الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"شمشون وليفثيان وأفروديت" حقول غاز مصرية تنهبها إسرائيل.. وخبراء القانون البحري يطالبون باللجوء لمجلس الأمن لاستعادتها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


220 تريليون متر مكعب تشغل 5840 محطة كهرباء سرقتها اسرائيل من مصر.

ابو العلا: نمتلك مستندات تثبت أحقيتنا في حقول الغازبـ 700  مليار دولار.

 بدران: التجاهل المصري لترسيم الحدود البحرية أهدر 400 مليار دولار.


"شمشون وليفثيان وافروديت".. ثلاثة حقول للغاز الطبيعي توجد في منطقة شرق البحر المتوسط على الحدود البحرية الإقليمية لمصر، كان يمكن أن تحقق الكثير للاقتصاد المصري لما تمثله من احتياطي للغاز قدر بنحو 220 ترليون متر مكعب، لولا أن الأنظمة المصرية السابقة تركت الكيان الصهيوني يمارس عملية البلطجة ويضع يده على تلك الثروة الطائلة.
220 ترليون متر مكعب كانت كافية لتغيير الحياة على أرض مصر، وتجعلها دولة غنية، خاصة إذا علمنا أن مصر تنتج 2.5 مليار متر معب، تستهلك محطات الكهرباء 60% منهم أي ما يعادل 1.5 مليار متر مكعب، أي أن الغاز المصري في شرق المتوسط يمكنه أ يغطي 146 ضعف ما تنتجه مصر من طاقة، وقادر على إنتاج 3.4 مليون ميجاوات.
ولأهمية القضية نشير إلى أن شبكة الكهرباء المصرية مهددة بالانهيار بعد أن تخطي العجز 8 آلاف ميجاوات، مما سيؤدي لانقطاع التيار الكهربي لفترات تتراوح من 7 إلى 10 ساعات يوميا خلال الصيف القادم.
الكارثة الحقيقية أن مصر بمدنها وقراها وشوارعها وحواريها تعيش في حالة كاملة من الظلام، وكأنها في العصور الوسطي، تؤكد الدراسات العلمية لعمليات المسح السيزمى لبعض المواقع البحرية في المياه العميقة في البحر المتوسط، أن إقليم شرق المتوسط يعوم فوق بحيرة من الغاز، تقدر بنحو 122 تريليون قدم مكعب، تكفي لسد حاجة الأسواق الأوربية كلها لمدة ثلاثين عامًا.
والكارثة أن إسرائيل التي تستورد الغاز المصري "برخص التراب" بدأت في الترويج والدعاية لنفسها في العالم بأنها ستصبح قوي عظمي مصدرة للغاز الطبيعي، خلال السنوات القليلة القادمة في القارة الآسيوية والشرق الأوسط بأسره، وأنها ستكون أكبر منافس لمصر في تصدير الغاز الطبيعي، بعد أن كانت تتسول الغاز من مصر بأبخس الأسعار، فقد أعلن "يوسى أبو" الرئيس التنفيذي لشركة "ديليك " المسئولة عن التنقيب في حقل "لفثيان"، أنه بحلول عام 2017 ستقوم إسرائيل بتصدير الغاز الطبيعي لمصر والأردن، وأن الحقل هو أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في القرن الحديث.

"شمشون وليفثيان وافروديت".. كما قولنا حقول مصرية تتواجد في بحيرة ضخمة من الغاز الطبيعي، وتقع داخل الحدود البحرية الإقليمية لست دول، هي: تركيا وسوريا وقبرص ولبنان ومصر وإسرائيل.
إذا أين الحقوق المصرية في هذه الحقول؟ ومن يهتم بالبحث عنها، وكيف سمحت الأنظمة المصرية بسرقة أكثر من 700 مليار دولار خول السنوات العشر الأخيرة فقط، ومن سيطالب بحق الشعب المصري من تلك المليارات التي كانت بالتأكيد ستغير حياته.
أين تقع الحقول
طبقا للخرائط والاحداثيات يقع حقل "لفثيان" الذي تقدر احتياطاته بنحو 540 مليار متر مكعب، ويعد أكبر حقل غاز طبيعي بحري في البحر المتوسط، على بعد 150 كيلو متر شمال محافظة دمياط في السفح الجنوبي لجبل إراتوستينس البحري، وبالتالي يقع في المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر، وقد اكتشفته إسرائيل في يونيو 2010، ويقع على بعد 200 كيلو متر غرب حيفا على عمق 1500 متر في جبل إراتوستينس البحري، وتعتبر هذه المنطقة الغنية بالهيدروكربونات ومن أغنى مناطق العالم بالغاز الطبيعي.
أما حقل "شمشون" البحري والذي تُقدّر احتياطاته بقرابة 3.5 تريليون قدم مكعب، ويقع على عمق ألف متر تحت سطح البحر، جنوب لفياثان، ما يجعله على بُعد 114 كيلومتر شمال محافظة دمياط و237 كيلومتر غرب مدينة حيفا.
الأدهى من ذلك أن إسرائيل انتبهت لأهمية الحقول التي تنهبها من مصر وعملت على تأمينها من خلال مجموعة من الوسائل الدفاعية والأمنية، وعلى رأسها نشر منظومة "مقلاع داوود" الدفاعية على طول سواحل البحر المتوسط ضد أي صواريخ محتملة مضادة للسفن أو قوارب حاملة للمتفجرات، واستئجار وحدة عسكرية في قبرص حتى عام 2016 بهدف حماية الحقول.
تقاعس حكومي

في البداية، أكد الدكتور رمضان أبو العلا، الخبير وأستاذ هندسة البترول بجامعة قناة السويس، ورئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن حقوق مصر البترولية، أن حقل لفثيان نقطة في بحر من منطقة كاملة عائمة على بحر من حقول الغاز التابعة للمياه الإقليمية المصرية، موضحًا أن قيمة احتياطي هذه الحقول تصل إلى 700 مليار دولار وفقًا لتقديرات هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية.
وأضاف أبو العلا أن لديه مستندات عديدة تثبت أحقية مصر في الحقول التي تنهبها إسرائيل، والتي تمتد على مساحة 83 ألف كيلو متر مربع باحتياطي 220 تريلون قدم مكعب من الغاز ونحو 4، 6 مليار برميل من الزيت الخام، موضحا أن مصر انشغلت بقضاياها الداخلية وأهملت ملف من أهم قضايا الأمن القومي، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن هناك تقاعس وتقصير شديد من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة.
وشدد أبو العلا أنه قد آن الأوان أن تقوم الحكومة المصرية الحالية بالبحث عن حقوقها في الضائعة حقول الغاز، مضيفًا أنه تقدم بتقارير وأدلة للجهات المعنية والسيادية واللجنة العليا لترسيم الحدود التي تثبت أحقية مصر في الحقول التي تستحوذ عليها إسرائيل.
مليارات مهدورة
في حين يري الدكتور إبراهيم زهران، الخبير البترولي، أن مصر كانت أول دولة نقبت في المياه العميقة في مياه المتوسط، وأنتجت غاز من العديد من الحقول، موضحًا أنه بعد الاكتشافات المصرية تقدمت قبرص بطلب لمصر للتوقيع على اتفاقية للتنقيب على الغاز، وبمجرد توقيعها مع مصر في 2004 توالت اكتشافات قبرص وإسرائيل لحقول الغاز.
وأوضح زهران أنه كان يتوجب على مصر حينها وقف أعمال التنقيب القبرصية ومسألتها حول خرق الاتفاق من عدمه، وترسيم الحدود الاقتصادية مرة أخرى، مضيفًا أن إسرائيل بعدها توجهت لقبرص وأبلغتها أن تلك المنطقة تابعة لها وليس للسيادة المصرية.
وأضاف زهران أن مصر واقفة مكتوفة الأيدي أمام حقول عظيمة تقدر قيمتها من 200 لـ 400 مليار دولار مهدورة، والتي من المفترض أن تعيد الحكومة المصرية التحقيق فيها كي تعرف حقوقها المنهوبة، لافتًا إلى أن هناك أصوات في الحكومة تقول أن الحقول إسرائيلية وليست مصرية، واصفًا تلك التصريحات بالاستهتار في حقوق الشعب المصري والأملاك المصرية.
وأشار زهران أنه يتوجب على مصر الآن التوجه إلى مجلس الأمن ومطالبة الأمم المتحدة بالبت في أحقية مصر للحقول الغاز دون الدخول في حرب أو نزاعات، مضيفًا أن هناك دعاوى مقدمة لمحكمة القضاء الإداري للبحث عن أحقية مصر في الحقول، مبينا في الوقت نفسه إن مسألة استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل فضيحة بكافة المقاييس نتيجة للضعف والانهيار السياسي الذي شهدته مصر، والذي أضاع حقوقنا في الحقول وبعد ذلك نتجه لإسرائيل ونتسول منها الغاز.
اتفاقيات مشبوهة
من جانبه أكد السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية الأسبق، ومنسق حملة "لا لبيع الغاز للكيان الصهيوني"، أن الحقول التي تستحوذ عليها إسرائيل حقول مصرية خالصة، موضحًا أن الاتفاقية التي وقعت عليها مصر عام 2004 برعاية سوزان مبارك اتفاقية سرقة وتدنيس ومخالفة لقانون الأمم المتحدة وللمادة 74 لقانون البحار وتتجاهل حقوق مصر في المياه الاقتصادية وحقوق الدول المتشاطئة والمتقابلة في مياه البحر المتوسط.
وأضاف يسرى أن هناك تهاون وتراخى شديد من قبل الحكومة المصرية إزاء هذه القضية المهمة، والتي تمس أمن مصر القومي بالدرجة الأولى، مشيرًا إلى أنه تقدم بالعديد من التقارير والمستندات للواء عمرو سليمان لإثبات أحقية مصر في الحقول، وبعدها تقدم للحكومة الحالية وللمشير السيسي للبت في مسألة ترسيم الحدود الاقتصادية والاستفادة من الحقول المنهوبة على يد إسرائيل.
وأوضح يسرى أن هناك تهاون شديد من قبل وزارة البترول باعترافهم أن الحقول تابعة لإسرائيل، مضيفًا أنه لا يستبعد أن يكون هناك مصالح شخصية تنتهجها وزارة البترول إزاء ملف سرقة حقول الغاز المصرية، مطالبًا الحكومة المصرية بالسرعة التحرك في المحافل الدولية لإعادة الحقوق المصرية المنهوبة.