الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإمارات تلعب مع الكبار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بهدوء وخُطا متأنية أصبحت الإمارات دولة مؤثرة إقليميا ودوليا في تطور طبيعي من الخلف للسلف،
فقد نشأت هذه الدولة كحلم للوحدة العربية التي كانت مجرد شعارات للمنطقة خلال النصف قرن الماضي، وقد اتفق الآباء المؤسسون زايد وراشد على الاتحاد الثنائي، وقام كل منهما بمصافحة الآخر وصار الاتفاق من دون تواقيع ولا أوراق، فالاتفاق تم بالمصافحة وكلمة شرف، ومع هذا التزم به الجميع، وهاهم يتوارثونه بين أولادهم بلا مساس، ومع أن المسألة قد قننت في عدة تشريعات لاحقة تمثلت في وثيقة تأسيس الاتحاد ودستور الاتحاد، ومن ثم الكثير من القوانين واللوائح المنظمة، إلا أن هذا لا يغير من مثالية الاتفاق الذي تم بالكلمة والشرف والمروءة، ووجد طريقه إلى الواقع قبل أن يسيل حبره على الأوراق، وهو ما جعل من السبع إمارات.
التي كانت تعتمد في بداياتها على صيد الأسماك واللؤلؤ، شهدت نموا اقتصاديا هائلًا مدفوعا بثروتها من النفط والغاز، وأصبحت محطة استقطاب مالية وسياحية في الخليج والشرق الأوسط. وتثير حالة الإمارات التجريبية صدى ذكريات القوى الصغيرة الأخرى عبر التاريخ التي هزمت منافسيها باستخدام أحدث تكنولوجيا العصر والقيادة الرشيدة. 
وقد تسلمت دولة الإمارات رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر وعلى جدول أعمالها العديد من القضايا الاعتيادية، والناشئة، وإلى جانب الموضوع الأوكراني الذي يتصدّر العناوين، أكدت دولة الإمارات أنها لن تنسى هذا الشهر ملايين الأشخاص حول العالم وما يواجهونه من أوضاع في أفريقيا والشرق الأوسط وسوريا وليبيا والعراق وأفغانستان، "ممن يحتاجون أيضا إلى انتباهنا كمجلس أمن وبدا واضحا من تحركاتها وخطابها الدبلوماسي إنها لم تعد قوة إقليمية فحسب بل باتت قوة عالمية بفضل ما تمتلكه من "قوة ناعمة"، مكنتها من التأثير سياسيا في الولايات المتحدة وأوروبا، وأصبحت شريكا دوليا موثوقا به وقبلة للاستثمار الآمن بوصفها البلد الأكثر أمانا في العالم، عندما يتعلق الأمر بتجول الناس بمفردهم في الشوارع. ووصلت نسبة من يشعرون بالأمن عندما يتجولون لوحدهم في شوارع  الإمارات بنسبة 95 في المئة، وتأتي النرويج في المرتبة الثانية بنسبة تناهز 93 في المئة. 

فالسبع إمارات التي كانت تعتمد في بداياتها على صيد الأسماك واللؤلؤ، شهدت نموا اقتصاديا هائلًا مدفوعا بثروتها من النفط والغاز، وأصبحت محطة استقطاب مالية وسياحية في الخليج والشرق الأوسط. ومرت سياسة الإمارات الخارجية بتحولات كبرى خلال الخمسين عاما الماضية: بدءًا بالحياد، ومرورا بالانخراط في بعض الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، ووصولا إلى طي صفحة الخلافات مع بعض القوى الإقليمية. ولها علاقات متوازنة لدرجة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إيران رغم الخلافات القائمة، وعلاقات متكافئة مع أمريكا وروسيا والصين وإسرائيل وأيضًا مع إثيوبيا ومصر؛ ولهذا أصبحت وسيطًا مقبولًا في أي نزاعات.

وقد عبرت الإمارات البحر الأحمر باتجاه القرن الأفريقي، حيث أقامت قواعد عسكرية في أرض الصومال، ولها وجود بحري في إريتريا، وهي ناشطة في حل الصراع في ليبيا، ومنع التدخل التركي في الأزمة وستبقى مستمرة في نسج علاقات عالمية متميزة، واستقطاب إعجاب دولي، وترسيخ سمعة طيبة، وتعزيز تأثيرها الإيجابي العالمي، كونها عاصمة ومحطة تربط العالم وتحتضنه أهم مصادر القوة الناعمة لدولة الإمارات تتمثل في امتلاكها مجتمعًا متعدد الثقافات يعيش فيه نحو 200 جنسية في ظل ثقافة راسخة للتسامح والقبول بالآخر، والانفتاح على المجتمعات الأخرى، فضلًا عما تمتلكه الدولة من مؤسسات ومشروعات ثقافية، وامتلاكها نموذجًا دينيًا وسطيًا يشجع على التسامح وينبذ التطرف، ودورها الرائد عالميًا في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية التي تستهدف دعم الشعوب والدول في مواجهة الكوارث الطبيعية، ومساعدتها على دعم تجارب النمو والتنمية فيها لكل هذا تلعب مع الكبار بتكافؤ منذ لحظة التأسيس وحتى الآن.