السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

في ذكرى ثورة 30 يونيو : الشعب ينتصر على إرهاب الإخوان .. رفعوا السلاح فتمرد الملايين ضد المرشد .. نائب خاص بدلًا من النائب العام.. واستبدال أبطال الوطن بالإرهابيين .. وأزمات في القطاعات كافة

ثورة 30 يونيو
ثورة 30 يونيو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم يمضِ عام على تنصيب محمد مرسى رئيسًا لمصر فى يونيو 2012، إلا وأدرك المصريون أن «مرسي» لا يهمه سوى تمكين أهله وعشيرته، جماعة الإخوان، كما أشعل احتجاجات القوى المدنية ضده بإصداره، فى 21 نوفمبر 2012، إعلانًا دستوريًا يحصن قراراته من الطعن عليها قضائيًا، ثم قيام أفراد الإخوان بإحراق خيام المعتصمين الذين احتشدوا بالآلاف، فى 4 ديسمبر 2012، حول قصر الاتحادية هاتفين «يسقط يسقط حكم المرشد»، فسقط شهداء، وجُرح المئات.

ومع ازدياد سوء إدارة مرسى لشئون البلاد بصفة عامة، والاقتصاد بصفة خاصة، تصاعدت دعوات المصريين، فى أبريل 2013، لسحب الثقة من مرسى، وإجراء انتخابات رئاسية مُبكرة. لكنه لم يستجب، بل وأرهبت جماعته الناس فى الشارع، فدعت التيارات المدنية المعارضة له ولجماعته إلى مظاهرات 30 يونيو للاطاحة به وإسقاط حكم الإخوان. وخرج ملايين المصريين، ضد حكمهم، وبمساندة الجيش لمطالب الشعب، عُزل «مرسي» وانتهى حكم الجماعة. ووفقًا للدستور سلمت السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار عدلى منصور.

30 يونيو

30 يونيو فى عيون المواطن: نصبوا علينا باسم الدين

مع حلول الذكرى التاسعة لثورة ٣٠ يونيو، تواصلت «البوابة نيوز» مع عدد من المواطنين لنتذكر معهم كوارث عهد الإخوان، والغضب الشعبى من حكم الجماعة، وصولًا بإسقاطهم، وكانت البداية من «أشرف جمعة»، عامل بإحدى شركات الخدمات البترولية، حيث يقول إنه طوال عام كامل من حكم الإخوان لمصر عاشت البلاد فى فترة صعبة على جميع المستويات، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ويُتابع: "أكثر المشكلات التى واجهتنى فى تلك الفترة كانت انقطاع الكهرباء بشكل مستمر، كل ساعتين تلاتة تلاقى النور قاطع، بخلاف أزمات البنزين المتكررة، فلن أنسى الازدحام والطوابير أمام محطات الوقود والتى تسببت فى شلل حركى فى مواصلات كثير من المناطق والمدن".

ويتابع جمعة: "الشارع وصل لدرجة كبيرة من الاحتقان، جماعة الإخوان كانت تحشد أفرادها فى الشوارع لتورج لأفكارها المتطرفة علنا، بل أن بعض أفراد الجماعة وصل بهم الحال بأنهم كانوا يتهمون الناس بالكفر علنًا، فى الشارع وعبر صفحات التواصل الاجتماعى، رأيت بنفسى أن بعضهم كان يتعدى على كل من يعارض سياسة مرسى وأسلوب إدارته للبلد، أو حتى يشتكى من الأزمات المتكررة".

يشير جمعة، إلى أن الجماعة تمكنت من الوصل للحكم بعد أن استطاعت استعطاف مشاعر المصريين، خاصة حين كان أفرادها ينشرون عبر كل وسائل التواصل المتاحة فى البلد بأنهم «ناس طيبين، ورؤساء مصر السابقين ظلموهم لسنوات ورموهم فى السجون دون وجه حق، ومن حقهم ياخدوا فرصة فى حكم البلد». ويواصل: «لكن لما وصلوا للحكم، بدعم من قطاع كبير من المصريين الذين صدقوا أكاذيبهم، ظهر وجههم الحقيقى، فهم لا يهمهم شيئًا غير الأهل والعشرية، وتمكين حكمهم لمئات السنين".

ويقول موسى مبارك، ٢٩ سنة، إنه شارك فى ثورة ٣٠ يونيو رفضًا لوضع كان سيودى بالبلاد إلى الهاوية، ويتابع: "لن أنسى معركة القضاء المصرى مع الإخوان، حين حاولت الجماعة فرض السيطرة على القضاء المصرى بإعلان تعيين نائب عام بدلًا من عبد المجيد محمود، ليكون نائب خاص بهم وليس نائب عام للبلاد، ولفرض هذا الواقع حاصر مئات من أفراد الجماعة المحكمة الدستورية العليا".

يشير مبارك لـ«البوابة نيوز» إلى أن القشة التى قصمت ظهر الإخوان، وكانت مؤشرًا كبيرًا له بأن عصر الإخوان كتب نهايته بنفسه، هو الإعلان الدستورى، الذى جاء ليحمى أى قرارات للأهل والعشيرة بأن تكون نافذة ونهائية وغير قابلة للطعن، ويُتابع: "هذا الإعلان كان نهاية لحكم الإخوان، فلن يرضى الشعب المصرى بأى طريقة من الطرق أن يتم فرض القرارات عليه من مكتب الإرشاد دون اعتبار لدولة المؤسسات". 

ويكمل مبارك: «خرج شباب المصريين فى مسيرات مناهضة، أمام قصر الاتحادية، رفضًا للإعلان الدستورى وحكم مكتب الإرشاد، وتعرض بعضهم لهجوم أفراد الجماعة الإرهابية بالقتل والترويع، فسقط بعضهم شهداء وأصيب الكثيرون، ومن وقتها آمنت أنه لا محالة من سقوط الإخوان»، منوهًا بأن المشاركة فى ثورة ٣٠ يونيو كان بمثابة تصحيح لمثار ثورة المصريين ضد الفساد فى ٢٥ يناير ٢٠١١.

ويقول محمد مغربى، موظف بأحد شركات الأدوية، إن جماعة الإخوان خلال عام حكمهم «خربوا البلد» على حد وصفه، موضحًا: «سنة واحدة كانت كفيلة بكشف أكاذيب الجماعة على المصريين باسم الدين، وكان لابد من أن ينتهى عصرهم، وتصحيح الأوضاع، فجاءت ٣٠ يونيو ليثبت الشعب المصرى للمرة الثانية أنه قادر على تصحيح الأوضاع، مطالبين بإنهاء حكم المرشد. يضيف مغربى لـ«البوابة»: «الشعب تصدى لقوة تدعى أنها دينية، وهم كاذبون يستغلون الدين لتحقيق مصالح مكتب الإرشاد، حتى لو على حساب أمن وآمان المصريين، وكانت الثورة نقطة تحول فى تاريخ مصر الحديث، أدت إلى استقرار الأوضاع الأمنية، وطهرنا فيها البلد من دنس الإخوان، وأفشلنا المؤامرات الخارجية علينا، لتعود مصر إلى مكانتها الطبيعية رائدة فى المنطقة العربية".

ويشير مغربى إلى أن أكثر الأهداف أهمية التى تحققت بعد ثورة ٣٠ يوينو هو عودة الحياة الطبيعية للشارع بعد عام كامل من الاحتقان، وأصبح المواطن يتجول بحرية تامة وهو آمن على أسرته وممتلكاته بعد حوالى ٣ سنوات من زعزعة الأمن مُنذ ثورة يناير ٢٠١١، منوهًا إلى مكاسب اقتصادية واجتماعية أخرى تأتى فى الأولوية بعد الاستقرار الأمنى، وعلى رأسها شبكة الطرق والكبارى التى تخدم مصر لتقليل حدة إهدار الوقت والطاقة، بالإضافة لمشروعات الاستصلاح الزراعى.

وقال محمود عبادى، يعمل بأحد شركات قطاع الإنشاءات، إن انحياز مرسى لجماعة الإخوان على حساب جموع المصريين كان السبب الرئيسى فى خروج المصريين بالملايين فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لإسقاط حكم أهله وعشيرته، مضيفًا: "ذلك رغم الفرصة التى أُتيحت له بالجلوس على كرسى الحكم لمدة عام كامل، وكانت قراراته العشوائية التى يتم الإعلان عنها، ثم يتم إلغائها فى اليوم التالى، خير دليل على أنه يعتمد فقط فى اتخاذ القرارات السياسية الهامة على مكتب الإرشاد الذى يعطى التعليمات".

ويتابع عبادى لـ«البوابة» أنه كان من الضرورى سقوط حكم الإخوان حتى لا تدخل البلاد فى حالة من الصراع أو الحرب الأهلية نتيجة أفعال أفراد جماعة الإخوان التى كانوا يجاهرون بها علنًا فى الشارع وعبر قنواتهم الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعى التى تتبعهم، فهم كانوا يريدون الانفراد بحكم البلد دون حسيب أو رقيب، وهو ما جعل سقوط شرعية الإخوان فى ٣٠ يونيو من أهم الأحداث فى تاريخ مصر.

وينوه عبادى بأنه رغم أن أزمات المواطن المصرى الحياتية التى شهدتها فترة حكم الإخوان اختفت حاليًا، كأزمات نقص البنزين والوقود والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائى وغيرهما، إلا أن المواطن يعانى حاليًا من أزمة ارتفاع أسعار كثير من السلع نتيجة لتداعيات انتشار فيروس كورونا ثم أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما يستلزم من الحكومة بذل المزيد من الجهد والعمل لخفض أسعار السلع.

ويتابع عبادى: "من الإجحاف القول بإن الدولة لم تشهد تطورًا اقتصاديًا خلال سنوات ما بعد حكم الإخوان، لكن الأزمات العالمية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة أثرت سلبيًا على أوضاع الأسرة المصرية، ورغم أن الحكومة حاولت مواجهة الأزمة الاقتصادية برفع الأجور والحد الأدنى وغيره، لكن تظل المشكلة قائمة، وتستلزم منها بالاهتمام بقطاعى الإنتاج الصناعى والزراعى لمواجهة تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، ومن الضرورى طرح مئات الآلاف من فرص العمل أمام الشباب، وضبط الأسعار فى الأسواق، خاصة وأن بعضها مُفتعل من قِبل التجار لزيادة أرباحهم".

واختتم عبادى: "متفائلين خير بتحسن الأوضاع الاقتصادية، أعلم جيدًا أن الرئيس السيسى يعمل بكل جهد لتوفير حياة كريمة للمصرين، لكن الأزمات العالمية متلاحقة، لذلك الحل أراه فى الاهتمام بالصناعة المحلية وتذليل العقبات أمامها بالإضافة للاهتمام بالفلاح المصرى وتوفير مستلزمات الإنتاج له بأسعار مناسبة لتشجيعه على الزراعة، وذلك بجانب المشروعات الزراعية الجديدة التى يفتتحها الرئيس لتكون إضافة كبيرة ومهمة للرقعة الزراعية لتوفير المحاصيل المصرية بدلا من استيرادها".

عام الأزمات 

لم يكن عام حكم الإخوان عامًا عاديًا، بل مليئًا بالكوارث السياسية والاقتصادية، حيث شهدت مصر مجموعة كبيرة من الأزمات التى كانت سببًا رئيسًا فى خروج ملايين المصريين ضد حكم الجماعة فى 30 يونيو 2013، وهو المشهد الذى انتهى، خلال 3 أيام، بإسقاط حكم مكتب الإرشاد، استجابة لمطالب جموع المصريين، وكان من أبرز أزمات عهد الإخوان:

أصدر محمد مرسى قرارًا، فى أكتوبر ٢٠١٢، بإقالة عبد المجيد محمود من منصب النائب العام وتعينه سفيرًا لمصر لدى الفاتيكان، بل وحاصر أفراد الإخوان المحكمة الدستورية العليا، ولم يتمكن مستشارى المحكمة الدستورية العليا من الحضور إلى مقر المحكمة بسبب الحصار الذى فرضه آلاف من المنتمين إلى الجماعة، وهو ما آثار حالة من الغضب داخل الأوساط القضائية، كما رفض النائب العام المصرى المستشار عبد المجيد محمود القرار، فيما أعلن رئيس نادى القضاة فى اجتماع طاريء حضره بعض الأعضاء للتضامن مع النائب العام عبد المجيد محمود.

الإعلان الدستورى.. والحُكم المطلق 

فى ٢٢ نوفمبر ٢٠١٢، أصدر محمد مرسى إعلانًا دستوريًا مكملًا أعطى بموجب هذا الإعلان لنفسه صلاحيات مطلقة، بجعل القرارات الرئاسية نهائية غير قابلة للطعن من أى جهة أخرى، أى القضاء «كالمحكمة الدستورية»، ليطلق لنفسه العنان فى إطلاق القرارات كيفما شاء دون اعتراض من أحد، وكذلك تحصين مجلس الشورى واللجنة التأسيسية بحيث لا يحل أيًا منهما كما حدث لمجلس الشعب فى بداية حكمه، بالإضافة إلى أن الإعلان لتعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب.

أحداث الاتحادية.. استشهاد وإصابة العشرات

وقعت أحداث قصر الاتحادية فى ٥ ديسمبر ٢٠١٢، فبعد إصدار الرئيس الأسبق محمد مرسى الإعلان الدستورى فى نوفمبر من نفس العام والذى أعطى لنفسه من خلاله صلاحيات مطلقة وحصن مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لوضع الدستور، بحيث لا يحل أى منهما وغيرها من القرارات التى زادت من حالة الاحتقان والغضب الشعبى ضد حكم الإخوان ومرسى، دعت المعارضة الشعب للخروج إلى الشارع والاعتصام، فتحرك آلاف المصريين باتجاه الاتحادية وتظاهروا فى محيطه، وحدثت اشتباكات عنيفة بين أنصار الإخوان والمعتصمين أدت إلى استشهاد وإصابة العشرات على رأسهم الزميل الصحفى الشهيد الحسينى أبوضيف.

استبدال الأبطال بالإرهابيين فى ذكرى أكتوبر

خلال احتفالات أكتوبر ٢٠١٢، تجاهل محمد مرسى أبطال حرب أكتوبر، بل واستبدلهم بالإرهابيين من الجماعة الإسلامية، حيث فوجئ الجميع باستضافة جماعة الإخوان المسلمين فى احتفال ذكرى انتصار أكتوبر باستاد القاهرة لقيادات إرهابية تورطت فى اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان على رأسهم عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية وطارق وعبود الزمر، وقيادات بارزة بالجماعة الإسلامية، وهو ما أثار سخطًا كبيرًا من جانب طوائف كثيرة من الشعب التى استنكرت استبدال الأبطال بالإرهابيين، كما دفع كثيرون من أبناء السادات لمقاطعة الاحتفالات.

أخونة مؤسسات الدولة 

طوال حكم محمد مرسى، كان واضعًا نصب أعينه مصلحة الإخوان المنتمى إليهم، فالجماعة وحدها تصب قراراته وتصرفاته لصالحهم لدرجة تعريض الأمن القومى المصرى للخطر، عمل حكم مرسى وبسرعة كبيرة على ترسيخ الأخونة ونشر هذا الفكر رغم تنامى الشعور المعادى له من يوم لآخر، كما رسخ على مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد، وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامى الذى يمثله الرئيس وجماعته دون أن يقدموا دليلًا واحدًا على هذا المشروع، وبدلًا من أن يتفرغ الشعب للعمل والانتاج، اتجه إلى التناحر والعراك بين التأييد والرفض.

لعل أبز المشكلات الحياتية التى واجهت المواطن المصرى خلال عام حكم الإخوان هو تكرار، وبشكل متواصل، أزمات البنزين والسولار، والانقطاع المتكرر للكهرباء. كما استمرت الأزمات الغذائية، والارتفاع المتواصل فى أسعار السلع والخدمات دون تدخل حكومى يسعى لوقف جشع التجار.

أزمات الكهرباء والغذاء والمواصلات

ورغم تعهد مرسى بحل مشكلة المواصلات ضمن خمس مشاكل تعهد بحلها خلال المائة يوم الأولى من حكمه، إلا أنه لم يشهد عام كامل من حكم الإخوان لمصر تشييد أى من الطرق الجديدة، أو اصلاح الطرق القائمة، فضلًا عن تراجع أداء مرفق السكك الحديدية.

تراجع النمو وتآكل الاحتياطى

شهد عام حكم الإخوان لمصر، تراجع فى معدلات النمو وتآكل الاحتياطى النقدى وزيادة الدين العام وتراجع تصنيف مصر الائتمانى، ووفقًا لإحصاءات البنك المركزى فإن الدين العام ارتفع خلال فترة حكم الإخوان بنحو ٢٣.٣٦٪ بعدما سجل مستوى ١٥٢٧.٣٨ مليار، إلى جانب استمرار تآكل الاحتياطى النقدى من الدولار لدى البنك المركزى فوصل إلى نحو ١٤.٩٣ مليار دولار بدلا من ١٥.٥٣ مليار دولار بنسبة انخفاض قدرها ٣.٨٪. وكلها مؤشرات تعكس انهيار الاقتصاد فى حكم جماعة الإخوان، حيث كان يتم محاربة المستثمرين لصالح رموز الإخوان، إلى جانب أخونة المناصب الاقتصادية فى الدولة مثل وزارة المالية ووزارة الاستثمار.