الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوادث وقضايا

«المذابح الأسرية».. شبح يهدد المجتمع.. أبرزها: مذبحة الريف الأوروبى وقاتلة أطفالها بالدقهلية ورجل يقتل زوجته أمام أطفالها.. العقوبات تصل إلى الإعدام ومن حق القاضى القانونى الرأفة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في الآونة الأخيرة بات مصطلح «المذابح الأسرية» يتردد يوما بعد الآخر، فتسمعه آذاننا ونشاهده بأعيننا في لحظات رعب تنخلع لها القلوب، ثم يصير الأمر نسيانا وكأن شيئا لم يكن، والآن أصبح من الضرورى أن نكرر النداء لكافة المختصين وغير المختصين بالدولة ونوجه لهم الحديث مرة أخرى.

عاد شبح القتل المخيف يهدد المجتمع والأسرة المصرية، لذا كان علينا أن نقف ونتكاتف لمعرفة أسباب ذلك والعمل على وقف نزيف «المذابح الأسرية» ووضع روشتة عاجلة لحقن نزيف المجتمع، ومنع مثل هذه الجرائم البشعة من الحدوث مرة أخرى.

نسمع عن أب قتل أولاده، وأم تخلصت من أطفالها، وزوجة قتلت زوجها أو انتحرت، وكلها لأسباب واهية لا تستدعى إزهاق روح. نكتب هذه السطور لمناقشة هذه الظاهرة مع خبراء ومختصين لمعرفة الأسباب التى تؤدى إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم وسنذكر على سبيل المثال بعض الجرائم التى وقعت فى 2022، كان أبرزها الشيخ زايد بمحافظة الجيزة.

يقول المحامى احمد شاهين بالاستئناف العالى ومجلس الدولة، إن قانون العقوبات فى مواده من ٢٣٠ حتى ٢٣٥ واضح، حيث يعرف جريمة القتل العمد والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد بأن الشخص الذى يعقد العزم والنية لقتل الشخص مع سبق الإصرار والترصد يكون عقوبته الإعدام شنقاً لتوافر الركنين المادى والمعنوى.


وأكد «شاهين» أن غياب الثقافة والوازع الدينى أحد أهم العوامل التى ساهمت بشكل كبير فى انتشار تلك الجرائم البشعة التى تدل على غياب العقل والقلب وتمثل تجرداً من المشاعر الإنسانية والآدمية، مضيفاً أن الإعلام له دور توعوى مهم فى تقليل مثل هذه الجرائم ببث الفضائل والقيم الأسرية التى نشأنا وتربينا عليها. 
وأشار إلى أن بعض القضاة فى القضايا الأسرية يستخدمون المادة ١٧ من قانون العقوبات نظرا لأنها تعطى القاضى سلطة الرأفة بجانب سلطة العقاب حيث تنص المادة «١٧» من قانون العقوبات المصرى التى تُعد بمثابة رأفه ورحمة حقيقية فى شأن جرائم المحيط الأسرى لأنها تعطى القاضى سلطة استعمال الرأفة فى أقصى درجاتها عندما ينزل القاضى بالعقوبة درجتين عن العقوبة المقررة أصلا حيث تنص على أنه: «يجوز فى مواد الجنايات، إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة، تبديل العقوبة على الوجه الآتى:
١-عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد.
٢-عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن.
٣-عقوبة السجن المشدد بعقوبة السجن أو الحبس الذى لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور.
٤-عقوبة السجن بعقوبة الحبس الذى لا يجوز أن ينقص عن ثلاثة شهور.
وأشار المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة إلى تطرق قانون العقوبات فى مواده إلى الأعذار القانونية والظروف التقديرية المخففة للعقاب، وهى حالات يجب على القاضى، أو يجوز له، أن يحكم من أجل الجريمة بعقوبة أخف فى نوعها من المقررة لها فى القانون، أو أدنى فى مقدارها من الحد الأدنى الذى يصيغه القانون، وعلى ذلك، فى تقدير المشرع أن العقوبة التى يقررها قد تكون لحالات خاصة أشد مما ينبغى، ولذلك وضع السلطة للمحكمة فى تقديره من النزول إلى الحد الأدنى للعقوبة، والتخفيف شُرع لتحقيق الملاءمة بين العقوبة وظروف خاصة، ويعد بذلك تمكيناً للقاضى لاستعمال أصوب لسلطته التقديرية، ويقصد بتخفيف العقاب أن يستبدل القاضى العقوبة المقررة قانوناً للجريمة بعقوبة أخف منها نوعاً ما ومقداراً، ويلاحظ أن أسباب التخفيف نوعان هما: «الأعذار القانونية المخففة، والظروف القضائية المخففة»، والفرق بينهما أن التخفيف عند توافر العذر القانونى إلزامى للقاضى، فى حين أنه جوازى عند توافر الظروف القضائية المخففة.
وشرح «شاهين» أن الأعذار المخففة للعقاب حداثة سن المجرم، أو ارتكاب الجريمة ببواعث غير شريرة، أو بناء على استفزاز خطير صدر من المجنى عليه بغير حق، وإذا رأت المحكمة فى جناية أو جنحة أن ظروف الجريمة أو المجرم تستدعى الرأفة، جاز لها تخفيف العقوبة، وأما إذا اجتمع فى الجنحة ظرف مخفف وعذر مخفف، فللمحكمة أن تحكم بالعفو القضائى عن المتهم، وعلى ما تقدم، فإن التخفيف شرع لتحقيق الملاءمة بين العقوبة وظروف وحالات خاصة، ويعد بذلك تمكيناً للقاضى لاستعمال أصوب لسلطته التقديرية، فلا يتغير نوع الجريمة إذا استبدلت المحكمة بالعقوبة المقررة لها عقوبة من نوع أخف، سواء كان لعذر قانونى أو لظروف تقديرية مخففة، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. 
وأوجبت المادة ٢٣٠ من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهى عقوبة الإعدام لكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار على ذلك والترصد.
وقال «شاهين» ونظراً لكون جرائم المحيط الأسرى هى نتاج ممارسات وأفكار رجعية نابعة من أفكار شيطانية رجعية فى لحظات غفلة وغياب الثقافة الدينية والأفلام التى تحث على البلطجة والقتل وهى مباحة للكافة والمجتمع أحيانا يرى أن مرتكبها غير مجرم بطبعه، ولكن انزلق به طمعه نحو ارتكابها فبيرتضى بقسط من التسامح فى مجازاة مرتكب مثل هذه الجرائم رأفة بالأسرة والعائلة ككل قبل المتهم ذاته بشخصه.
ولكن واقعة مذبحة الريف الأوروبى تعد عمدا ليس فيها تهاون وذلك لحالة القاتل النفسية الحسنة ووفقًا للجريمة، فإن عقوبة المتهم هى الإعدام شنقًا بسبب تعمده القتل مع الترصد وفقًا للفقرة الثانية من المادة ٢٣٤٤ من قانون العقوبات وتنص على: «يحكم على فاعل هذه الجناية، أى جناية القتل العمد بالإعدام، إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى».
يشترط لتشديد العقوبة على القتل العمدى فى حالة اقترانه بجناية أخرى ثلاثة شروط، وهى: أن يكون الجانى قد ارتكب جناية قتل عمدى مكتملة الأركان، وأن يرتكب جناية أخرى، وأن تتوافر رابطة زمنية بين جناية القتل والجناية الأخرى وتصل عقوبته للإعدام.
يفترض هذا الظرف المشدد، أن يكون الجانى قد ارتكب جناية قتل، فى صورتها التامة. وعلى ذلك، لا يتوافر هذا الظرف إذا كانت جناية القتل قد وقفت عند حد الشروع واقتران هذا الشروع بجناية أخرى، وتطبق هنا القواعد العامة فى تعدد العقوبات.
لكن إذا تعدت درجة الخطورة الإجرامية فى تلك الجرائم الحد الذى يثير الغضب والحنق المجتمعى، فلا يتم اللجوء إلى مادة استعمال الرأفة معهم فلا مناص من تفعيل دور العقوبة المجتمعى لتحقيق الردع العام الجمعى بإنزال العقوبة، وتلك هى «السلطة التقديرية للقاضى، والتى من الطبيعى أن يدخل فيها آراءه الخاصة عن العدالة والصواب والخطأ ومعاييره الأخلاقية والتربوية والتى بالضرورة تختلف من شخص لآخر أو من قاض لآخر، مما يعنى اختلاف الأحكام والعقوبات نظرا لاختلاف الدوائر القضائية - أى هيئات المحكمة - لا القانون.
شهدت إحدى المزارع فى منطقة الريف الأوروبى فى مدينة الشيخ زايد بمنطقة أكتوبر، واقعة مأساوية، حيث لقى خفير ٥٤ عامًا، ونجلته الأولى تبلغ من العمر ١٧ عامًا، ونجلته الثانية ٢٧ عامًا، وطفلان من أحفاده ولد ٥ سنوات، وبنت ٦ سنوات حتفهم، وسط ظروف غامضة حول ملابسات الواقعة ومن الذى ارتكب هذه الجريمة البشعة.
وكانت أجهزة الأمن بمحافظة الجيزة تلقت بلاغًا يفيد بالعثور على ٥ جثث لخفير وأسرته مذبوحين بمزرعة بالريف الأوروبى بمنطقة الشيخ زايد التابعة لمدينة ٦ أكتوبر بمحافظة الجيزة، على الفور انتقلت الأجهزة الأمنية لمكان الحادث، وبالمناظرة تبين العثور على ٥ جثث لخفير كان يقوم بحراسة المزرعة واثنتين من بناته وحفيديه عثر عليهم مذبوحين. 
وبسؤال نجل المجنى عليه، قرر أنه حضر للاطمئنان على والده عندما تخلف عن العودة إلى القرية كعادته كل خميس، وعندما حاول الاتصال به لم يستجب، الأمر الذى دفعه للذهاب للاطمئنان عليه، فوجده و٤ من أفراد أسرته جثثا هامدة، وتم تحرير محضر بالوقعة.
جرى إخطار النيابة العامة التى قررت إرسال جثامين المجنى عليهم لمشرحة زينهم وانتدبت عناصر الطب الشرعى لتوقيع الكشف الطبى عليهم ومعرفة سبب الوفاة وصرحت بالدفن.
وبعمل التحريات اللازمة تبين أن المتهم شريك المجنى عليه فى المزرعة التى قام باستئجارها من مالكها، وأقام بها ونشبت بينهما خلافات مالية بسبب المزرعة فقام بالتخلص منه وأسرته. 
تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من القبض على المتهم عقب هروبه إلى محافظة سوهاج، عقب الاستعانة بالتقنيات الحديثة واستخدام وسائل التتبع، حتى تم تحديد المتهم وضبطه، وتبين أنه شريك المجنى عليه فى المزرعة التى قام باستئجارها من مالكها بسبب خلافات اجتماعية أسرية.
مذبحة الدقهلية
بركة دماء يتوسطها ثلاث جثث لأطفال صغار ذُبحتهم شيطانة لا تعرف الرحمة ولا الأمومة، لم يكن ذنبهم سوى أن والدتهم تمر بحالة نفسية سيئة للغاية، دفعتها للتخلص من فلذة أكبادها وثمار حياتها، لذلك حاولت التخلص من حياتها أيضا.
تلقت أجهزة الأمن بقرية ميت تمامة التابعة لمركز منية النصر بمحافظة الدقهلية، بلاغا بالعثور على سيدة ألقت بنفسها أمام جرار زراعى فى محاولة لانتحارها، وعلى الفور تم الانتقال إلى مكان الحادث، وبعمل التحريات تبين العثور بمنزلها على جثث أطفالها ذبحا، وتم العثور على رسالة بجوار الأطفال أكدت قيامها بقتل أطفالها.
«أنا وديت ولادك الجنة يا محمد»، كانت هذه الجملة بداية نص رسالة وكتبت «حنان» الزوجة المتهمة بقتل أطفالها ومحاولتها الانتحار: «أنا اللى قصرت معاهم، وبالذات أحمد، كان لازم يروح الجنة، لأن ذنبه فى رقبتى، لا علمته الكلام ولا الحياة، قررت يروح الجنة هو وأخواته»، دونت تلك الرسالة، معتقدة أن خطة انتحارها ستنجح، بخط يدها على كراسة ابنها الأكبر أحمد، ٧ سنوات موضحة أن الزوج أيضًا يستحق دخول الجنة نظرًا لطيبة قلبه.
يذكر أن الأطفال الثلاثة أعمارهم ١٠ سنوات و٤ سنوات وشهرين، وجرى نقل جثثهم إلى مشرحة مستشفى المنصورة الدولى بالدقهلية تحت تصرف النيابة العامة، ومن المنتظر وصول الأب لاستلام جثامين أطفاله.
وكلف مدير المباحث الجنائية بتشكيل فريق بحث من ضباط فرع البحث الجنائى بشرق الدقهلية، تنسيقًا مع ضباط فرع الأمن العام ومباحث مركز شرطة منية النصر وتم كشف تفاصيل الحادث وتحويل القضية الى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.
قاتل زوجته أمام أطفالها بالمنصورة 
حكمت محكمة جنايات المنصورة اليوم بالسجن المؤبد، لقاتل زوجته خلال توجهها لتنفيذ حكم لها بحضانة أطفالها حيث سدد لها عدة طعنات قاتلة أمامهم.
صدر الحكم برئاسة المستشار السعودى يوسف الشربينى، وعضوية المستشارين وسام ماهر السيد أحمد وعبد الله عبدالله مطاوع والسيد عيد منصور وأمانة سر محمود السيد محمود، والسيد مصطفى رجب.
وكان مدير أمن الدقهلية قد تلقى بلاغًا بمقتل «سماح. ف.ع «٣٢ عاما، ربة منزل، مقيمة بمدينة المنزلة، بعدما سدد لها زوجها «وليد. أ»، عدة طعنات نافذة بسكين فى الشارع، حيث تبين أن المتهم ترصد بالمجنى عليها أثناء ذهابها إلى منزله، لتنفيذ حكم قضائى بحضانة نجليهما، وغافلها وطعنها، وتوفيت متأثرة بهذه الطعنات.
فى السياق ذاته شهدت مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية جريمة بشعة حيث قامت فيها أم حديثة الإنجاب بقتل رضيعها صاحب الثلاثة أشهر بـ"ريموت» التليفزيون، دون سبب مفهوم.
وألقت الشرطة القبض على الأم بعد ساعات من تواريها. وتعكف النيابة حاليًا على دراسة القضية لمعرفة دوافعها، والتى كان لأطباء علم النفس رأى قد يغير مسار التحقيقات!
بحسب الكلية الملكية للأطباء النفسيين، فإنه فى حالات نادرة يمكن للأم المصابة باكتئاب ما بعد الولادة إيذاء رضيعها، على اعتبار أن «النساء المصابات بالاكتئاب يصيبهن القلق من إمكانية حدوث ذلك». ونصحت الأمهات بالتحدث عن هذه المشاعر مع الزائرة الصحيّة أو مع الطبيب.
يقول الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، إن هذا النوع من الجرائم البشعة يرجع إلى عدة عوامل، أهمها نمط التنشئة الاجتماعية والعنف من الأسرة ضد الأطفال، فينشأ فى بيئة مشبعة بالعنف وعندما يكبر يقوم بعمل ما يسمى بإعادة السلوك، فضلا عن العامل النفسى مثل الإحباط والحالة النفسية السيئة والضغوط، كل ذلك أمور تؤدى إلى العنف فى المجتمع.
وأضاف «هندى» أن التعليم المنخفض وعدم تواجد أنشطة ترفيهية داخل المدارس كالموسيقى مثلا والتربية الرياضية سبب من أسباب الشخصية العدوانية وخلل فى الشخصية والمرض النفسى الذى يؤدى إلى جرائم داخل الأسرة، مؤكدا أن الشخصية السادية سبب من أسباب انتشار الجرائم، كالشخص الذى يقوم بقتل أحد أفراد أسرته ثم يقوم بإشعال سيجارة بجواره أو يقوم بالجلوس على المقهى مثلا كما سمعنا سابقا، مضيفا أن هناك أسبابا مستحدثة تشارك فى انتشار الجريمة والعنف الأسرى، كالإعلام والتليفزيون مثلا فهناك قنوات فضائية تضخ مادة عنف على مدار الساعة، وأيضا أفلام العنف التى تقدمها السينما ليل نهار تساعد أيضا على انتشار الجريمة وتنوعها. 
وأكد «هندى» أنه لابد من تواصل الأسرة مع بعضها البعض وتربية الأبناء على التدين ومعرفة الحلال والحرام واهتمام الأسرة بتربية الأطفال وليس بمتابعة الإنترنت والفيس بوك بالساعات داخل المنزل وترك الأطفال فريسة للإنترنت. 
ونصح وليد هندى الدولة بتوجيه كافة أجهزتها للقيام بحملات توعية مكثفة على كافة منابرها من سينما ومساجد ودروس دينية للأسرة وللشباب من خلال قنوات التليفزيون والمساجد وخطبة الجمعة وغيرها من الوسائل وخاصة الإعلانات التى تمنع الاقتراب من هذه الجرائم.