الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

شخصيات روائية| "شفعات الخربوطلي" تشهد تألق تحية كاريوكا في فيلم "شباب امرأة"

من الفيلم
من الفيلم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تمثل شخصية«شفعات» للقارئ المصري التجربة الأولى للإغواء الجنسي، باب المغريات الذي قد يقف على بابه أي شاب فقير أو عديم التجربة. زاد من تأصيل الشخصية في الصورة الذهنية الدور الذي قامت به الراحلة تحية كاريوكا في فيلم «شباب امرأة» وهو نفس عنوان رواية أمين يوسف غراب..

في الوقت الذي ارتحل فيه "إمام بلتاجي حسين"، الأزهري القروي، إلى القاهرة لاستكمال دراسته. متسلحًا بثلاثة جنيهات، وتميمة أبيه الراحل لجلب الرزق، وخطاب توصية. يبدأ البحث عن غرفة زهيدة الأجر، توفيرا للقروش الخمسة التي يدفعها يوميا نظير مبيته في لوكاندة "المدينة المنورة"، وهو مبلغ ضخم يفوق إمكاناته المتواضعة. هنا، يقوده خادم اللوكاندة محمدين إلى بيت المعلمة "شفعات الخربوطلي"، في إحدي الأزقة في حوش الشرقاوى بباب الخلق. لتبدأ العلاقة بين الشاب الخام الساذج والمرأة ذات التاريخ الحافل بالتجارب والخبرات.

في تحليله لشخصيتها، يقول الناقد الكبير مصطفى بيومي إن شفعات "نموذج متكامل للنزعة الحسية والتفنن في الإغواء، ويزداد توحشها في العلاقة مع إمام بالنظر إلى غياب التكافؤ والندية بين امرأة خبيرة في منتصف العقد الرابع من عمرها، وشاب قروي لم يغادر عامه الثامن عشر". هكذا يتصدى إمام للمرأة المليئة بالغواية قدر طاقته المحدودة لحصارها متجنبا السقوط في براثنها، ثم يستسلم ويُقاد إلى ما تريده عاجزا عن المقاومة، وصولا إلى التمرد ومحاولة استعادة هويته الضائعة.

رغبة شفعات في الاستحواذ على الفتى تبدأ منذ اللقاء الأول الذي يدفعها إلى التراجع عن قرار طرده، وبعد ساعات يتجدد الصدام بفعل الضجيج المترتب على الاستيقاظ المبكر للطالب المتدين المجتهد، حيث الوضوء بالقبقاب وصوت وابور الجاز لإعداد الشاي والقراءة - بصوت مرتفع- في ألفية ابن مالك. تقتحم غرفته متنمرة هائجة شبه عارية، وتنهال عليه بالشتائم القاسية. تجمع المرأة بين الأنوثة الطاغية والجرأة في الاقتحام وسلاطة اللسان، وهي عدوانية تندفع إلى العراك. لكنها داهية ذات حيل بارعة في التحول وتمثيل دور الضحية المسكينة المرهقة متوترة الأعصاب المثقلة بالأعباء والهموم، وما أسهل استجابة الشاب الساذج لهذه الشخصية المراوغة متعددة الوجوه.

يشير بيومي إلى أن الغيرة المتطرفة تتوافق مع شخصية شفعات المسرفة في العصبية وشهوة الاستحواذ والسيطرة والولع بفرض إرادتها وممارسة السيادة. بعد بضع مواقف يشرع الفتى - الذي يوجعه ضميره الديني - في اتخاذ الإجراءات للبحث عن مسكن بديل، ويجد في زيارة حبيبته سلوى ما يحقق له بعض التوازن الضائع، لكنه يعود إلى غرفته فتخور عزيمته ويستسلم لإغواء شفعات. فيسقط إمام في براثن المرأة المتمكنة، وتنتعش شفعات فتستعيد نضارتها وتجدد شبابها المهدد بالذبول والجفاف. تتراجع التجاعيد والأخاديد المنذرة باقتراب خريف العمر. ويمتد التغيير إلى إمام بطبيعة الحال، فإذا به شاب وسيم أنيق، يتخلى عن زيه الأزهري ليرتدي الحلة الفخمة والطربوش الأحمر الفاقع، وتنبعث منه رائحة عطرة. لكن في النهاية تفقد حياتها بمأساوية، يضحي خادم مصالحها "حسبو" بنفسه من أجل إنقاذ الفتى.