الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"وولي سوينكا".. أديب المعارك السياسية

وولي سوينكا
وولي سوينكا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحل، اليوم الأربعاء، الذكرى الـ 88 على ميلاد الكاتب والمسرحي والشاعر النيجيري «وولي سونيكا» والذي اشتهر بأديب المعارك السياسية، وهو أحد الأدباء الافارقة الذين حصلوا على جائزة نوبل في الآداب لعام 1986. 

ولد سونيكا في مدينة أبيوكوتا جنوب غرب نيجيريا وينتمي لقبيلة اليوربا، في 13 يوليو عام 1934 تخرج في جامعة إبادن عام 1952، ثم سافر إلى بريطانيا للدراسات العليا في الأدب الإنجليزي، وحصل على الماجستير بمرتبة الشرففي عام 1954، وعمل خلال دراسته في لندن قارئًا ومراجعًا للنصوص المسرحية بالمسرح الملكي.

«وولي سوينكا» هو أديب وشاعر وروائي ومسرحي نيجيري وهو أول أديب أفريقي يحصل على جائزة نوبل في الآداب، عُرف بـ «أديب المعارك السياسية» وذلك لأنه وهب نفسه للدفاع عن الحريات العامة، وذلك من خلال أعماله الإبداعية التي طوعها لكشف الممارسات السلبية وفضح السياسيين والقادة، وهو الامر الذي أدي إلى دخوله السجن لأكثر من مرة، لانتقادة الجنرالات العكسريين والرؤساء في نيجيريا ومنهم الرئيس النيجيري الأسبق الحاج علي شيخو شغاري والجنرال العسكري الراحل ساني أباتشا والذي وصفهم بالقسوة وفقدان الإحساس. 

معاركه السياسية

كما قام بعمل حملات إعلامية مكثفة ضد الرئيس الأوغندي الراحل عيدي أمين من خلال المجلة الأدبية الأفريقية ففي مسرحيته "الموت وفارس الملك" والتي بنيت علي أحداث حقيقية وقعت عام 1946 في مدينة أويو النيجرية قديمة وتحكي قصة محاولات ضباط المنطقة البريطانية منع انتحار ابليسين زعيم اليوروبا وهو الانتحار الذي يتم في طقوس دينية خاصة وتتطلبه وفاة الملك ونتيجة لمحاولات ضابط المنطقة تلك تنشب اضرابات بين السكان السود والمستعمرين البيض، والكاتب يقصد استكشاف ما يحيط بحياة اليوروبا من غموض وطقوس.

وبعد إطلاق سراح وولي سوينكا بعد أن ألقي القبض عليه لتزعمه مظاهرة احتجاج شعبية ضد حكومة الرئيس أوباسانجو؛ لفشلها في مكافحة الفساد والجرائم، ومطالبته بدستور جديد للدولة.

كما لم يقتصر حربه ضد الفساد والظلم داخل القارة الأفريقية فقط، وإنما قام بشن هجوم على الرئيس "بوش" بسبب غزوه للعراق الذي اعتبره إرهابًا دوليًّا، ووصف بوش بأنه "أخطر أصولي متطرف في التاريخ يتولى إدارة البيت الأبيض، وأنه نصب نفسه المتحدث الرسمي باسم المسيح والبطل الوحيد في عالم النخبة".

مواجهته مع الحركات الإسلامية

وفي سبيل الدفاع عن ما يؤمن به الأديب الإفريقي "سوينكا" وإيمانة بقضايا الحريات في شتى المستويات كانت له مواقف تصل للعدائية ضد الحركات الإسلامية ومشروع الإسلام السياسي في نيجيريا، وقام بانتقاد  إدارة الرئيس "أوباسنجو" لضعف موقفها من تطبيق الشريعة الإسلامية في نيجيريا، حتى إنه دعا لمؤتمر يؤسس لدستور جديد أو يعيد تقسيم الدولة، فهو ينفي أن هناك أمة نيجيرية حقيقية، بل يصفها بأمة ملتهبة، وكان قد أيّد الحرب الانفصالية بإقليم بيافرا شرق نيجيريا عام 1967 ودخل السجن بسبب ذلك، ثم نُفِي إلى لندن ومنها إلى غانا ثم أمريكا.

ويُعَدّ سوينكا من أكثر المعارضين لفكرة الدولة الفدرالية المركزية ويعتبرها حربًا لاستئصال التنوع في الأخلاقيات الاجتماعية وفي الثقافات والسلوك؛ لأنها تدفع البشرية إلى الحالة المثالية للكمال الاجتماعية.

أعماله الأدبية

سوينكا هو واحد من أشهر أدباء العالم، تنوع عالمه الأدبي بين المسرح والرواية والشعر إضافة للترجمة، وشكّل مزيجًا حقيقيًّا لرؤية الكاتب ومعايشته لحضارتين الحضارة الأفريقية والحضارة الغربية ، وكتب أكثر من خمس عشرة مسرحية معظمها في في فترة الستينيات من القرن العشرين، وألف روايتين ونظم ديوانين من الشعر، وكانت مسرحية "الطريق" أولى أعماله الطويلة، وعرضت لمدة طويلة في لندن، وقد تطرق سوينكا فيها إلى مشكلات الحياة العامة في نيجيريا بطريقة دقيقة تشبه التصوير الفوتوغرافي، حيث اتخذت مادتها من واقع الممارسات اليومية التي تحصل في معظم الطرق السريعة Ring Road كمسرح لأحداث تلك المسرحية، وتُعَدّ مسرحية "الطريق" من أولى أعماله المترجمة إلى العربية.

وفي عام 1967 نشر سوينكا مسرحيته "حصاد كونجي"، وهي مسرحية ساخرة تجمع بين الخيال والواقع في شكل كوميدي تهكمي، ومسرحية "مجانين واختصاصيون" فكانت أول مسرحية يكتبها سوينكا بعد الحرب الأهلية الانفصالية (بيافرا) في نيجيريا بعد إطلاق سراحه من السجن، وفي مسرحيته "الموت وفارس الملك" تعرض سوينكا إلى إحدى المآسي الحقيقية في بعض المجتمعات الأفريقية، ومسرحية "سكان المستنقع" والتي جسد خلالها ظاهرة الاستغلال والفساد الأخلاقي التي يعيشها أهل المدن رغم ما فيها من مظاهرة الحضارة والرقيو، ومسرحية "الأسد والجوهرة" التي نشرت عام 1963 فقد تناولت الصراع الثقافي بين الأجيال: الجيل القديم والجيل الجديد، والشباب والشيوخ والصراع بين تيار التحديث وتيار التقليد، كما كشفت بطلان وفساد بعض المعتقدات والعادات الموروثة.

ومن أشهر أعمال سوينكا الروائية روايته الطويلة "المفسرون"، وهي تعالج بشكل خاص هموم وتطلعات شرائح المثقفين الأفارقة ونالت الرواية تقديرًا عالميًّا لكونها رواية واقعية تتناول أزمة المثقفين في نيجيريا.

كما نظم وولي سوينكا ديواني شعر أولهما: "ديوان إدانري وقصائد أخرى" عام 1967، والآخر: "قصائد من السجن" عام 1969، وقد كتبها خلال فترة اعتقاله من قبل الحكومة النيجيرية؛ بسبب تأييده لوجهة نظر شعب بيافرا في الانفصال.

الجوائز 

حصل "سوينكا" على العديد من الجوائز المحلية والإقليمية والعالمية، منها جائزة جوك كامبل عام 1968، وجائزة أفضل نصوص درامية بمسرحيته "الطريق" من مهرجان الفنون الزنجية بدكار عام 1966، وكان أول كاتب أفريقي يفوز بجائزة نوبل العالمية للآداب عام 1986، وأصبح بذلك علمًا من أعلام الفكر والأدب في العالم بأسره والذي تغيرت به نظرة العالم الدونية تجاه الشعوب الأفريقية وألقى الضوء على ما تزخر به ثقافتها من قيم إنسانية.