السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أغلى ما نملك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

علينا أن نتفق أن أمن المجتمع يتحقق جوهريا بتنصيب كل منا رقيب على نفسه أولا؛ فلا يُعقل أن نقيد شرطيا لكل مواطن.. فالاتفاق إذن أن نبنى الدوافع الداخلية للانضباط الذاتي لدى الأفراد. هذه الدوافع بالطبع بذرتها الأولى تكون على يد الأسرة والبيت، ويدعمها المجتمع المحيط الذي يبدأ بالمدرسة ودورها التربوي والذي هو بحاجة إلى مراجعة وإعادة ترتيب، واسترجاع دور المُعلم وليس المدرس، واستدعاء دور المُربي والقدوة، مرورًا بدور الواعظ سواء بالمسجد أو الكنيسة، ذلك الدور الذي يجب ألا نختزله خلطًا منا بين الدعاة الربانيين وبين دعاة التطرف أو الإرهاب؛ تأثرًا بما يدعيه الآخر الذي أورثنا الريبة في أمرنا ومن نفسنا.

ثم الدور الأخطر وهو دور الأداة الإعلامية التي أصبح معظم الأعمال فيها مرآة فقط لقيعان المجتمع والذريعة أنها مرآة للواقع!  حسنًا أليس علينا اختيار أي الواقع سنشرِّف ونكرم بإلقاء الضوء والإخراج للعلن ؟!.

هل الواقع المصري فقط ينطوي على البلطجة وحروب الشوارع والمخدرات والسكارى ؟!، لم لا نرى أعمالا تصور مشوار العلماء المصريين أمثال الدكتور أحمد زويل أو مجدي يعقوب؟.

لما لا نرى عملا فنيا يوثق- على غرار ما وثقت السينما الغربية حياة ووفاة العالمة ماري كوري -  لحياة العالم المصري على مصطفى مشرفة ووفاته؟ وغيرهم الكثير.. لما لا ننتقي الكلمات والمشاهد اعتمادا على أن المجتمع يتأثر ويتفاعل ويتعايش مع الأعمال الدرامية والفنية عمومًا، ويسعى بقصد أو بدون إلى تقليدها في الغالب.

حتى معاني الحب، كيف تحولت في الرسالة الفنية من: "أمر على الديار ديار ليلى.. أقبل ذا الجدار وذا الجدار.. وما حب الديار شغفن قلبي.. ولكن حب من سكن الديار" وأصبحت الرسالة أنه إذا تمنّعت ليلى أو تمنّع أهلها: " يا أنا يا مفيش أصل معنديش في الحب هزار"  وتدّنت لتصل إلى القاع ب "عشان تبقي تقولي لأ"!.

إن المقارنة بين ما تربي عليه أبناء جيلي مثلًا  - أقصد الثمانينات - من برامج تثقيفية بنَّاءة ك 《العلم والإيمان، 《حديث الروح》، 《 حديث الشعراوي》،وما تربى عليه الأجيال التي أتت من بعدنا.. هي للأسف مقارنة غير عادلة.

وأخيرًا، إن الفضاء المفتوح من وسائل التواصل المتنوعة بل والمتوحشة، ربما أستقبلها جيلنا في عمر ليس بحرج، به من النضج في الحد المقبول. أما وقد ظُلمت الأجيال التي تلتنا حيث نمت في مثل هذا الفضاء المفتوح دون تمهيد وتأمين. والذي تكمن أخطر جوانب هذا الفضاء في الوقوع في فخ الصور المثالية التي يصدرها الجميع؛  وبالتالي وقوع المقارنات في نفس المتلقي، ومن ثم السُخط والإحباط المضاعف لدى الشباب!  

واليوم نحصد أشواكًا زرعناها باستهانة، أوعلى أحسن الظن أهملنا الزراعة وتركناها للبوار وسقيا الشيطان!

ولأنه أن نأتي متأخرين أفضل من عدم المجيء مطلقًا، فعلينا الآن أن نقف وقفات جادة لمثل هذه الحوادث الأخيرة التي يتخلص فيها الشباب من حيواتهم أو حيوات الآخرين. فها هنا يجب أن تقام الرسائل البحثية والتحليلية، وهاهنا ينبغي أن ينطلق المتفكرون.

إن شبابنا وأبناؤنا هم الأمل الحقيقي، وهم امتدادنا الذي نتعزّى به إذا لم نستطع إنجاز الحلم.. الحلم  في أن نصبح يوما على ما نستحق أن نكون.. ليس يضيرنا إن وصلنا على أقدامنا أو على أقدامهم.. وإن غاية ما تجريه الأمة من تنمية وتحديث وتصنيع وخلافه إنما يجري لرواء تلك النبتات.  وإننا إذا انشغلنا يوما أو حادت بنا الطرق عن تلك الغاية، فإنا نكون قد انزلقنا في طريق الخسارة لشبابنا الذين هم.. أغلى ما نملك!