الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

ماكرون يرفض تشكيل حكومة إئتلاف وطني.. وهذه السيناريوهات المتوقعة في فرنسا

الرئيس الفرنسي
الرئيس الفرنسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال خطاب إلى الأمة الفرنسية ألقاه مساء أمس الأربعاء، تشكيل حكومة إئتلاف وطنية.

ويأتي ذلك في أعقاب النكسة التي سجلها حزبه وحلفائه السياسيين في الانتخابات التشريعية والتي خسر فيها الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية ( مجلس النواب ) .

ودعا في الوقت نفسه إلى تشكيل أغلبية مفيدة وواضحة لقيادة البلاد. وقال الرئيس ماكرون في خطابه إنه يرفض تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد أن فشل تحالفه "معا" في كسب الأغلبية المطلقة.

وأعلن ماكرون أن المعارضة أشارت إلى استعدادها للعمل مع حكومته بشأن "مواضيع رئيسية" وملفات هامة مثل كلفة المعيشة والوظائف والطاقة والمناخ والصحة. ودعا في الوقت ذاته إلى تشكيل أغلبية في الجمعية الوطنية الجديدة لتجنب الجمود السياسي. وقال ماكرون "لا يمكنني تجاهل الانقسامات، الانقسامات العميقة التي تعم بلادنا والتي يعكسها تشكيل الجمعية الوطنية الجديدة. علينا أن نوضح خلال الأيام القليلة القادمة حجم المسؤولية والتعاون الذي يمكن أن تقبله التشكيلات المختلفة في الجمعية الوطنية"

وأضاف الرئيس الفرنسي أنه بينما سيقضي اليومين المقبلين في قمة للاتحاد الأوروبي، فإن الأمر متروك لقادة الأحزاب السياسية ليقولوا "إلى أي مدى هم على استعداد للمضي قدما من أجل الشعب الفرنسي".

وجدير بالذكر أن ماكرون كان يتمتع بالسيطرة المطلقة على البرلمان خلال فترة ولايته الأولى (منذ عام 2017). لكن الناخبين الذين أعادوا انتخابه رئيسا في أبريل اختاروا برلمانا مختلفا لا يتمتع فيه تحالف الرئيس بالأغلبية، استياءا من ارتفاع التضخم وما يعتبرونه عدم اكتراث من جانب الرئيس لمستوى معيشتهم.

 

ماهي السيناريوهات القادمة؟

يعيش الفرنسيون مشهدا سياسيا بتقويض سلطة الرئيس بشكل غير مسبوق، ما يجبره على تقديم تنازلات مريرة للمعارضة تفاديا الدخول في دوامة من عدم الاستقرار السياسي في البلاد.

فمنذ ثلاثة أيام والمشهد السياسي الفرنسي يعرف غليانا غير مسبوق، فالوضع معقدا لرئيس الدولة الذي اضطر لإعادة النظر في خططه. لذا سارع التكتل الذي يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون (يمين وسط) للبحث عن سبل التعاون مع معارضيه السياسيين في محاولة بالغة الحساسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من برنامجه السياسي، الذي انتخب على أساسه لولاية ثانية. حيث تشكل خسارة الرئيس لأغلبيته البرلمانية انتكاسة قاسية تعكس انقساما عميقا بين الناخبين الفرنسيين. ويذكر أن الرؤساء الفرنسيين اعتادوا أن يمنحهم الناخبون أغلبية برلمانية تتماشى مع خطهم السياسي وهذا ما لم يحدث هذه المرة.

وعمليا يُترجم فقدان ماكرون للأغلبية البرلمانية باستحالة مواصلة الأسلوب الذي مارس به السلطة في ولايته الأولى، حيث كان يميل لاتخاذ قرارات فردية يصفها منتقدوه بـ"الفوقية" وأحيانا بـ"المتغطرسة".  وعلى ضوء المعطيات الجديدة، بات ماكرون رئيس دولة يتمتع بهامش مناورة محدود للغاية، ومن الآن فصاعدًا لن يتمكن من ممارسة السلطة إلا بأغلبية نسبية. وفي الوقت نفسه، فقد زادت وبشكل غير مسبوق قوة الأجنحة المتطرفة بنمو اليسار الراديكالي واليمين المتطرف.

فيما واصل ماكرون أمس وامس الأول ( الثلاثاء و الأربعاء) مشاوراته مع المعارضة وحلفائه لتشكيل هذه الغالبية المطلوبة ليمرر برامجه السياسية والاقتصادية ومشاريع القوانين البرلمان بعدما أرغمه الفرنسيون على السعي للتسويات مع الفرقاء السياسيين ، وباتت فكرة حكومة وحدة وطنية التي طرحت لبعض الوقت، مستبعدة.

وقد استقبل طوال أمس الأربعاء في قصر الاليزيه  مسؤولين بارزين من المعارضة تشمل الناشط البيئي جوليان بايو ورئيسة كتلة فرنسا الأبية (يسار راديكالي) في الجمعية الوطنية ماتيلد بانو وكذلك حليفه رئيس الوزراء السابق ادوار فيليب زعيم حزب "آفاق". فيما استقبل الثلاثاء عدة قادة أحزاب آخرين من الغالبية والمعارضة "لتحديد الحلول البناءة" من أجل الخروج من المأزق السياسي كما أعلنت الرئاسة.

وكثف الرئيس المشاورات قبل مغادرته البلاد اليوم الخميس لحضور سلسلة من الاجتماعات الدولية ليواصل التزاماته الدولية، من انعقاد المجلس الأوروبي ومجموعة السبع وصولا إلى قمة حلف شمال الأطلسي، يجري مشاورات في كل الاتجاهات.

وتعتبر هذه العملية دقيقة لرئيس فرنسا الذي تتهمه المعارضة بأنه أدار السلطة بشكل عامودي في بلد اجتاز عدة أزمات بينها أزمة "السترات الصفراء".

فيما رأى رئيس المجلس الأعلى في البرلمان جيرار لارشيه (حزب اليمين) إن البلاد "قد يكون من الصعب حكمها" داعيا إلى "تغيير عميق في موقف" الرئيس.

يذكر أن الائتلاف الوسطي الليبرالي الذي كان يملك الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية السابقة والذي استند إليه الرئيس ماكرون طوال ولايته الأولى من خمس سنوات، لم يحتفظ إلا بـ245 مقعدا من أصل 577 بنتيجة انتخابات، بينما تبلغ الغالبية المطلقة 289 نائبا.

وتوزعت المقاعد الأخرى في الجمعية الوطنية بشكل أساسي بين تحالف اليسار (150 مقعدا تقريبا) واليمين المتطرف (89) واليمين (61).

ويمكن لائتلاف (معا) الرئاسي، أن يبرم اتفاقا مع المعارضة، ولا سيما حزب الجمهوريون ،(اليمين المحافظ)، لتشكيل ائتلاف يتمتع بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية. هذا وستحسم الأمور قريبا كي لا يحدث فراغ سياسي لن يؤثر فقط على فرنسا وإنما على الاتحاد الأوروبي