السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ذهب ذهب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قد يستغرب البعض من هذا الطرح في توقيت تزداد فيه شكاوى الناس من تآكل مدخراتهم وقدرة دخولهم بالكاد على توفير احتياجاتهم الأساسية. وهي محاولة للإجابة على سؤال موجه لي لكوني صحفية اقتصادية في الأساس، تلقيته من مواطنة تعيش في دولة خليجية، وتنصب حيرتها على كيفية اختيار أفضل السبل لتحقيق عائد على مدخراتها، حالها في ذلك حال صغار المستثمرين إذا صح تسميتهم كذلك، خاصة في ضوء الصدمات الاقتصادية وزيادة التوتر والنزاعات حول العالم. 

يمكن تقسيم الناس بشكل عام إلى فئتين، واحدة تشمل الأشخاص الذين يستقرون مع ما لديهم والفئة الثانية تضم الأشخاص الذين يدفعهم طموح محفز  طوال الوقت إلى تحقيق أحلامهم ويحتاجون بطريقة أو بأخرى إلى تعلية سقف الطموح في كل مرحلة. يمكن وصف نهج المجموعة الأخيرة بالقول إنه الطريق السريع نحو تحقيق الأهداف، وينصب جزء منها في القدرة على شراء كماليات الحياة وتحسين قيمة ما لديهم من مدخرات. 

يعيش غالبية المصريين على دخل ثابت مع إنفاق شهري ثابت أيضا أو شبه ثابت حسب تغير الأسعار وارتفاع تكاليف الحياة. لكن فئات عريضة تسعى على الدوام إلى تجنيب مبلغ من المال يقل أو يزيد لتكوين مدخرات، ربما توجه في وقت معين لشراء منزل أو زواج الأبناء أو اقتناء سيارة أو بعض الكماليات وعيش الحياة بالشكل المأمول لديهم. ومن المعروف لدى المصريين المشاركة في الجمعيات، وهي طريقتهم الخاصة لتحقيق بعض الأهداف دون اللجوء للاستدانة. وقد توجه الجمعية لإتمام أي من الأغراض التي ذكرتها سابقا، أو لشراء الذهب باعتباره إحدى الأدوات التي يتميز بها المصريون أيضا في الادخار والاستثمار منذ القديم وما زالوا يستخدمونه حتى اليوم كمخزن للقيمة. ويعتبر الذهب هدية لصاحب الحظ الموفور، العرائس الجدد والمولود الجديد، وغيرها من المناسبات الهامة التي تضاف إليها قيمة أكبر في الحياة عندما تختارذهبا هدية للاحتفال بها أو بذكراها أيضًا. لكن دعنا من العواطف الآن، لأن الاستثمار في الذهب ليس قرارا يحتاج القلب بل هو العقل، وبالتالي لنلقي نظرة على الأسباب العملية لترجيح الذهب من عدمه كوسيلة استثمار مناسبة مقارنة بالخيارات الأخرى. 

أولا، الذهب وسيلة بسيطة وسهلة يمكن بيعه عند الحاجة للمال. وهناك دائمًا مشترون مستعدون لشراء الذهب، مع الوضع في الاعتبار أن معدل العائد ليس دائما ماهو متوقع، وقد يقل قليلا عما دُفِع فيه، بمعنى يتم خصم المصنعية والدمغة وهو هامش بسيط. ثانيا، الذهب أداة تحوط ضد التضخم، ولا يتعين على حامله تحمل خسارة عندما تزيد معدلات التضخم وتنخفض أسعار العملات. بالأمس القريب، لم تصمد قيمة الجنيه، على سبيل المثال، بشكل جيد أمام الدولار، بينما ارتفعت قيمة الذهب، ومن استثمر فيه الفترة الماضية استطاع الحفاظ على قيمة استثماراته. ربما من هنا علا صوت البعض "ذهب ذهب" على طريقة طارق علام. 

الذهب أداة أيضا لبناء ثروة، ويحتل مكانة خاصة في البيت المصري ويمكن أن تتوارثه الأجيال. ويلجأ إليه الفلاح لزيادة مدخراته في نهاية موسم ناجح؛ كما يلجأ إليه العامل والمهاجر للحفاظ على قيمة مدخراته لحين العودة لبلده. ويعد شراء الذهب أسهل بكثير من شراء العقارات أو أي أصول أخرى وأقل من حيث المخاطر. 

لكن هناك عيوب أيضا للاستثمار في المعدن الأصفر؛ وهنا يجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار سلبيات ذلك لأنه لا يشتري الإيجابيات فقط. من بينها العوائد الضعيفة على الذهب، والمقصود هنا المجوهرات والمصوغات. السبب يعود إلى كونه عند بيعه سيخضع لأسعار الذهب في ذلك اليوم مع خصم وزن الأحجار والمصنعية. ودائما المقصود هنا ليس الاستثمار في السبائك، وإنما  المصوغات.

هناك مشاكل أخرى تتعلق بالسلامة عند تخزين المشغولات الذهبية وتنطوي على نفس المخاطر مثل أي نقود في المنزل أو عند نقلها حيث تكون عرضة للسرقة. 

بالنسبة للوافدين الجدد في عالم الاستثمار، النصيحة بعدم وضع المدخرات في الذهب فقط مع وجود توقعات بمصادر دخل إضافية؛ تذكروا أنه استثمار لمرة واحدة يمكن تصفيته مرة واحدة، لكن يمكن تنويع الأدوات بشراء عقار أو الاستثمار في البورصة أو في المشروعات الصغيرة الصناعية والتجارية لتحقيق بعض الأرباح التي ستكون طويلة الأجل، جنبًا إلى جنب مع التعرف على الاستثمارات الأخرى من متخصصين جديرين الثقة.. على أمل أن تكون هذه المناقشة حققت الإفادة المرجوة!