الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

عملية محطة المياه.. الإخوان وداعش كانوا هناك

مصر تحارب الإرهاب
مصر تحارب الإرهاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قراءة خلفيات وأهداف الهجوم الإرهابي الغادر الذي شنته خلية موالية لداعش بغرب سيناء واستهدف محطة رفع المياه، تؤشر لعنوان رئيسي مفاده حاجة الإخوان الإرهابية وداعش الإرهابي الماسة لعملية كبيرة تخفف من بعض الضغوط عليهما وتمنحهما ولو مساحة ضئيلة للتنفس.

لم تكن جماعة الإخوان، بعيدة عن أي حدث إرهابي وقع في مصر في الماضي أو الحاضر أو مستقبلًا سواء جرى تنفيذه بأيدي خلايا سرية تابعة لها أو خلايا تابعة تنظيميًا لحلفائها التكفيريين، واليوم تبحث جماعة الإخوان عن حدث سلبي يصيب استقرار الدولة في خضم عزلتها السياسية وعدم الاستجابة لدعوات المصالحة المزعومة التي أطلقها القيادي بالجماعة المتهم غربيًا بتمويل القاعدة يوسف ندا، وفي ظل ما تعانيه الجماعة من انكشاف غير مسبوق كرسته دراما مسلسل الاختيار الموثقة بالصوت والصورة والمشاهد الحية، فضلًا عن الذعر الذي يتملكها من التحولات في الإقليم وهواجس تخلي داعميها عنها.

قراءة العمل الإرهابي الأخير، من زاوية واحدة عبر التركيز على منفذيه المباشرين المنتمين لداعش ووضع تحليلات تنحصر في هذا السياق تخل بالمعالجة التي يجب أن تكون شاملة لكل الزوايا على ضوء اعتبار داعش مجرد أداة تنفذ مهام محددة يستفيد منها لكنها تخدم في الأخير أهداف قوى وكيانات أكبر، خاصة تنظيم الإخوان الإرهابي الذي اعتاد هندسة الحراك الإرهابي في توقيتات وأماكن محددة بما يخدم مصالحه ويتوافق مع حساباته الآنية.

نعم داعش يرغب في الثأر لما أصابه بعد الضربات القاصمة التي تلقاها من الجيش المصري خلال الأعوام الماضية ما أفقده نفوذه وتمركزاته بمنطقة بئر العبد في أقصى الشمال الغربي وفي مثلث رفح والعريش والشيخ زويد شرقًا وحرمه من كبار قادته المحليين والوافدين، علاوة على حاجة فرعه في سيناء استغلال وجود قيادة جديدة للتنظيم  المركزي في العراق وسوريا بعد مقتل عبدالله قرداش للفت نظر القيادة الجديدة وإثارة إعجابها بنشاطه ما يدفعها لإيلاء الاهتمام بهذا الفرع والشروع في دعمه ماليًا.

لكن هذا التصور يغفل المشهد العام والصورة المكبرة حيث يظهر غول جماعة الإخوان في الخلفية والتي تجمعها بداعش أهداف مشتركة وحسابات دقيقة لا يمكن أن يصوغها  داعش منفردًا، نستطيع تلخيصها في عناوين ونقاط سريعة، أولًا: محاولة هز العلاقة القوية التي توطدت بين الجيش وقبائل سيناء التي تقوم بدور حيوي وهام في محاربة الخلايا الإرهابية عبر إتحاد القبائل وبالتنسيق مع الجيش والأجهزة الأمنية. ثانيًا: رغبة الإخوان وداعش في التشويش على الخطة التنموية الضخمة الجاري تنفيذها في سيناء باستصلاح مئات الآلاف من الأفدنة وشبكة الطرق والكباري وتحديث الموانئ ومشروعات التعمير، ما يرد الاعتبار لأهالي سيناء ويعيدها حصنًا للوطن ومنطقة جاذبة للاستثمار، وهذا يتناقض مع مخطط الإرهابيين في الإخوان وداعش الحريص على إبقاء سيناء ساحة جاذبة للمتطرفين من الشرق والغرب، وهذا يفسر اختيارهم للهدف من خلال الهجوم على محطة رفع المياه والتي ترمز للمشروعات التنموية الجارية في سيناء. ثالثًا: رغبة التنظيمين الإرهابيين في التقليل من قيمة المنجز الوطني الأمني والتنموي في سيناء، بعد النجاح في سد غالبية الثغرات الأمنية في سيناء ونشر قوات الجيش بمناطق لم يكن مسموحًا بوجودها بموجب اتفاقية السلام، ما فتح مساحات للحياة والبناء والتعمير وتدفق المواطنين على سيناء للإسهام في تعميرها وتحصينها بشريًا بعد التحصين الأمني والعسكري، وهذا معناه كتابة سيناريو النهاية للإخوان وحلفائها التكفيريين، لذلك لجأوا لتنفيذ عملية خسيسة ظنوها واهمين قادرة على التشويش على هذا المسار الوطني وعلى تفكيك اللحمة الوطنية والتعاون والتشارك بين المواطنين من كل ربوع الوطن وفي أرض سيناء والجيش والشرطة قبل أن يشتد ويقوى.