الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لعلكم تتقون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فرض اللَّه الصيام على الأمة الإسلامية كما فرضه على الأمم السابقة من أصحاب الشرائع السماوية مع الاختلاف في كيفيته، وذكر اللَّه تعالى الغاية الكبري، والثمرة العظمي من الصيام وفرضه علينا في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة : 183]؛ فالحكمة من مشروعية الصيام هي الوصول للتقوى، أي: فرض اللَّه عليكم الصيام كما فرضه على الذين من قبلكم ، لعلكم بأدائكم لهذه الفريضة تنالون درجة التقوى والخشية من اللَّه، فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقايه بطاعته وعبادته وحده، ولو تأملنا آيات الصيام لوجدنا أمرًا عجيبًا أن الآيات ابتدأت بالتقوى {.. لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة : 183]، واختتمت بها {.. لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}[البقرة: 187]؛ فهي المقصد الرئيس في وصول النفس إلى درجة الخشية من اللَّه تعالى، وكف الجوارح عن المحرمات؛ فمن افتقدها فقد افتقد جزءًا كبيرًا من مقاصد الصيام فالصوم سبب عظيم موصل للتقوي؛ لما فيه قهر للنفس وكبح جماحها وكسر شهواتها، وامتثال أوامر اللَّه واجتناب نواهيه.

معنى التقوى البسيط هو أن يبتعد المسلم عن كل ما نهى اللَّه عنه، وأن يأتى بكل ما أمره اللَّه به ، من أجل ذلك شرع اللَّه الصيام حتى يصل العبد إلى هذه الدرجة ألا وهى درجة التقوى، ويوجد ارتباط وثيق بين الصيام والتقوي، فهى أثرٌ من آثار الصيام؛ فتركك للمآكل والمشرب وسائر المفطرات ابتغاء وجه اللَّه تعالي، قطعًا سيكون له أثر إيجابى على جوارحك، فسيتبع هذا الصيام صيام العين عن النظر إلى الحرام، وصيام الأذن عن سماع الحرام، وصيام اليد عن البطش في الحرام، وصيام القدم عن الخطوة إلى الحرام، وصيام اللسان عن الكلام في الحرام، ونحو هذا، وأيضًا هناك ارتباط وثيق بين التقوى والمراقبة، فالمتقون دائمًا يراقبون تصرفاتهم، فما كان للَّه مضوا فيه وما كان لغيره رجعوا عنه، وعندما سئل الإمامُ عليٌّ رضي الله عنه، عن معنى التقوى قال: "هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل"، وقال ابن القيم: "وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة، وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى"، اللهم اجعلنا من أهل التقوى وأهل المغفرة.. الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف.