الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة البرلمان

دفتر أحوال الوطن (17).. الحكومة تغلق البرلمان بالسلاسل الحديدية ورئيس المجلس يأمر بتكسيرها

 ويصا واصف رئيس مجلس
ويصا واصف رئيس مجلس النواب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أصدر الملك فؤاد الأول مرسومًا ملكيًا في 4 أكتوبر 1929 بتشكيل عدي باشا يكن للوزارة، وكان أول قرارات حكومة عدلي باشا هو عودة العمل بالدستور الذي توقف من 19 يوليو 1928 على يد وزارة محمد محمود باشا.

واستصدرت الوزارة أمرًا ملكيًا في 31 أكتوبر 1929 بإنفاذ أحكام الدستور، وإجراء انتخابات مجلس النواب يوم 21 ديسمبر ويوم 29 للإعادة، ودعوة المجلس المنتخب ومجلس الشيوخ الذي كان قائمًا في 19 يوليو 1928 وهو ما يعني إلغاء الأمر السابق من الوزارة السابقة بحله، للاجتماع يوم 11 يناير 1930، كما قامت حكومة عدلي باشا في 2 نوفمبر بفض الأختام التي وضعتها وزارة محمد محمود على البرلمان منذ يوليه من العام السابق وسلمت المفاتيح إلى سكرتير مجلس الشيوخ.

انتخابات ديسمبر التي أجريت انتهت بفوز حزب الوفد بالأغلبية حيث نال الحزب 212 مقعدًا من 235 مقعد بعد زيادة عدد مقاعد المجلس، وفاز الحزب الوطني بـ5 مقاعد وحزب الاتحاد 3 مقاعد وفاز ببقية المقاعد المستقلون، فيما رفض حزب الأحرار الدستوريين خوض الانتخابات منذ استقالة وزارتهم.

وبعد انتهاء العملية الانتخابية وعودة الحياة الدستورية وفي 31 ديسمبر 1929 قدم عدلي باشا استقالة وزارته بداعي أن هدفه كان عود الحياة الدستورية وقد قام بواجبه، وعهد الملك في أول يناير 1930 إلى مصطفى باشا النحاس لتشكيل الحكومة، وقوبل تشكيلها بحفاوة شعبية.

افتتح البرلمان جلسته يوم 11 يناير ويعد البرلمان الرابع منذ بداية النظام الدستوري في 1924، وانتخب الأستاذ ويصا واصف رئيسًا للمجلس، وساهم البرلمان الجديد في عدة أعمال حسبما يقول المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في الجزء الثاني من كتابه في أعقاب الثورة المصرية 1919.

ومن أعمال المجلس حسب الرافعي، إقرار قانون التعريفة الجمركية وهدفها حماية الإنتاج المحلي وكان أحد عوامل النهضة الصناعية في مصر، ووضع مشروع قانون إنشاء محكمة النقض والإبرام، فضلًا عن مشروع قانون يقضي بمحاكمة الوزراء.

في 17 يونيو 1930 تقدمت حكومة النحاس باشا الثانية باستقالتها إلى الملك، وذلك على خلفية تعطل مفاوضات "النحاس – هندرسون" وكذلك ازدياد الخلاف بين الوزارة والقصر بسبب قانون محاكمة الوزارة ومحاكمة كل وزير يبدد أموال الدولة ويعرقل النظام الدستوري في مصر، وهو ما لم يشأ الملك أن يتم تطبيقه، وأسند الملك تشكيل الوزارة إلى إسماعيل صدقي باشا الذي وصفه الرافعي بأنه خصم الدستور الألد والمستهتر الأول بحقوق الشعب، مرجعًا ذلك إلى مشاركة صدقي المسبقة في تعطيل الدستور في وزارة زيور باشا وكذلك مباركته تعطيل الدستور في وزارة محمد محمود باشا، وكان يتضح من ذلك أن هناك نية لتعطيل الدستور مجددًا.

بدأ صدقي عمل وزارته بتأجيل انعقاد البرلمان لمدة شهر بداية من يوم 21 يونيو 1930، وهو ما فعلته وزارة زيور 1924 ووزارة محمد محمود 1928، وكان ذلك في الوقت الذي يحاول النواب الاجتماع داخل البرلمان يوم 23 يونيو وهو اليوم الذي كان محددًا من قبل لانعقاد الجلسة، واتفق ويصا واصف رئيس مجلس النواب وعدلي باشا رئيس مجلس الشيوخ أن مرسوم التأجيل يجب أن يتلى على النواب والشيوخ في المجلسين، واعترضت الوزارة، ولكن مع إصرار النواب والشيوخ طالب صدقي أن يتلو مرسوم التأجيل ولكن بعد الحصول على عهد من رئيس مجلس النواب بأن لا يتكلم أي عضو بعد تلاوة المرسوم، وهو ما رآه رئيس المجلس تدخلًا في شئون المجلس، مما دعا صدقي باشا إلى إرسال خطاب يوم 23 يونيو يصر فيه على “ويصا واصف” أن يصله العهد قبل الساعة الواحدة ظهرًا، ونص الخطاب على: " إذا لم يردني قبل الساعة الواحدة بعد ظهر اليوم رد، أعتقد أن العزم قد صح على مخالفة مرسوم التأجيل، وإذا كان هذا المرسوم الذي صدر في حدود الحقوق التي قررها الدستور لا يعطى حقه من الطاعة والاحترام من جانب أحد المجلسين «النواب والشيوخ»، فإن الحكومة ترى فرضًا عليها أن توفر ما يجب له من الطاعة والاحترام، وأن تتخذ لذلك كل ما تراه ملائمًا من الوسائل».

ولما أحس رئيس مجلس النواب بصيغة التهديد في خطاب صدقي باشا رد عليه بخطاب نصه: «تطلبون أن أرسل لدولتكم، تأكيدا قبل الساعة الواحدة من تاريخ اليوم بألا آذن لأحد بالكلام عند تلاوة المرسومين الخاصين بتشكيل وزارتكم وتأجيل انعقاد المجلس لمدة شهر، وأنه إن لم يصلكم هذا التأكيد في الميعاد المذكور تعمل الحكومة كل ما تراه ملائمًا من الوسائل، أحيط دولتكم علما بأنه ليس من حق الحكومة أن توجه إلى رئيس مجلس النواب مثل هذا الخطاب لما فيه من تدخل السلطة التنفيذية في إدارة جلسات المجلس التي هي من اختصاص رئيس الجلسة دون سواه».

بعد هذه الأحداث الساخنة، قامت الحكومة بإغلاق أبواب البرلمان ووضعت حوله القوات المسلحة وربطت الباب الخارجي بسلاسل من حديد، فيما قام النواب والشيوخ بالحضور في الموعد المحدد وكلف ويصا واصف رئيس النواب بوليس البرلمان بتحطيم السلاسل فحطمها اثنان من رجال المطافئ بالبُلط، وسمي هذا اليوم باليوم المشهود «يوم تحطيم السلاسل»، ودخل النواب قاعة الجلسة وتلي بها مرسوم التأجيل وسط هرج ومرج شديدين، وأقسم النواب اليمين بالمحافظة على الدستور.

كما اجتمع أعضاء مجلس الشيوخ في مجلسهم وتلي عليهم مرسوم التأجيل واقسموا نفس اليمين بالمحافظة على الدستور، وأصدر المجلس بالإجماع قرارًا نصه: «الاحتجاج على ما ارتكبته الحكومة من مخالفة الدستور بأن أغلقت أبواب البرلمان ووضعت قواتها المسلحة حوله وفي داخله لتمنع شيوخ الأمة ونوابها من عقد جسلتي المجلس، واستنكار ما أقدمت عليه الوزارة من مخالفات دستورية من وقت تشكيلها».

عقد النواب والشيوخ مؤتمرًا في 26 يونيو 1930 لإدانة الاعتداء على الدستور وأصدر الأعضاء عدة قرارات منها الدفاع عن الدستور ومقاومة كل اعتداء يقع عليه بكل ما يملكه كل مصري من قوة ومال وتضحية، وتقرير مبدأ عدم التعاون وتشكيل لجنة تتصل بالوفد لتنظيم أساليبه وتنفيذه إذا لم تتقدم الوزارة إلى البرلمان عند انقضاء مدة التأجيل، والقسم بالله العظيم بتنفيذ هذه الخطة وتعميمها في جميع الدوائر الانتخابية بالقطر المصري.