الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

السيد الإدريسي لـ«البوابة نيوز»: المعترضون على الصلاة بجوار الأضرحة يحاولون تفريق الأمة.. «مدد يا حسين» ليست شركًا.. الإسلام بريء من العنف والإرهاب والأفكار الهدَّامة

محرر البوابة يحاور
محرر البوابة يحاور السيد الإدريسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«من يقولون إن الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حرام.. هم أنفسهم من يحاولون تفريق الأمة الإسلامية».. بهذه الكلمات أكد السيد إدريس الشريف الإدريسي شيخ الطريقة الأحمدية الإدريسية ورئيس الرابطة العالمية للأشراف الأدارسة، أن الصلاة في المساجد التي بها أضرحة ليست محرمة، وإلا كان من الأولى تحريم الصلاة في المسجد النبوي.

 وأضاف الإدريسي الذى أنشأ ساحته بجوار مسجد سيدنا الحسين رضي الله عنه، لتكون ملاذًا للمحبين والعارفين ومريدي سيدنا الحسين، في حواره مع «البوابة» ليس في الإسلام أبدًا ولا في الأديان أبدًا إرهاب أو تخويف الناس بعضهم من بعض أو استعلاء الناس بعضهم على بعض وحرمة الدماء أمر مفروغ منه في الإسلام، فلا يوجد أي مبرر أو شريعة في الأديان جميعًا تؤدي أو تقبل أن يقتل المرء أخاه إلا بحد، والحد لا يقيمه البعض على البعض، ولكن يقيمه من ولاه الله أمر المسلمين على من خرج عن نصوص قواعد الإسلام ببينة وإلى نص الحوار.

< الإسلام دين سلام وتسامح ويدعو دائمًا للأمن والأمان.. من أين جاءت الأفكار الهدامة المتطرفة التي تدعو لها الجماعات المتطرفة؟

- ما كانت دعوة الإسلام أو الأديان كلها إلا دعوات من الله سبحانه وتعالى إلى عباده ليجمع كلمتهم على كلمة واحدة سواء هي معرفة الله أو معرفة أنه خلق الخلق بعين رحمته ليرحمهم لا ليعذبهم ولا ليشقيهم، فليس في الإسلام إرهاب ولا ما يشرع لمسلم أن يقتل مسلما ولا لمسلم أن يقتل إنسانا أو أي كائن، لأننا لو قلنا إن الإنسان بنيان الله فملعون من هدمه، والملعون خارج من رحمة الله فكيف ومن أين لهؤلاء أن يأتوا بأفكار وبيانات جاء تطبيقها في مواضع معينة على المشركين والكافرين الذين يجاهدون المسلمين في دينهم، ويتعدون على المسلمين في أموالهم ودمائهم وأعراضهم، ولم يكن نص الجهاد في شريعة الإسلام وجميع الشرائع بداية عداوة مع الآخر، وإنما هو رد عداوة الآخر على المسلم، والإسلام من كلمته هو دين سلام، وكل ما فعلته الجماعات الإرهابية هو تحريف للمعاني والنصوص والآيات واستخدامها وتطبيقها في غير مواضعها لجهالتهم بدينهم وباللغة التي جاء بها الإسلام التي تجعل المسلم يستدرك ويتفكر في معانى ومراد آيات الله، والمتطرفون وجماعاتهم وأفكارهم الهدامة والمتطرفة إن برزوا علينا في هذا العصر أو في عصور سبقت  فظهورهم لا يتعدى مائتي عام، وما قبلها لم يكن شيء من هذا.

 

< ماذا يقصد بالتقوى في مختلف الشرائع؟ 

- التقوى تعني المعاملة فيما بين العبد وربه والمعاملة فيما بين العبد ومحيطه، أن تتقي الله في كل ما يحيط بك.

< دائمًا ما يهتم المتصوف بالداخل وعوام الناس يتساءلون هل يتحتم رؤية المتصوف غير مهتم بمظهره العام الخارجي من ارتداء ملابس وغيره أم أنه غير ذلك؟ وما هو التصوف الحقيقي في نظرك؟

- أول مبادئ التصوف هو تصفية النفس مع الخلق والخالق، أن تصفي نفسك مع خلق الله؛ لأنهم إخوة لك في الآدمية قبل أن يكونوا إخوة لك في الدين، وتصفي نفسك مع إخوتك المسلمين؛ لأنهم إخوة لك في الدين وتصفي نفسك مع محيطك لأنهم أهل وعشيرة ومتصلون معك في كل أمور حياتك، التصوف هو التجرد إلى الله سبحانه وتعالى مما عداه، ثاني مبادئ التصوف تذكية النفس وطهارتها والارتقاء بها إلى وأن تكون عبدًا خالص العبودية لله وأن تكون عبدًا متآخيا مع كل من حولك، ولا يشترط التصوف قطعًا بمظهر، فليس للصوفي مظهر محدد يدل على أنه متصوف أو متدين، بل يكون في كل زي وكل مرحلة وكل نطاق عمل وفي كل أمور حياته، والشخص المتصوف مسترشد بكل ما أوتي للتقرب من الله سبحانه وتعالى.

وهناك قاعدة واحدة يجب أن نأخذها ونعممها على التصوف، وهي التي تبرهن وتدلل هل هذا متصوف حق أو على غير هدى، فالله سبحانه وتعالى أوصى النبي في كتابه قائلًا: «واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي»، وبناءً عليه نسأل أنفسنا هل هذا الذي نريد أن نضعه في قالب التصوف من الذاكرين بالغداة والعشي وهل ذكره هذا رياءً أم مرادً به وجه الله ومراده هل هو وجه الله والانكسار إلى الله أم التعالي على خلق الله، وتكون غايته الارتقاء في معين نظر الله بأنه عبد خالص العبودية له امتثالًا للآية الكريمة «فلا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا».

< هل هناك أولياء لا نعرفهم؟ أم شرط من شروط الولاية أن يعرفهم الناس؟

 - الولي هو كل من والي الله بطاعته  فوالاه الله بعنايته وكل عبد يسعي ويسير إلى الله بطاعات فينظر الله إليه بعين عنايته، وليس لها أي شكل أو مظهر معين تصديقًا للحديث «رُب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره»، وهي باب لا يُغلق على أحد، على سبيل المثال يمكن أن يكون للإنسان أمه في المنزل من الأولياء وهو لا يعلم أمورها الدينية ولا يشعر بعلاقتها مع ربها، على الرغم من أنها تؤدي حقوقها المنزلية تجاه بيتها وزوجها وأولادها، ولكنها كثيرة الذكر والشكر والثقة بالله.

< شاهدنا بعض الناس وهم يتحدثون عن الأولياء وأعدادهم.. هل للأولياء عدد محدد وثابت؟

- هذه أمور غيبية لا يستطيع عدها أو حصرها إلا الله سبحانه وتعالى، فهذا شيء من التقارب الفكري ولم يكن يجزم بحقيقة، حيث إنه لم ولن يرد به نص معين في كتاب الله ولا في كلام رسوله الكريم، ولكن هناك علوم بواطن والهامات على بعض الأولياء، ويجب ألا نشغل أنفسنا كثيرًا بعلوم الباطن والعلوم التي لم يرد بها نصوص صريحة في الكتاب والسنة ليست نقطة شغلنا، حيث إن الانشغال بها لا يفيد.

 

< الصلاة في المساجد التي بها أضرحة محل جدل.. فما ردك على المشككين في صحة الصلاة بهذه المساجد؟

- المعترضون على الصلاة في المساجد التي بها أضرحة هم من أرادوا أن يفرقوا الأمة الإسلامية من المحتوى ويجعلوها في مظاهر التجسيد، ففي بيت الله الحرام مقام سيدنا إبراهيم ونصلي هناك والله قال: «واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى»، وفي المسجد النبوي مدفون الرسول ونصلي أيضًا وقبره عن يميننا وعن شمالنا وأمامنا وخلفنا، وعند قولنا إن هؤلاء أنبياء فنقول لهم إن سيدنا أبوبكر وسينا عمر مدفونان أيضأ بجوار سيدنا النبي والمسجد شملهم، وما يسري على البيت الحرام والمسجد النبوي يسري على أي مسجد به مقام أو ضريح والذين أفتوا بحرمانية الصلاة هناك ليسوا أفقه من سيدنا أبوبكر أو الفاروق عمر.

< هناك سؤال يسأله البسطاء وهو كيف أحب أهل البيت دون أن أدخل في دائرة الشرك بالله؟

- الله لم يشرع لأهل البيت شريعة غير التي شرعها لهم في كتابه، وأراد الله أن يجعل في كتابه نصًا يوصي به الأئمة بشىء لأهل بيت الرسول فقال فيه: «قل لا أسئلكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى»، وحق أهل البيت علينا أننا نحبهم لأن جدهم الرسول الكريم هو الذي كلفه الله بهدانا وهو الذي بينه الله واستبان به كيف يخرج الناس من الظلمات إلى النور وهو الذي أنقذنا من النار لقوله سبحانه وتعالي: «وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها».

ولحقوق رسول الله على هذه الأمة لم يجعل الله شيئا مشترطا لأهل البيت غير المودة، فالله قال المودة ولم يقل المحبة، حيث إن المحبة قد تكون بُعدية وعلى سبيل المثال إنني أحب أحد الأشخاص وهو في الهند وهو يحبني ولكن بدون ود؛ لأنه لم يكن هناك تواصل قريب بيننا، أما المودة تكون عن تواصل بقرب، فيجب علينا أن نحب آل البيت عن قرب ونتواصل معم ونداوم على زيارتهم لأن الله جعل لهم خصيصة بشر بها جدهم المصطفي فقال «جاء ملك فلم ينزل على هذه الأرض إلا علي هذه القبيلة وأبشرني أن أهل بيتي عترتي وكتاب الله لم يفترقا إلى أن يرد عليا الحوض يوم القيامة»، وقال أيضًا «تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدً كتاب الله وعترتي»، وفي حديث آخر «كتاب الله وسنتي».

ويبين الحديثان أن السنة تتجسد في أهل البيت لميراثهم من الرسول، وأن محبتهم ومودتهم لسبب اتصالهم بالرسول اتصال إسناد، حيث إن المسلم يمكن أن يأخذ العلم عن طريق الإرشاد بالبحث والقراءة في الكتب والعلوم لكن آل البيت في تربيتهم وأخلاقهم وتكويناتهم بها مواريث محمدية قائمة في جيناتهم فنجد فيهم غزارة العلم والحياء وحسن الأدب مع خالقهم والتواضع والحلم على الخلق مهما غلظوا عليهم.

< المدد من الله ولكن نسمع بعض مريدى سيدنا الحسين أو السيدة زينب يقولون مدد يا سيدنا الحسين أو مدد يا ستنا زينب.. كيف تفسر من يرفض هذا القول ويدعوه بالشرك؟

- المدد هو عطاء من الله سبحانه وتعالى ولكن عندما نقول مدد يا سيدنا النبي أو مدد يا حسين أو مدد يا سيدة فهذا قول مجازي لطلب العون والاستغاثة من الله مستشفعين بمن نحن في رحابهم ومستشفعين بمن نحن ننادي أسماءهم بجاههم عنده وقال الرسول الكريم: «توسلوا عن الله بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم»، وذكر أسماء أهل البيت باب من أبواب المغفرة تصديقًا للحديث الشريف «مثل أهل بيتي كحطة في بني إسرائيل» والقرآن يقول لنا «ادخلوا الباب سجدًا ركعًا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم»، وهذا يعني أن أهل البيت من ذكرهم مستشفعًا بهم ليغفر الله له غفر له.

< هل إذا أردت أكون صوفيًا وجب علىَّ اتباع طريق من الطرق الصوفية؟

- أي متصوف يأبي كلمة طرق، فهذه الكلمة محذوفة تمامًا من قاموس أي صوفي مسترشد عنده فطنة امتثالًا لقول الحق سبحانه: «لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقًا»، وهذا يعني أننا في طريق واحد وهي الكتاب والسنة المحمدية، والحاقدون استحدثوا كلمة طرق لتفريق الأمة الإسلامية، ولكن الأصل هو تعدد المناهج.

< هل هناك فرق بين الولي وبين العالم الذي استقي علمه من الكتب؟

- لا يمكن أن نطلق على الذي استقى العلم من كتب أنه عالم بلا سند، فكل ولي لا بد أن يكون عالما بما يقربه إلى الله وليس كل عالم وليا، وهناك أولياء اجتباهم الله بقلوبهم فيمكن ألا يكونوا علماء حديث أو متحدثين، بمعني أن تجلس بجوارهم فتجد بهم أنوارا محمدية، وإن لم يحدثك بكلمة ولو دعا لك بدعوة تجد فيها الاستجابة وإن نظر إليك وسألته عن حالك فينظر إليك ويسأل الله لك الهداية فتجد نفسك قد انسقت إلى باب الهداية بدون كلام أو حديث، وفلاسفة العلم كثير ولكن أهل العلم قليل.