الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

الشرق الأوسط.. ساحة للمنافسة بين المنصات الرقمية.. نزوح مشتركي «نتفليكس» لمنصات أخرى.. و«ديزني بلس» تطلق منصتها الجديدة

نتفليكس
نتفليكس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في الوقت الذي تكافح فيه منصة «نتفليكس» الرقمية من أجل امتصاص الضربات المالية المتلاحقة والناتجة عن عمليات النزوح الجماعي للمشتركين إلى منصات وبدائل رقمية أخرى، والتي كانت سببًا وراء تسريح المنصة عدد كبير من موظفيها قبل شهر مضى؛ بدأت منصة «ديزني بلس» في انتهاج سياسة توسع لبثها التدفقي كان آخرها إطلاق منصتها الجديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما زاد من الضغط على عملاق البث الرقمي «نتفليكس» الذي يواجه موجة ركود في النمو هي الأسوأ منذ تأسيسه قبل عشر سنوات.

قبل جائحة كورونا لم تحظ المنصات الرقمية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، باهتمام ومتابعة الكثيرين، حيث كان يفضل القطاع الأكبر من الجمهور الذهاب والاستمتاع بمشاهدة الأفلام في صالات السينما، ولكن خلال عام الوباء انهار قطاع صناعة السينما بسبب إغلاق دور العرض، حتى مع إعادة التشغيل مجدداً لم تنته أزمة السينمات بل تفاقمت بعدما عزف قطاع كبير من الجمهور عن الذهاب خوفًا من التجمعات، وامتناع كبرى شركات الإنتاج عن طرح أحدث أعمالها تجنباً للخسائر.

هنا لعبت هذه المنصات، وخاصة «نتفليكس»، دورًا مهمًا في ابتلاع حصة السوق التي كانت توزع أرباحها سنويًا على العديد من شركات الإنتاج الكبرى في هوليوود كـ«ديزني» و«وارنر بروس» و«يونيفرسال»، وغيرها من الاستديوهات التي عجزت عن ضخ أفلامها في السوق، تجنبا لتكرار مأساة فيلم «Tenet» للمخرج كريستوفر نولان، أحد أكبر إنتاجات 2020، بميزانية 250 مليون دولار تقريبًا، والذي عجز عن تحقيق أرباح في شباك التذاكر العالمي.

فكان أمام الشركات خياران خاسران، إما التأجيل أو بيع حقوق أعمالها لمنصات البث وخسارة جزء كبير من هامش الربح. كل هذه الأزمات جاءت لصالح المشاهد في الأخير، حيث أصبح يمتلك مكتبة ترفيهية ضخمة مقابل رسوم اشتراك زهيدة، دون تحمل عناء الذهاب للسينما وتعريض حياته للخطر.

خلال عام الجائحة، بلغت حصيلة مشتركي منصة «نتفليكس» قرابة 193 مليون مشترك بزيادة بلغت 41 مليونًا عن العام الذي سبقه، تزايد العدد في العام الماضي ليصل إلى 219.7 مليون، ولكن مع دخول العام الحالي بدأ تباطؤ المنصة في النمو لتسجل 221.84 مليون مشترك، فقدت منهم 200 ألف مشترك في الربع الأول من 2022، لتسجل المنصة 221.64 مليون مشترك حالٍ، ومن المتوقع أن تخسر مليوني مشترك مع نهاية الربع الثاني من العام الحالي.

عزت «نتفليكس» خسارة المشتركين إلى عدد من العوامل، بما في ذلك مشاركة كلمة المرور بين المشتركين؛ وزيادة المنافسة بين كل من قنوات الكابل والبث التليفزيوني التقليدي وغيرها من خدمات البث الناشئة. كما أشارت إلى عوامل اقتصادية، بما في ذلك زيادة التضخم وغزو روسيا لأوكرانيا، مما دفع المنصة إلى إغلاق خدماتها في روسيا.

هذا النزيف في أعداد المشتركين لدى نتفليكس، انعكس بصورة إيجابية لصالح منصة «ديزني بلس» التي سجلت أعداد مشتركين بلغ حتى الآن 137.7 مليون مشترك، بزيادة بلغت 19.6 مليون مشترك جديد عن العام الماضي، وهذا الرقم مرجح للزيادة بعد إطلاق خدماتها في الشرق الأوسط ومداعبة جمهورها العربي بدبلجة مصرية لأفلام والت ديزني الشهيرة، فضلًا عن أسعار الاشتراكات الزهيدة التي توفرها «ديزني بلس» مقارنة بـ«نتفليكس»، واستحواذ الأولى على حقوق عرض إنتاجاتها الأصلية من «نتفليكس»، مثل أعمال «مارفل» وغيرها، مما سيعطي الكثير من الأفضلية للوافد الجديد «ديزني بلس» الذي يمتلك في مكتبته حقوق لأعمال: «مارفل، ديزني، فوكس، ناشونال جيوجرافيك، والاستديو الرائد في أعمال الرسوم المتحركة بيكسار».

بدورها قد تضطر «نتفليكس» لإدخال بعض التحسينات على خدمتها لاستعادة السيطرة على أعداد المشتركين مجددًا، حيث أشار موقع «نيويورك تايمز» الأمريكي، إلى احتمالية لجوء عملاق البث الرقمي إلى توفير حسابات برسوم اشتراك أقل لكنها تحتوي على مواد دعائية مدفوعة، وفي تصريحات لصحيفة «التايمز»، أكد ريد هاستينغز، الرئيس التنفيذي المشارك لـ«نتفليكس» الذي رفض منذ فترة طويلة فئة اشتراكات مدعومة بالإعلانات، أن تفكيره قد تغير، وقال: «أولئك الذين تابعوا (نتفليكس) يعرفون أنني كنت ضد سياسة الإعلانات، وأنني معجب كبير ببساطة الاشتراك». لكنه أضاف: «أنا من أشد المعجبين بخيارات المستهلك وأسمح للمستهلكين الذين يرغبون في الحصول على سعر أقل ويتسامحون مع الإعلانات بالحصول على ما يريدون»، وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التغيير المفاجئ إلى اعتراف الشركة بضرورة التمييز بين تدفقات إيراداتها، بما في ذلك الدخول في مجال الألعاب.

لسنوات، كان يُنظر إلى منصة «نتفليكس» على أنها المسبب الأساسي في مجال الترفيه، فلقد دفع ظهورها في هذا المجال كل استوديو كبير في هوليوود إلى اعتماد استراتيجية البث من أجل التنافس بشكل أفضل مع الثورة التي أشعلتها المنصة الأضخم في العالم، ولكن الآن مع وجود منافسين آخرين، مثل: «ديزني بلس وHBO Max»، فقد تضطر «نتفليكس» إلى اعتماد نهج مختلف على غرار شركات وسائط أخري استطاعت الصمود والنجاح لعقود، كتغيير استراتيجية التوزيع المسرحي، وإتاحة خدمات الاشتراك المدعومة بالإعلانات، وربما بيع بعض المنتجات الاستهلاكية.

ربما أكثر ما سيحير المشاهد في الوطن العربي خلال الوقت الراهن، هو أيهما أفضل «نتفليكس» أم «ديزني بلس»؟، وربما تختلف الإجابة باختلاف طبيعة تلقي كل مشترك مع نوعية المحتوى المتوافر وسعره وعدد النوافذ التي سيتمكن من تشغيلها في نفس الوقت. ومهما بدا الأمر مربكًا له في النهاية، لكنه حتما الرابح الأكبر من هذه الحرب.