الشمس تملأ المكان وتضيء جميع الأنحاء، أشجار كثيرة مقطعة ومرصوصة واحدة تلو الأخرى، وهناك رجال يواصلون العمل ليل نهار حتى يتمكنوا من أن يجنوا قوت يومهم ويحققوا حياة كريمة لأسرهم، حيث كان من بينهم أيمن الرجل الأربعينى الذى لم يذق حلاوة التعليم من قبل، ولكنه تعلم كل ما يريده الإنسان فى هذه الحياة من تلك المهنة الصعبة التى ورثها عن والده.
فى منطقة الدرب الأحمر، بمصر القديمة، يواصل أيمن عبده عمله طوال اليوم، لا يكل ولا يمل من التفنن فى استخراج المنتجات من الخشب الذى يتم تقطيعه من الصعيد والمناطق الريفية، فالرجل الأربعينى يعمل هكذا منذ السابعة من العمر، لم ينعم بالتعليم لكنه تعلم كل ما ينفعه فى الحياة من خلال هذه المهنة.
الرحلة القاسية بدأت مع أيمن حينما كان والده يعمل عتالا فى حمل الأشجار ونقلها من مكان إلى آخر فى تلك الورشة التى شهدت على سنوات العمر التى مرت سريعًا، يقول «أيمن» إنه يعمل برفقة والده الذى كان يعمل فى حمل الشجر بهذه الورشة منذ كان صغيرا: «نجيب الخشب من الصعيد نصنع منه الترابيزات والكراسى الخشب والأطباق والشمسيات وغيرها من المنتجات التى يطلبها السوق، وكل نوع من الشجر ليه شغل معين معانا، سواء الأطباق أو السلطين، أو الكراسى والشمسيات».
«أيمن» كان يريد دائمًا أن يعاون والده فى العمل ويساعده، لكن الآخر كان ينظر إلى المستقبل والأيام المقبلة، فكان يرفض ذلك وينصحه بالوقوف أمام الصنايعية حتى يتعلم المهنة جيدا، وبالطبع هذا ما حدث خلال السنوات الكثيرة الماضية.
وأضاف الرجل الأربعينى، أن الشجر يمر بكذا مرحلة حتى يتم تصنيعه بهذه الطريقة، فبعد التقطيع يدخل إلى المنشار ويقطع لأجزاء صغيره، وبعد ذلك التصنيع سواء كان طبقًا أو شيئا آخر سنصنعه، وكل واحد ليه تخصص فى العمل: «أنا حبيت الشغلانة دى وطول عمرى فيها».
وأشار «أيمن» إلى أنه يأتى الكثير من الطلاب يأخذون النشارة للرسم عليها، وأيضا الكثير من المطاعم، كما أن المعتاد فى عمله أن يبدأ منذ السابعة صباحا حتى الخامسة مساءً، ولكن فى رمضان يختلف الأمر قليلًا بسبب الصيام، وأن العمل فى هذه المهنة مجزٍ وجيد للغاية، لأنه يوجد طلب عليها: «لو سرحت وأنا شغال هتعور على طول وبالتالى لا بد أن أكون يقظ للغاية أثناء العمل».
