الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

مدير شئون المساجد: الغاية الرئيسة للصيام التقوى وليس التقييد

الشيخ أسامة فخري
الشيخ أسامة فخري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قال الدكتور أسامة فخري، مدير شئون المساجد والدعوة بوزارة الأوقاف، إنه يجب التعلم من الصَّومِ، لتكُونَ حِرَفيًّا لِصَنْعَةِ الله "تعالى"، معلوم أنَّ الصَّانِعَ هو الذي يُوجِدُ أمرًا مَعْدُومًا .. وأمَّا الحِرَفيّ فهو الذي يقوم بصيانة الصنعة.

الالتزام لأوامر الله واجتناب النواهي ليس تقييد

وأضاف فخرى عبر حسابة الشخصي على فيسبوك : "لمَّا كان الإنسان منا هو صَنْعَة الله (عز وجل)، فإن المطلوب منا أن نكون حِرَفِيّين لهذه الصّنعة، فُنُحْسِنُ صيانتها .وحِرَفيّة الصّنعة (أي صيانتها) تكون من خلال التزام الأوامر واجتناب النواهي القرآنية، فالأوامر والنواهي الواردة في القرآن الكريم ليست تقييدًا لحركة الإنسان، وليست تضييقًا على الإنسان، وإنما هي قوانين الصيانة الحرفية. 

قوانين الله لصناعة الجمال وترسيخ الإنسانية

وأوضح أن هذه القوانين لصناعة الجمال في الدنيا وترسيخ قيم الإنسانية والرحمة، هي قوانين نُمْسِكُ من خلالها عن صناعة الشر والفساد والقبح، هي قوانين تؤسس لقيم البذل والعطاء والسخاء والجود، هي قوانين تدعو إلى رفع الحرج وإزالة المشقة وصناعة المعروف وفقه الشعور بالآخر، هيقوانين تؤكد على ثقافة المواساة والتراحم والتكافل والتعاون والتعاضد.

الله وهبنا جوارح وطاقات مسخرة لنا
وتابع مدير شئون المساجد ، أن الحق "سبحانه وتعالى" وَهَبَنا جَوَارِحَ وطاقاتٍ وإمكاناتٍ وقدرات، وسخّرها جميعَها لنا، وهي عندنا أمانة أودعها الله (عز وجل) فينا، فلنؤدِّ حَقَّ هذه الأمانة، وأداء حقّها يكون بحفظها وصيانتها في الدنيا والآخرة ، أي حفظها وصيانتها من كل ما يكون سببًا في إيذائها أو إيلامها .

الصَّوم ليس فقط إمساكًا عن شهوتي البطن والفرج
وشدد على أن الصَّوم ليس فقط إمساكًا عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر وحتى غروب الشمس وانتهى الأمر، وإنما هو أيضًا صيامٌ للجوارح كلها بحفظها عن كلِّ ما نهى الله (عز وجل) وحرّمه، فعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ الله عَنْهُ) قال: قال رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) : "مَنْ لَم يَدَعْ قَوْلَ الزُوْرِ والعَمَلَ بِهِ والجَهْلَ فَلَيْسَ للّه حَاجَةٌ فِي أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ " . [أخرجه البخاري وأبو داود]، وعن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رضي الله عنه) قال : (إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ ، وَلا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً ) [شعب الإيمان للبيهقي].

غاية الصيام الرئيسية هي التقوى

واكد فخرى إن الغاية الرئيسة للصيام هي التقوى،كما قال تعالى: والتقوى مأخوذة من الوقاية، والوقاية معناها أن تأخذ حاجبًا أو حاجزًا أو مانعًا أو ساترًا، ومن ثمَّ فالوقاية لا تكون إلا من شيء خطر، فأنا لا أقي نفسي مثلًا من طعامٍ طيب، أو من شيء يُدخل على قلبي السرور ما دام بطريق الشرع، وإنما أقي أنفسي مما كان خطرًا ، فأقي نفسي مثلًا من مكان مرتفع حتى لا أقع، أقي نفسي من النار حتى لا أُحرق، أقي نفسي من مادة سامة ، وهكذا.

التقوى مأخوذة من الوقاية
ولفت الى  أن كلمة التقوى مأخوذة من الوقاية، والوقاية عند إطلاقها فإن أول تصور يتم استدعاؤه في الأذهان هو أن هناك شيئًا خطرًا يجب أن أقي نفسي منه، إذن فالتقوى تحقق لنا معنى الحِرَفيّة، لأنها تقي الإنسان من كل ما من شأنه أن يكون سببًا للإيذاء في الدنيا أو الآخرة، والتقوى لا تتحقق إلا من خلال تنزيه الجوارح عن كل ما نهى أو حرّم الله (عز وجل)، فلنحكِّم قانون الصيانة لنا ولجوارحنا بحِرَفِيَّة استخدامنا لتعليمات الصَّانِع لنا وهو الله (عز وجل)، ولنحقق صيامًا عامًا لسائر الجوارح، فنُنَزِّهَهَا عن كل قبح أو فساد أو شر.

الحرفية لصنع الله ستوجد مجتمع مثالي

واختتم فخرى قائلا : حينئذٍ سنجد أنفسنا أمام مجتمع مثالي، صانعًا للخير والجمال، مرسخًا للإنسانية والمنطقية، يتعامل مع بعضه بقِيَم الأدب والاحترام، يتعامل مع بعضه بأسلوب مهذّب بعيدًا عن الكلمة الخاضعة والعبارات التي تثير الآخر، يتعامل مع بعضه بنظرات التوقير والإجلال والإكرام، والبر والوفاء والنبل، يتعامل مع بعضه بصيانة الأعراض، وما كان ذلك إلا بحِرَفية كلِّ إنسان منا لصنعة الله (عز وجل).