الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بمناسبة اليوم العالمي للكتاب: متى نُنْهي اعْتقالَ الكُتبِ؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كلما مررْتُ على مكانٍ تُباع فيه الكتبُ القديمةُ، وابتعْتُ كتابًا لا يشتري ثمنه سوى نصْف جريدة يومية، شكرتُ أصحاب هذه الكتب شكرًا لا نهاية له، ودعوتُ لهم من كل قلبي بكل خير، بعد أن أطلقوا سراحها، وتركوها حتى تصل إليَّ وإلى غيري، وتساءلتُ: ماذا لو اُعْتقلتْ هذه الكتبُ مِنْ قِبَل أصحابها، وظلتْ حبيسةَ جدران مكتباتهم، أو تُرِكتْ فريسةً للفئران في غرف مغلقة لا تدخلها قدم ولا أشعة شمس؟..خاصةً لو كان ورثتهم ممن لا يدخلون عالم الكتب ولا يُوْلون القراءة أدنى اهتمام؟
إن الكتاب لا قيمة له إلا إذا تفاعل معه قاريء ما، وكتاب مقروء أفضل من مليارات الكتب التي تستقر فوق أرفف مكتباتها، مغطاة بطبقات وطبقات من الأتربة وخيوط العنكبوت.
أليس هنالك كثيرون يعشقون القراءة، ويحلمون بمرافقة كتاب، يعيشون معه في خلوة مُحببة، غير أن ارتفاع أسعار الكتب يَحُولُ بينهم وبين ممارسة طقوس عشقهم ذلك؟
إذن..لماذا نبخل على هؤلاء، ونحتفظ بمكتباتنا سجينة لدينا، وما من يدٍ تمتدُّ إلى كتاب منها؟ لماذا نبخل، خاصةً، ونحن لمْ نعد في حاجةٍ إلى كثير مما فيها من كتب؟ 
بالطبع هناك كثيرون لا تروق لهم وجهة النظر هذه، خاصةً بعد أن كَوَّنوا مكتبات ضخمة، تحتوي أرففها على كنوز من كتب قيِّمة، ابتاعوها، ربما، بنقود كانت مخصصة لطعامهم.نعم ثمة من يبيت جائعًا حتى يدخر ثمن كتاب يود اقتناءه وقراءته.  
  أنا أدرك ذلك جيدًا..لكن ما فائدة كتب لا تمتد إليها الأيدي؟                      هل الأفضل أن تكتظ مكتباتنا بتلك الكتب بعد قراءتها، وعدم العودة إليها مرة أخرى؟ أم الأفضل أن نتركها عن طريق بيعها، مثلا، أو إهدائها إلى مكتبات حية يرتادها محبو القراءة؟
بالطبع إنه لشئ جميل أن نساعد، بشكل أو بآخر، في وصول الكتاب إلى مَن يوده، خاصةً وأننا نشكو في هذه الآونة من عزوف الناس عن القراءة.
فليعمل كل منا ما في وسعه، لنعيد الجمهور العريض إلى ميدان القراءة ولنطلق سراح ما لدينا من كتب، على الأقل، ليس في نيتنا أن نعود إليها مرة أخرى، فهناك آخرون في انتظارها، لكن بسعر لا يرهقهم، أو بطريقة تشجعهم على العودة إلى عالم الكتاب الرائع والمليئ بالعوالم الأخرى.                       أخيرًا تقبلوا هذا التساؤل بصدر رحب: لماذا لا نعامل الكتاب كما نعامل زجاجات المياه المعدنية التي نُلقي بها بعد فراغها؟ عفوًا لا أقصد أن نلقي بالكتب في سلال القمامة، لكن ما أبغيه  وأقصده هنا، تحديدًا، هو أن نضع الكتاب بعد أن نكون قد فرغنا من قراءته في مكانٍ ما يستفيد منه سوانا..ويقوم سوانا بالفعل نفسه بعد عملية القراءة..وهكذا..أم ماذا؟!
أما إن كان لديكم اقتراح آخر غير ما ذهبتُ إليه يكون غرضه الرئيس توصيل الكتاب إلى أيدي قارئه بشكل سلس ومريح فعلينا به..فإننا كأمة عربية في أشد الاحتياج إلى مجتمع يُوْلي القراءة اهتمامًا كبيرًا..حتى ننهل من نبع المعرفة، ويزداد رصيدنا في مصْرفِها، مما يمكّننا من السير قُدُمًا في ركب التقدم.        ولا ننس طرفة عين أنه ما من تقدم ورقي ولحاق بركب الشعوب الراقية إلا بفعل القراءة، أو هكذا أرى حتى اللحظة!