الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

منشدون ودعاة| الدكتور محمد طه: الدعاء عند روضة السيدة نفيسة مستجاب إن شاء الله

الدكتور محمد طه إمام
الدكتور محمد طه إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهر رمضان.. شهر العبادة والصيام والصلاة.. نتقرب فيه إلى الله عز وجل، نحرص على الصيام ليكون شفيعا يوم القيامة. وفى هذا الشهر الكريم حاورت «البوابة» الدكتور محمد طه، إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة رضى الله عنها لنتعرف على سيرتها وكيف كانت تقضى رمضان، بالإضافة إلى الإجابة عن بعض التساؤلات التى تهم الصائمين.. 

 

■ فى البداية.. نريد التعرف على السيدة نفيسة رضى الله عنها.. النشأة والنسب؟

- السيدة نفيسة رضى الله عنها هى بنت الإمام الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الإمام الحسن بن الإمام على رضى الله عنه وأرضاه، ولدت فى مكة المكرمة سنة ١٤٥ هجرية فى الحادى عشر من ربيع الأول؛ فرح بها والداها واستبشرا بها خيرًا؛ حتى قيل إن أباها تولى إمارة المدينة المنورة يوم مولدها، وكان يأخذها وهى صغيرة لزيارة جدها المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى تعلقت به، وكان يقول عند روضة المصطفى صلى الله عليه وسلم «يا جدى يا رسول الله إنى راضٍ عن ابنتى نفيسة كل الرضا» حتى جاءه المصطفى صلى الله عليه وسلم فى منامه وقال له يا حسن «إنى راضٍ عن ابنتك نفيسة برضاك عنها والحق سبحانه وتعالى راضٍ عنها برضائى عنها».

نشأت السيدة نفيسة رضى الله عنها فى محراب العلم، حيث كانت دائمة التردد على المسجد النبوى تسمع إلى شيوخه وتنهل من علومهم؛ فتلقت علوم الحديث والفقه وغيرها حتى لقبت بين الناس بنفيسة العلم لكثرة علمها؛ فلقد جمعت بين علوم الشريعة والحقيقة.

■ وكيف كانت عبادة السيدة نفيسة رضى الله فى رمضان وغيره؟

- كانت رضى الله عنها عابدة زاهدة صوامة قوامة؛ فلقد رؤى أنها حجت ٣٠ حجة أكثرها مشيًا على الأقدام؛ حتى يكون ذلك أرجى لزيادة الثواب والقبول؛ وكانت رضى الله عنها تكثر الصيام والقيام؛ حتى أشفقت عليها بنت أخيها المسماة بزينب بنت يحيى المتوج بالأنوار وقالت لها يا عمتى «ارفقى بنفسك» فقالت لها «وكيف أرفق بنفسى وأمامى عقبات لا يقطعها إلا الفائزون».

ولما وفد الإمام الشافعى إلى مصر اعتاد أن يزورها وهو فى طريقه إلى مسجد الفسطاط وفى طريق عودته منه؛ وكان رضى الله عنه يدرس العلم على يديها، وكان يصلى بها التراويح فى رمضان؛ فكان من أكثر الناس جلوسا إليها وأخذًا عنها.

وكانت رضى الله عنها من كثرة قربها لربها وتعلقها به؛ كانت مستجابة الدعوة؛ وأيدها الله بكرامات كثيرة؛ لا تزال إلى يومنا هذا؛ حيث يقصد الناس مشهدها المبارك للصلاة والدعاء؛ إذ إن الدعاء عند روضها مستجاب إن شاء الله.

وانتقلت إلى جوار ربها عام ٢٠٨ هجرية ودفنت فى ضريحها المعروف؛ وكانت قد حفرته بيدها وختمت فيه القرآن الكريم مرات ومرات. 

■ ما حكم النية فى صيام رمضان.. وهل يشترط تجديد النية لكل يوم من أيام رمضان؟ 

- لا يصحُّ الصَّومُ بدون نيَّةٍ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وحُكِى الإجماعُ على ذلك، والأدلة على ذلك كثيرة، أوَّلًا: منَ السُّنَّة، عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِى الله عنه أنَّ النَّبى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إنَّما الأعمالُ بالنيَّاتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى»، ثانيًا: لأنَّ الصَّومَ عبادةٌ مَحضةٌ، فافتقر إلى النيَّةِ، كالصَّلاةِ وغيرها، ثالثًا: ولأنَّ الصَّومَ هو الإمساكُ لغةً وشَرعًا، ولا يتميَّزُ الشَّرعى عن اللُّغَوى إلَّا بالنيَّةِ، فوجَبَت للتَّمييزِ.

■ ما حكم المداعبة والتقبيل للزوجين أثناء الصيام؟ 

- يجوز للرجل أن يستمتع بزوجته، وأن يقبلها وهو صائم، إلا لمن يخاف على نفسه أن يجامع أو ينزل. ففى «الصحيحين» عَنْ عَائِشَةَ رَضِى اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأرَبِهِ»، وفى رواية عند أحمد ومسلم: «كان يُقَبِّلُ فى رمضانَ وَهُوَ صَائِمٌ». وعن أم سلمة: «أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم» (متفق عليه). فإن قيل: هذا خاصٌّ بالنبى صلى الله عليه وسلم لكونه يتحكم فى شهوته، بخلاف غيره، فالجواب: أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص لغيره فيها؛ كما رواه مسلم عن عمر بن أبى سلمة: «أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُقَبل الصائم؟ فقال له: سل هذه، لأم سلمة، فأخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، فقال: يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال له: أما والله إنى لأتقاكم لله وأخشاكم له». وروى عبد الرزاق والبيهقى عن رجل من الأنصار: أن رجلًا قبَّل امرأته وهو صائم، فوجد من ذلك وجْدًا شديدًا، فأرسل امرأته تسأل عن ذلك، فدخلت على أم سلمة أم المؤمنين فأخبرتها، فقالت أم سلمة: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم»، فرجعت المرأة إلى زوجها، فأخبرته، فزاده ذلك شرًّا، وقال: لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحل الله لرسوله ما شاء، فرجعت المرأة إلى أم سلمة، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال هذه المرأةِ؟ فأخبرتْه أم سلمة، فقال: ألا أخبرتها أنى أفعل ذلك؟ فقالت أم سلمة: قد أخبرتُها، فذهبت إلى زوجها فأخبرتْه فزاده ذلك شرًّا، وقال: لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحل الله لرسوله ما شاء، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «والله إنى لأتقاكم لله وأعلمكم بحدوده». قال ابن بطال فى «شرح البخاري»: قال المهلَّب: وكل من رخص فى المباشرة للصائم، فإنما ذلك بشرط السلام مما يخاف عليه.

■ هل يفسد الاحتلام فى نهار رمضان الصيام ؟ 

- الاحتلام فى نهار رمضان لا يبطل الصوم؛ لأنه أمر خارج عن قدرة الإنسان وطاقته، ولا يستطيع أن يمنعه، والله عز وجل يقول: «لا يكلّف الله نفسًا إلا وسعها». َ: «لَوْ احْتَلَمَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، لِأَنَّهُ عَنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ شَيْءٌ وَهُوَ نَائِمٌ»، فمن احتلم وهو صائم أو محرم بالحج والعمرة فليس عليه إثم ولا كفارة، ولا يؤثر على صيامه، وعليه غسل الجنابة إذا كان قد أنزل منيًّا.

■ ما حكم من أكل أو شرب ظنًا منه أن الفجر لم يطلع أو أن المغرب قد أذن؟ 

- من أكل بعد الفجر ظنًّا عدم طلوعه، أو أكل قبل غروب الشمس ظانًّا غروبها، ثم تبيَّن له خطؤه، فعليه القضاء كما هو مذهب جمهور الفقهاء؛ لأنه «لا عبرة بالظن البيِّن خطؤه»، فعن شُعَيْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الأنصارى قَالَ: أَفْطَرْنَا مَعَ صُهَيْب الْحَبْرِ أَنَا وَأَبِى فى شَهْرِ رَمَضَانَ فى يَوْمِ غَيْمٍ وَطَشٍّ، فَبَيْنَا نَحْنُ نَتَعَشَّى إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ صُهَيْبٌ: «طُعْمَةُ اللهِ؛ أَتِمُّوا صِيَامَكُمْ إِلَى اللَّيْلِ، وَاقْضُوا يَوْمًا مَكَانَهُ» أخرجه البيهقى فى «السنن الكبرى».

وعلى من أفطر ظنا منه عدم طلوع الفجر فى رمضان أو أن المغرب قد أذن؛ أن يمسك بقية النهار؛ لحرمة الشهر، وعليه القضاء بعد ذلك؛ قال الإمام النووى فى «المجموع شرح المهذب»: [ومن أفطر فى رمضان بغير الجماع من غير عذر وجب عليه القضاء؛ لقوله صلى الله عليه واله وسلم: «من استقاء فعليه القضاء»، ولأن الله تعالى أوجب القضاء على المريض والمسافر مع وجود العذر، فلأن يجب مع عدم العذر أولى، ويجب إمساك بقية النهار؛ لأنه أفطر بغير عذر فلزمه إمساك بقية النهار، ولا يجب عليه الكفارة.