الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أبالسة الإنس وشياطين الجن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

سلست شياطين لتترك الحياة مرتعا لشياطين الإنس يعيثون فسادا ودمارا وقبحا وضلالا وتبدو المشكلة في الاستعمال الخاطئ لمصطلَح الشيطان عند الناس؛ بحيث لم يَعد بمقدور المسلم العادي أن يتَّخذ موقفًا واقعيًّا محسوسًا من الشياطين وأضاليلهم، وصار محرجًا للمسلم  أن يتطرَّق لمناقشة عمَل الشياطين وآثارها؛ لما يرى في ذلك من إمكانية الوقوع في شرك الخُرافة أو الاتِّهام بالتفكير الخرافي.إنَّ عداوة الشيطان التي بيَّنها القرآن لنا تتركَّز على شياطين الإنس أكثر من شياطين الجن، وهذا ما أكَّده الحديث النَّبوي أيضًا؛ فعن أبي ذَر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذَر، تعوَّذ من شياطين الإنس والجن))، فقلت: وللإنس شياطين؟! قال: ((نعم، شرٌّ من شياطين الجن ويطلق القرآن  لفظ (الشيطان) علي المتشيطن؛ أي: المنحرف الضالِّ من قصد وإصرار والشيطان في القرآن قسمان: الأول؛ هو الشيطان الجنِّي الذي لا يُرى ولا يُسمع من البشر العاديين متمثلًا في إبليس وذرِّيته، وقد ذَكر القرآن هذا النَّوع في معرض تعريفه بعناصر الوجود المحيط، وتفاعل الإنسان معها، ويخبِر أن هذا الشيطان الجنِّي ضعيف الكيد والتدبير، وأنَّ عمله في الغالب بين بني جنسه.والنوع الثاني: هو الشيطان الإنسي الذي ينشطن؛ أي: ينحرف عن قَصد وإصرار عن منهج الله، ويتبنَّى منهاجًا مضادًّا في الفِكر والسلوك، ويجعل من الانحراف والضَّلال فِكرًا صائبًا، وعملًا صالحًا، وإنجازًا حضاريًّا متقدمًا، ثم يكرِّس حياته وجهودَه للدعوة إلى هذا الانحراف والضَّلال وإشاعتهما؛ وهذا هو المعني بالصراع مع الإنسان في محاولة صَرفه عن الطَّريق القويم.
وقد بدأت معركة الشيطان مع أبينا آدم حينما وسوس له الشيطان فأخرجه من الجنة؛ كما بين الله ذلك في كثير من سور القرآن، ومن ذلك في سورة الأعراف: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ…} سورة الأعراف(20) 
هذا العدو سبب لزوال كل خير ونعمة، وسبب لحلول كل شر ونقمة، يقول ابن القيم-رحمه الله- عن هذا العدو: "فهو صاحب الأبوين حين أخرجهما من الجنة، وصاحب قابيل حين قتل أخاه، وصاحب قوم نوح حين أغرقوا، وقوم عاد حين أهلكوا بالريح العقيم، وصاحب قوم صالح حين أهلكوا بالصيحة، وصاحب الأمة اللوطية حين خسف بهم وأتبعوا بالرجم بالحجارة، وصاحب فرعون وقومه حين أخذوا الأخذة الرابية، وصاحب عباد العجل حين جرى عليهم ما جرى، وصاحب قريش حين دعوا يوم بدر، وصاحب كل هالك ومفتون" وورَد ذِكر إبليس في القرآن الكريم في إحدى عشرة آية من آيات القرآن الكريم بينما ورد ذكر الشيطان على جهة الإفراد والجمع في ثمانٍ وثمانين آية 
. ولم يكن إبليس من الملائكة لأنه ليس ملك، وإنما كان من الجن العابدين لله في الأرض فكرّمه الله سبحانه برفعه للملأ الأعلى مع الملائكة، لأن إبليس مخلوق من نار، خلافًا للملائكة الذين خلقهم الله من نور. وهو أصل البقية الباقية من الجن كما أن آدم أصل البشر
والإنسان مع هذا العدو في معركة دائمة وغير منتهية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ لأن هذا العدو قد أقسم بعزة الله أنه سيواصل هذه المعركة مع الإنسان؛ كما قال الله تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} سورة ص(82)، وقد طلب من الله أن يستمر في هذه المعركة إلى يوم البعث؛ كما قال الله -تعالى-: {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} سورة ص(79)؛ أي أخرني؟ فرد الله عليه قائلًا: {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ}