الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الدرس الأوكراني والرؤية المصرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ما زالت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا تلقي بظلالها الكثيفة على الأجواء السياسية الملبدة بالغيوم فى منطقة الشرق الأوسط نتيجة للقصف الإيراني للعراق، وبعد الاعتداء الحوثي الصاروخي على المملكة العربية السعودية، والموقف الأمريكي المائع والمريب من مفاوضات الملف النووي الإيراني فى فيينا، إلى جانب مخاطر مستقبل الطاقة والكساد الاقتصادي الدولي. كل هذه الأحداث المتداخلة/ المتشابكة دفعت القيادة المصرية التفكير برؤية مختلفة، وانتهاج استراتيجية إقليمية جديدة تعتمد على الشراكة بين دول المنطقة لمواجهة التحديات الوجودية فى ظل استخلاص الدروس المستفادة من الدرس الأوكراني وتخلي الراعي الأمريكي بشكل مريب عن الرئيس فلودمير زيلنسكي والإيقاع به وبشعبه فى المصيدة الروسية، وتقديمه ككبش فداء على محرقة الرئيس بوتين، وهو المسلسل الذي يمكن  تكراره مع دول الخليج العربي التي قد تكون قربانا أمريكيًا على مائدة نظام الملالي فى طهران. من هذا المنطلق جاءت القمة الثلاثية فى شرم الشيخ التي ضمت الرئيس عبد الفتاح السيسي  مع كل من حاكم أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، لتدشن مرحلة جديدة من الشراكة الجيواستراتيجية فى منطقة الشرق الأوسط، تهدف إلى تجنب شعوب المنطقة ويلات الحروب وحمايتها من التهديدات النووية المستقبلية، ومنع دخول المنطقة فى غمار سباق التسلح النووي، الذي إذا فتحت أبوابه على مصراعيه، ستعيش على بارود ساخن قابل للاشتعال فى أي وقت. وهنا تكمن أهمية بُعد نظر القيادة المصرية فى مواجهة التحديات السياسية الإقليمية المسقبلية، كما كان لها بُعد نظر فى المواقف الاقتصادية والاجتماعية. فقيادة مصر لقاطرة المسيرة السياسية فى الشرق الأوسط، يجعلها تستعيد كثير من الزخم السياسي الذي فقدته عقب ثورة 25 يناير 2011 ويجعلها تفرض رؤيتها تلبية لمصالحها الوطنية والقومية، فما يحدث فى منطقة الخليج العربي ليس بعيدًا عن القاهرة، وأن أية تهديدات حوثية للمدخل الجنوبي للبحر الأحمر هو تهديد حقيقي ومباشر للقمة خبز المواطن المصري البسيط. لذا يجب استيعاب وفهم الدرس الأوكراني جيدًا وقراءة كافة عناصره، لا سيما العنصر الأمريكي، الذي ينسحب رويدًا رويدًا من منطقة الشرق الأوسط، بدأت بالعراق ثم أفغانستان، مخلفًا ورائه تركة ثقيلة من الصراعات كان سببًا فى اختلاقها؛ لذا فإن الطرح المصري للشراكة الاستراتيجية الإقليمية القائمة على المصلحة الوطنية هى الحل الأمثل لعدم تكرار المسلسل الأوكراني فى الشرق الأوسط حال نجاح إيران فى الحصول على السلاح النووي بالمباركة الأمريكية والتأييد الأوروبي.