الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحوار الوطنى.. تساؤلات حرجة حول المستقبل..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نحن إذن على موعد مع حدث جلل يديره الباحث المميز والصحفى المخضرم ضياء رشوان، الاختيار الذى ترضاه غالبية الأطراف وهو ما يحمله مسئولية ثقيلة لإنجاح حوار وطنى الأول من نوعه بين قوى تجمعها مائدة واحدة ربما لأول مرة أيضًا، فى لحظة قد تكون الأصعب فى خياراتها لنجاة الوطن من مأزقه.
أبرز دلالات اختيار ضياء رشوان ليكون المنسق العام للحوار الوطنى، نوايا الدولة الجادة ليكون حوارًا ديمقراطيًا هادفًا يثمر نتائج عملية أهمها إشراك القوى السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدنى فى عملية صياغة استراتيجية للخروج من الأزمة تلتزم الحكومة ومؤسسات الدولة بتنفيذها ليتحمل الجميع مسئوليته أمام المصريين؛ ذلك أن رشوان وعلاوة على امتداد علاقاته بمختلف الأطراف سواء كشخوص أو رموز وطنية أو أحزاب ومنظمات مدنية، فهو أيضًا يملك معرفة تراكمية كونه باحث فى مجال العلوم السياسية بطبيعة تفكير وتحرك وإدارة تلك القوى والمنظمات، فوق أنه صحفى يملك من الخبرة المهنية ما يمكّنه من اختيار موضع يجعله على مسافة واحدة من الجميع بما يسمح له إدارة الحوار بالتنظيم وطرح التساؤلات الموضوعية على المشاركين بما يسهم فى توضيح الملتبس وكشف الغامض ما يساعد الجميع على التوصل فى النهاية إلى توافق وطنى ملزم حول الملفات المطروحة.
بكل تأكيد لن تكون مهمة سهلة، فطالما اعتادت الحكومة الانفراد برسم السياسات ووضع الاستراتيجيات وتنفيذها دون الالتفات لأصوات المراقبين أو المعارضين أو المنتقدين، وطالما تحدثت قوى المعارضة إلى نفسها داخل غرف مغلقة بعيدًا عن حقائق الواقع والمعلومات فإذا خرجت إلى الناس رددت شعارات أغلبها قديم ومكرر وغير مقنع للرأى العام.
ومع ذلك ثمة طريقة قد تساعد الجميع كى ينصتوا لبعضهم البعض، وقد طرحها السياسى ومؤسس تيار الكرامة حمدين صباحى خلال حواره التلفزيونى مع ضياء رشوان وهى الاحتكام إلى حديث الخبراء فى كل مجال وملف على أن يكون مستندًأ للدراسات المتخصصة وذات الصلة ليكون الخيار بعد ذلك طبقًا للانحيازات السياسية والاجتماعية للأطراف المجتمعة على مائدة الحوار.
هذا التصور الذى طرحه حمدين صباحى كان بالنسبة لى على الأقل مؤشر جيد لتطور ما طرأ على طريقة تفكير المعارضة أو التيار الذى يمثله صباحى؛ وعندما طرحت فى هذه الزاوية قبل عدة أسابيع أن يأتى كل حزب بخبير اقتصادى يقترب من ايدولوجيته لم أكن متفائلًا بأن المعارضة المصرية قد تذهب إلى الحوار بهذه الرؤية استنادًا لتاريخها الطويل الذى لم نشهد فيه طرح برنامج سياسى واقتصادى واجتماعى متكامل، ودائمًا كانت تتحجج إما بعدم قدرتها المادية لعمل مراكز دراسات أو أنها تعانى الحصار والتضييق من الحكومات السابقة ما يجعلها تكتفى بالشعارات.
أتصور أن المنسق العام للحوار الوطنى سيلجأ إلى هذا الأسلوب لإدارة الحوار حول الملفات المطروحة كافة لاختصار الوقت على الجميع والأهم على الوطن المأزوم.
ومع ذلك ثمة بعض التساؤلات التى أظنها مهمة عند مناقشة بعض الملفات، منها على سبيل المثال هل من الممكن أن يناقش هذا الحوار بكل أطرافه بما فى ذلك الخبراء سبل دعم تسويق أراضى المناطق الصناعية التى قامت الدولة بتجهيزها خاصة  من بنى تحتية تمثلت فى الطرق والكبارى ومرافق الكهرباء والمياة والغاز خاصة وأنها تمتد من شرق بورسعيد والإسماعيلية الجديدة مرورًأ بالعين السخنة والعلمين الجديدة وصولًأ إلى سوهاج الجديدة؟! وهل لنا أن نستثمر مشروع الأربعة آلاف مجمع صناعى والخاص بالمشروعات الصغيرة والموزع على مختلف محافظات الجمهورية بين الدلتا والصعيد؟! وما هى طبيعة التحديات والمشكلات التى تواجه صغار المستثمرين الراغبين فى الحصول على ورش أو مصانع صغيرة فى ذلك المشروع الضخم؟!.
هل لنا أن نراقب فى هذا الحوار نقاش معلوماتى حول ما قدمته الحكومة حول تعثر 5000 مصنع بسبب أحداث 25 يناير 2011؟! هل لنا أن نشهد حوارًا جادًا وحيويًا يشارك فيه رجال الصناعة الوطنيين حول المشكلات والتحديات التى تواجه المناطق الصناعية القائمة فعليًا والممتدة من العبور وبدر والعاشر من رمضان والتجمع إلى مدينة السادات و6 أكتوبر وغيرها؟!.
هل لنا أن نجد حوارًا حول طبيعة التحديات والمشكلات التى واجهت الحكومة ومنعتها من حل مشكلات المستثمرين المصريين والأجانب على حد سواء والمتمثلة فى عدم استقرار النظام الضريبي بحسب تعبير وزيرة الصناعة والتجارة نيفين جامع والزيادات المتلاحقة فى الرسوم المفروضة ناهيك عن ما يضعه الموظفون التنفيذيون من عراقيل؛ وهو ما كان له الأثر السلبى المباشر على أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر؟! هل لنا أن نرى نقاشًا معلوماتيًا حول معدلات الانتاج والتشغيل فى بعض المدن الصناعية التى تم افتتاحها مؤخرًا مثل مدينة الروبيكى لصناعة الجلود ومدينة الأثاث بدمياط ومدينة الدواء بالمرج؟!.
هل سنشهد حوارًا وطنيًا حول وثيقة ملكية الدولة السيادية بحيث تخرج فى صيغتها النهائية بما يمكن وصفه بإجماع أو توافق وطنى؟! هل من الممكن أن يشهد هذا الحوار مناقشة جادة حول خطة الحكومة للتخارج من بعض الشركات وطرح أسهم بعضها الآخر فى البورصة فقط حتى تفهم بعض قوى المعارضة الوطنية طبيعة الإجراء وتكف عن وصفه بـ (البيع لأصول مصر) وهو وصف يعكس قصورًا فى الفهم وتمسكًا بشعارات قديمة غير موضوعية؟!.
طرح هذا النوع من التساؤلات فى الملف الاقتصادى لن يساعد فقط على التوصل إلى استراتيجية وطنية وإنما أيضًا على نضج جميع الأطراف ووعيها بطبيعة التحديات والمشكلات.
هل لنا أن نشهد فى هذا الحوار تساؤلات حول الفصل بين ما هو دينى، وما هو مدنى وقانونى سعيًا لترسيخ مفاهيم وقيم الدولة المدنية الحديثة بعيدًا عن التشوهات التى يعانيها واقعنا؟!
أخيرًا هل سنستطيع متابعة مجريات هذا الحوار وتطوراته عبر وسائل الإعلام والصحف بمنتهى الحرية ودون قيد أو شرط اغتنامًا لهذه الفرصة لزيادة وعى المجتمع وتحصينه ضد دعاية القوى المعادية فى الخارج والقابعة على منصات التواصل الاجتماعى؟!.