الثلاثاء 28 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

دعاء المريدين على أعتاب المرسى: «مدد يا رب»

مسجد ابو العباس
مسجد ابو العباس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عتبات مسجد أبوالعباس المرسى لم تهدأ وأنواره لم تطفئ وذكر الله موصول ما بين صلاة وتلاوة قرآن ودعاء وانتظار الصلاة إلى الصلاة ودروس دينية وزيارة وتبرك بضريح أبوالعباس المرسى لتعود الحياة كما كانت للمسجد، وتعود الفرحة والبهجة إلى المريدين والمحبين الوافدين من كل بقاع الأرض، بعد عامين من الإغلاق.

ومنذ صدور قرار وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، بفتح الضريح أمام المريدين والمحبين، وأصحاب النذور، المسجد يتوهج على مدار الساعة بالمصلين من الرجال والنساء والشباب والفتيات والأطفال من أهالى مدينة الإسكندرية وخارجها، وكذلك غير المصريين يتوافدون للصلاة فى مسجد الأمام أبو العباس المرسى والتبرك بصاحب الكرامات والوفاء بالنذور وطلب المدد من الله، ولم يتوقف الأمر إلى ذلك الحد فحسب، بل يتوافد الى المسجد وفود سياحية من كل الدول لمطالعة فنون العمارة الإسلامية القديمة الموجودة بالمسجد.

وقال الشيخ أحمد على درويش، إمام وخطيب مسجد سيدى أبى العباس المرسى، إن سيدى أبى العباس المرسى، واحد من العلماء الأتقياء الذين جمعوا بين علوم الشريعة وعلوم الحقيقة، فصار من العارفين المشهود لهم بالولاية من القاصى والدانى، وقبل ٨٠٠ سنة بدأت رحلة أبى العباس من بلاد الأندلس إلى عروس البحر الأبيض المتوسط، حيث ولد فى مدينة «مرسية» عام ٦١٦ هجريًا – ١٢١٩ ميلاديًا، وهى إحدى مدن الأندلس فنسب إليها وقيل «المرسي» ويعود نسبه إلى الصحابى سعد بن عبادة كان جده الأعلى قيس بن سعد بن عبادة أميرا على مصر من قبل سيدنا الإمام على بن أبى طالب سنة ٣٦ هجريًا.

وأضاف: «كان والد سيدى أبى العباس يعمل فى التجارة، وكان حريصا على تعليم ابنه القرآن، وبالفعل أرسله إلى معلم لتعلم القراّن الكريم والتفقه فى أمور الدين وقد حفظ سيدى أبى العباس القراّن الكريم كله فى سنة واحدة وتعلم بالأندلس أصول الفقه والقراءة والكتابة، وعمل مع والده فى التجارة بمدينة مرسية بالأندلس».

وتابع: «فى عام ٦٤٠ هجريًا الموافق ١٢٤٢م اعتزم والد أبوالعباس المرسى الحج إلى بيت الله الحرام فصحبه معه وكذا أخاه وأمهما، فركبوا البحر عن طريق الجزائر حتى إذا كانوا على مقربة من شاطئ تونس هبت ريح عاصفة أغرقت المركب بمن فيها غير أن عناية الله تعالى أدركت أبا العباس المرسى وأخاه فقد نجا من الغرق فقصدا تونس واتخذاها دارًا لهما وهناك قابل الشيخ أبوالحسن الشاذلى فى عام ٦٤٠هـ وانتقل معه إلى مصر عام ١٢٤٤م».

وأكمل: «تلقَّى سيدى أبوالعباس المرسى التصوف على يد شيخه الصوفى الأشهر أبى الحسن الشاذلى الذى التقى به أبوالعباس فى تونس سنة ٦٤٠ هجرية وقال له: يا أبا العباس ما صحبتك إلا لتكون أنت أنا، وأنا أنت وبعدما قد تزوَّد بعلوم عصره كالفقه والتفسير والحديث والمنطق والفلسفة، جاء أوان دخوله فى الطريق الصوفى وتلقيه تاج العلوم».

وفى عام ٦٤٢ هجرية، ١٢٤٤م، رأى الشاذلى رضى الله عنه فى منامه أن النبى صلى الله عليه وسلم يأمره بالانتقال إلى الديار المصرية فخرج من تونس ومعه أبو العباس المرسى وأخوه عبد الله وخادمه أبو العزايم ماضى قاصدين الإسكندرية على عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب، واستقرا بحى كوم الدِّكة. أمَّا الدروس العلمية والمجالس الصوفية، فقد اختار لها الشاذلى المسجدَ المعروف اليوم بجامع العطارين وكان يُعرف وقتها بالجامع الغربى.

واستطرد قائلًا: «ظل سيدى أبوالعباس المرسى رضى الله عنه بالإسكندرية ٤٣ عامًا ينشر العلم ويهذب النفوس ويربى المريدين ويضرب المثل بورعه وتقواه وقد تلقى العلم على يدى أبوالعباس وصاحبه الكثير من علماء عصره الإمام البوصيرى وابن عطاء الله السكندرى وياقوت العرش وابن اللبان والعز بن عبدالسلام وابن أبى شامة».

وقد تولَّى سيدى أبو العباس مشيخة الطريقة الشاذلية بعد وفاة أبى الحسن الشاذلى سنة ٦٥٦ هجرية / ١٢٥٨م وكان عمره آنذاك أربعين سنة وظلَّ يحمل لواء العلم والتصوف حتى وفاته، بعد أن قضى أربعةً وأربعين عامًا فى الإسكندرية، سطع خلالها نجم الطريقة الشاذلية فى الآفاق.

وتوفى أبوالعباس المرسى فى ٢٥ ذو القعدة سنة ٦٨٦ هجريًا ودفن فى الإسكندرية فى مقبرة باب البحر، وكان هذا الموضع وقت وفاته، جبانةً يُدفن فيها الأولياء، وقد أُقيم سنة ٧٠٦ هجرية بناءً على مدفنه ليتَميَّز عن بقية القبور من حوله، فصار البناءُ مزارا ثم صار مسجدا صغيرا بناه زين الدين القَطَّان، وأوقف عليه وأُعيد بناء المسجد وتم ترميمه وتوسيعه سنة ١١٨٩ هجرية، وفى سنة ١٣٦٢ هجرية الموافق ١٩٤٣م أُعيد بناء جامع أبو العباس المرسى، ليتخذ صورته الحالية التى صار اليوم عليها، وهو اليوم أكبر مساجد الإسكندرية.

وأكد «درويش»، أن المسجد تحفة معمارية صمم على يد المهندس ماريو روسى أحد أكبر الأسماء فى فن العمارة الإسلامية خلال النصف الأول من القرن العشرين، ويتميز مسجد أبوالعباس المرسى بشكله المميز، ويطل المسجد على الميناء الشرقى بالأنفوشى وهو مبنى على الطراز الأندلسى فيه أعمدة رخامية ونحاسية.