارج، أو نهتم بتنميق اللون أو الرسم في القوت الذي كان يقوم فيه فان جوخ على عناصر التفكيك والخشونة على السطح، ومن الممكن أننا في تلك الفترة لم نكن مواكبين مع الحركة التشكيلية في الخارج، ويمكن القول أننا بدأنا في مواكبة الحركة التشكيلية الغربية مع بداية جماعة الفن والحرية والتي بدأت تتلقي الأفكار المصرية والغربية في السريالية، ولكن حتى هذا اللقاء لم يكن كاملا في جانب منه به تأثر بما يحدث هناك، والجانب الأخر متعلق بشخصية الفنان .

 فالفنان أصبح هو الفيلسوف الأوحد لأعماله، فهو من يقوم بصنع فلسفته والتي تعود كنتاج لمجموعة قراءات الفنان أو انتمائه الأيدلوجي، أو ثقافة الفنان نفسه وقد تكون انتماء لحياته وأفكاره اليومية. 

وبالطبع لدينا أزمة أخرى وهي القراءة، وأزمة أخرى وهي اهتمام عدد كبير من الفنانين بالشكل وشكل اللوحة وشكل العنصر بداخل اللوحة، وهناك احتفاء كبير في الحركة الفنية التشكيلية في مصر بالشكل. 

  • كان ينبغي أن يكون هناك نقاش كبير جدًا حول مفهوم المعاصرة
  • نحن أمام أزمة في التعليم ..
  • التعليم لا يصنع مثقفين أو مبدعين فلدينا مبدع الصدفة ومثقف الصدفة
  • أطالب بعودة امتحانات القدرات مرة أخرى مع اختبارات الثانوية العامة
  • نظام اختبارات الكليات الفنية أثبت فشله
  • أدعو لإنشاء جهة بقانون تكون مهمتها توثيق الأعمال الفنية وتداولها

حاضنة للفنان 

وتكمن الأزمة الحقيقية في أننا ليس لدينا حاضنة للفنان والتي تسمح بوجود مناقشات مع الفنانين والتي من خلالها نطلع على أفكارهم الموازية لأعمالهم وليس التفسيرية لأعمالهم ونستطيع من خلال تلك الحواضن أن نخرج الكثير من داخل الفنان، وأن نبحث بداخل الفنان عما هو وراء الشكل، والقدرة على التجدد والمغامرة.

وأظن أن تلك الأزمة ستمضي فإن العالم اليوم يعيد تهيئة نفسه من جديد، وهناك فضاء الكتروني واسع، يعمل على اتساع مدارك الأجيال الجديدة، فأعتقد أن الأجيال الجديدة ستصنع الجديد، وأظن أن هناك أمل. 

  • كيف رأيت معرض الفن المعاصر .. وهل هناك فن يتسم بالمعاصرة؟

في الحقيقة انه لابد وأن تتبع تاريخ العمل المركب في مصر والذي بدأ مع ظهور صالون الشباب في عام 1987، والتي تم استخدام فيها العمل المركب والذي لا ينتمي للفن المعاصر، وهو نوع من الصياغة الإبداعية التي يتم فيها استخدام الفراغ والتي تسمح بالتعامل معه أو الدخول بداخله من خلال تقنيات . 

وتكمن أهمية صالون الفن المعاصر انه يضعنا أمام تساؤلات مهمة والتي منها ماهية الفن المعاصر؟، وهل الفنان معاصر أم لا؟ وهل يجوز للفنان الذي لدية تجربة تقليدية أن يصنع فن معاصر بالطلب؟ أم ينبغي استدعاء فنانين معاصرين بالأساس، فهناك طرح مجتمعي حدث بين الفنانين حول تلك النقاط. 

وفي الحقيقة أن دور الدولة هو طرح قضايا للمناقشة، وكنت أتمني أن تكون هناك حلقات نقاشية داخل الصالون حول تلك المفاهيم، وأن يتم استضافة كل المختلفين والمتفقين مع التجربة، وأن تقوم بتفتيت أعمال الفنانين ومناقشتها.

وأن المعرض كان فرصة جيدة لطرح تلك التساؤلات؟ لاسيما وإنا كنا بصدد تقديم رؤية جديدة. وأرى أن تقديم رؤية جديدة بدون تنظير اعتبرها رؤية منقوصة، فانا أرحب بالتجربة ولكني أرى أنها منقوصة بغياب التنظير، فجميعها تساؤلات جوهرية لم يتم الإجابة عليها، ولم أجد لها إجابات.

  • في نقاط كيف يمكن إيجاد حلول لأزمة الفن التشكيلي في مصر؟ وكيف نسير للأفضل؟

في الواقع هناك لابد من العمل على عدة محاور أولها هي إيجاد مجموعة حواضن تعمل على العصف الذهني للفنانين، والتي تعمل على تطويرهم وتطوير قدرتهم ومعرفتهم، ولا يجب أن نترك هذا الأمر للصدفة وبالتحديد للفنانين الشباب، والتي يجب أن يفتح لهم المجال للمناقشة وطرح التساؤلات، فتجربة الفنان ليست منعزلة عن المجتمع، ويجب مناقشته بشكل دائم وإيلا سيصبح الفنان أسير للشكل والشكلانية، وليس أسير للفلسفة. 

كما أننا لدينا أزمة أخرى وهي التعليم، فنحن نعاني من وجود مثقف الصدفة، والذي يكتشف نفسه بالصدفة، فالمناهج التعليمية لا تخرج مثقف، فالعملية التعليمية تفتقر لوجود آليات لكيفية تلقي الثقافة، والبعض من هؤلاء المثقفين قد يتحولوا لمبدعي الصدفة لأنه اشتعل على نفسه وطور أدواته فأصبح مبدعًا. 

 

  • كيف ترى ظاهرة انتشار بعض الورش التي يتم عملها للطلاب المقبلين على الدخول لكليات الفنون الجميلة؟

 

هنا نجد أنفسنا أمام تساؤل مهم وهو لماذا تم إلغاء امتحان القدرات المصاحب لامتحانات الثانوية العامة؟ ولماذا تم اللجوء للنظام الحديث الخاص باختبارات القدرات بداخل الكليات الفنية؟ فهل هذا النظام تم تفعليه لزيادة موارد تلك الكليات؟ وأظن أن النظام الحالي هو نظام مُقحف وقاسي على أولياء الأمور ويؤدي لعجز مادي على رب الأسرة والذي قد يضطر رب الأسرة في عدم اهتمامه بدخول ابنه الموهوب لتلك الكليات. 

فهو نظام ثبت فشله وأن ادعوا لعودة اختبارات القدرات الموجودة مع الثانوية العامة ، مع أخذ رسوم معقولة، ففي الحقيقة أن اكتشاف مبدع أهم كثيرًا من أي نقود ، فموارد الدولة وزيادتها يجب ألا تأتي على حساب المبدعين، وأن ما يحدث الآن هو أمر غير مقبول. 

فأنا في الحقيقة أنا ضد النظام الجديد وأنه أفرز إشكاليات كبيرة جديدة وأصبح مجالاً للدروس الخصوصية في الفن التشكيلي وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى أن الفن التشكيلي قد أصبح في متناول من كل من لديه قدرة مادية، ولهذا أطالب بعودة امتحانات القدرات مرة أخرى. 

 

  • هل ترى أننا بحاجة الآن إلى سن قوانين خاصة بفكرة تنسيب الأعمال الفنية وتوثيقها؟

أرى أن الدولة المصرية الآن في حاجة ملحة إلى سن قوانين تنظم فكرة ملكية العمل الفني وتوثيقه وتداوله ، فيجب أن تكون هناك قوانين تنظم ذلك ، من خلال إصدار شهادات البيع ، ويجب أن تكون هناك جهة هي المنوطة بتوثيق تلك الأعمال وتسجيل عمليات بيعها ومن هنا تأتي أهمية عملية التوثيق وتنظيمها؟ مثلما يحدث مع الكتب من خلال إصدار أرقام إيداع خاصة بكل كتاب، وهذا لضمان حقوق الملكية الفكرية لكل عمل فني . 

وأنا أدعو لإنشاء جهة بقانون تكون مهمتها توثيق الأعمال الفنية، وهذا مع الوقت سيعمل على تقليل فرص التزوير، أو تداول اللوحات بشكل غير قانوني أو يتم تهريبها، وهذا سيعمل على تقليل ظاهرة تزوير اللوحات أو تسريبها، ولكن مع وجود تلك الجهة سيسهل عمليات اقتناء اللوحات الفنية وضمان لحقوق الملكية الفكرية للفنانين.