الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس إسحق سعد يكتب : ليلة عشاء المسيا وتناقضات تفسد للود قضية

القس إسحق سعد
القس إسحق سعد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

( خميس العهد) يوحنا ١٣

أعطى البشير يوحنا اهتماما كبيراً بغسل أرجل التلاميذ في مقابل أنه لم يذكر أحداث وتفاصيل حدث هام أيضا وهو العشاء الأخير للرب مع التلاميذ عكس باقي الأناجيل ( متى، مرقس ولوقا).

وكان التلاميذ في ذهول أن الرب الملك والمخلص والمعلم يغسل أرجلهم، حتى أن واحد منهم ( بطرس) اعترض على هذا العمل ولكن مع توضيح الرب الجميل والمقنع والحاسم قبل خاضعا طالبا أن يغتسل كله، فقال له يسوع إن لم اغسلك ليس لك معي نصيب، فقال بل اغسلني كلي. فقال له يسوع الذي أغتسل مرة ليس له حاجة الا لغسل رجليه، بل هو طاهر كله.

وهنا نحتاج أن ندرك أكثر من معنى:

١- اختلاف الأولويات:
كل إنسان له وجهة نظر في الحياة كذلك كُتّاب الأناجيل، على أساسها تختلف الاولويات. فلو رأيت أن (أ) عندي اهم من (ب) يمكن أن يكون العكس بالنسبة للآخرين، هذا لم يخل بالوحي المقدس عند كتاب الأناجيل ويجب ألا يخل بعلاقتنا ببعضنا البعض أو يقودنا هذا الاختلاف إلى خلاف. فهناك منا من يجد للعقل أهمية قسوى ومن يعطي المشاعر أولوية فيجب علينا احترام اختلافنا وبالتالي اولوياتنا.
فأختلافنا عن بعضنا البعض كالزهور الملونة في الحديقة التي تعطى جمالا أفضل من كونها لونا واحدا.
فاللون الواحد يبطل سحر وانجذاب العين حتى لو كان محببا لها.
فدعونا نقبل اختلافنا عن بعضنا البعض فالله في القديم خلق الانسان ذكرا وأنثى ورغم كل هذه الاختلافات الظاهرية والجوهرية بين الذكر والانثى الا انهم يعيشوا في تناغم من خلال معجزة الزواج.
فيمكننا نحن أيضا صناعة هذه المعجزة بمعايشة ومشاركة بعضنا البعض في رحلة الحياة من خلال قبول اختلافنا.

٢- الطهارة عملة لها وجهان:
التوبة الاعتراف بالخطأ وتغيير المسار هذا هو الوجه الأول.

التوبة والاعتراف المتجدد في كل يوم وهذا هو الوجه الثاني.

لقد ركز الرب يسوع كلامه مع بطرس أن هناك نوعين من الناس، طاهرون وغير طاهرين أي مغسولون ويحتاجون إلى غسل الأرجل فقط كبطرس، والنوع الثاني غير طاهرون وبالتالي غسيل الأرجل ليس له فائدة لانه لم يغتسل كله.

وهنا نجد أن أغلب المسيحيون يأخذون الأمر بشكل متطرف، نجد من اغتسل بالكامل ( التوبة وتغيير المسار) لا يمارس التوبة اليومية المتكررة (غسل الأرجل) وبذلك لا تتم طهارته بالكامل وهذا ما نسميه حياة القداسة اليومية وهي رحلة حياة لكل من اغتسل بالكامل بدم يسوع المسيح، ولكن نتيجة لاحتكاكه بالعالم يحتاج يوميا إلى غسل رجليه.

وفئة أخرى تمارس غسل الأرجل كل يوم ولكن بلا فائدة لأن الجسد كله نجس بسب ان الإنسان لم يتطهر بالكامل بدم يسوع المسيح، فما الفائدة؟ وهذا نسميه التدين الظاهرى.

السؤال الذي يطرح نفسه هل أنا متطرف في فكرة الطهارة؟ هل اغتسلت مرة بدم يسوع بالكامل ولا أمارس حياة التوبة اليومية؟
ام أنا لم اغتسل بدم المسيح بالكامل ومازلت أمارس حياة النجاسة كل يوم حتى لو قومت بغسل ارجلي فهذا لا يفيدني!
عملة الطهارة لها وجهان( التوبة وحياة القداسة اليومية) ولا فائدة من كونها وجه واحد.

٣- القدوة العملية:
لم يكن السيد المسيح قدوة لتلاميذه في التعليم والكلام، أو في القدرة الخارقة وصناعة المعجزات، أو في كيفية التعامل مع الناس المحيطين.
بل كان قدوة شخصية قريبة من واقع وحياة كل واحد فيهم.
فكما غسل أرجلهم وهو الرب والقائد والمعلم، ينبغي عليهم أن يغسلوا ارجل بعضهم البعض.

لا ينبغي علينا أن نضع المسيح في حياتنا على أنه قدوة بعيدة وصعبة المنال ولا نستطيع أن نكون مثله لأنه ببساطة هو الرب. بل هو بنفسه قال لنا مشجعا أن الأعمال التي اعملها تعملونها أيضا بل وتعملون أعظم منها.

فهل كما سامحنا بالكثير، نغفر نحن القليل؟
ولماذا لا نحب ونضحي كما ضحى بحياته لأجلنا.
هل نقدم بعضنا البعض في الكرامة، ونشجع بعضنا البعض ونحب النجاح والتفوق للآخرين كما نحبه لأنفسنا.
الواقع يا احبائي يفرض علينا الكثير من التحديات، فيجب علينا أن نقتدي بمعلمنا ومخلصنا ونفعل كما فعل فيكون لنا تأثير في وسط الناس.

٤- الفجوة بين المعرفة والتطبيق.
نحن كمسيحيين معلمون وقادة وخدام لدينا فجوة كبيرة بين ما نعرفه عن الله من خلال الكلمة المقدسة أو علاقتنا به، وبين ما نفعله كل يوم في بيوتنا ومع احباؤنا أو في اشغالنا ومع زملائنا.
قال السيد" إن علمتم هذا فطوباكم أن عملتموه".
ومازلنا نعيش حتى يومنا هذا في هذه المعضلة ما بين العلم والإيمان العقل والمشاعر النظرية والتطبيق الإيمان والاعمال الخدمة والشهرة.

نحتاج كل يوم أن ما نقرأه في كلمة الله ويكشفه الله لنا من خلال علاقتنا العميقة به، نعيشه كتطبيق عملي في حياتنا والا يصبح عديم فائدة.

أننا من كثرة المعلومات والمعرفة أصبحت عقولنا متضاعفة مئات المرات مقارنة باجسادنا وبالتالي لا يستطيع جسدنا أن يلاحق هذا التطور الذهني العالي.. أو قمنا بأعمال الخدمة الكثيرة حتى أصبح جسدنا مصاب بالتخمة دون عقل قادر على أن يحركه.

يا بخت يافرح ويالساعدة الإنسان القادر على صناعة هذا التوازن بين المعرفة والتطبيق، لننال هذه البركة العظيمة في حياتنا فنتغير نحن ثم نستطيع أن نحدث تغييرا في حياة من حولنا.

نحتاج أن ندرك ونفهم كل هذه التناقضات والاختلافات، ونصنع منها سيمفونية بديعة الجمال في حياتنا، ولا تكون عائق ابدا في سبيل تقدم علاقتنا بالله والناس ونفوسنا أيضاً.

القس/ إسحق سعد