الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رغيف "العيش" خط أحمر من تجار الأزمات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ستظل قضية الأسعار ومواجهة أي احتكارات وكافة  أشكال الجشع مسئولية الدولة، بغض النظر عن السياسات والنظريات الاقتصادية التي تتبعها، وحسنا فعل الرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما وجه بسرعة دراسة تسعير رغيف الخبز "الحر"، أو السياحي كما يحلوا للبعض تسميته، وهذا يعني وضع ضوابط لسعر "العيش" في أنحاء البلاد.

وجاء هذا التوجيه جاء بعدما بدأ البعض من التجار في قوت الناس بإستغلال الأزمة الروسية الأوكرانية، في رفع سعر الرغيف الحر، بنسب وصلت إلى 100%، وربما أكثر من ذلك في بعض المناطق.

وكان على الدولة أن تتحرك سريعا، للتصدي إلى أي موجات متوقعة في ارتفاع عام لأسعار رغيف الخبز، الذي يمثل العنصر الرئيسي على مائدة المصريين بكل فئاتهم، في الريف والحضر من حلايب حتى سيوه، وبالتالي فإن أي صمت في مواجهة جشع تجار الأزمات، يعني موجات من ارتفاعات الأسعار.

وتاريخيا ظل "رغيف العيش" بالنسبة للمصريين هو أهم وجبة بمفهومها العام والخاص، ولهذا ما زالت مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وظل القمح هو هاجس كل الحكومات، والباحثين، لتطوير إنتاجه، والعمل على الوصول بالإنتاج لأعلى نسبة تغطي حجم الإستهلاك السنوي الذي يتجاوز الـ15 مليون طن من الأقماح المستوردة والمحلية، وأملا في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وثقافات الشعوب تختلف من دولة إلى أخرى، فهناك دول يمثل فيها الأرز الوجبة الرئيسية، ويطلقون عليه "العيش" أيضا، بمعنى "الحياة"، وهناك دول تعتمد على القمح "رغيف الخبز"، كوجبة رئيسية ومنها مصر، ونسميه أيضا "عيش"، ومن هنا تأتي أهمية الخبز في حياة المصريين.

وهذا الدافع وراء الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة للقمح والدقيق، والعمل على توفيره، والضرب بيد من حديد ضد كل من يحاولون استغلال الأزمات لصالحهم لتحقيق أرباح على حساب قوت الناس.

ومن المؤكد أن الحرب الروسية الأوكرانية عززت من أهمية "رغيف العيش" في حياة المصريين، وهو ما يدركه الجميع، فمنذ اليوم الأول لهذه الأزمة العالمية سعت الحكومة وبمتابعة على مدار الساعة من القيادة السياسية إلى وضع برامج وخطط لتجنب أي أزمات في هذا البند الغذائي في حياة المصريين.

ولو عدنا للأرقام سنجد الأهمية النسبية للقمح في مصر، فقد أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن قيمة واردات مصر من القمح سجلت 2.4 مليار دولار خلال الـ 11 شهرا الأولى من عام 2021، على الرغم من أنها انخفضت عن العام الأسبق 2020 خلال نفس الفترة، والتي بلغت قيمتها 2.9 مليار دولار بانخفاض قدرها 16.2%

وفي تقرير مهم لمكتب الشئون الزراعية الأمريكى بالقاهرة توقع ارتفاع حجم واردات مصر من القمح فى العام التسويقي 2021/ 2022 "أي من يوليو 2021 إلى يونيو 2022" إلى نحو 12.4 مليون طن بزيادة قدرها 2،14 %عن تقديرات العام التسويقى الماضي 2020/ 2021، بسبب ارتفاع الاستهلاك الناتج عن النمو السكانى.

وقدر التقرير حجم الاستهلاك المحلى من القمح بمصر فى العام التسويقى الجارى بنحو 21 مليون طن  بزيادة 1،9 %عن تقديرات العام التسويقى الماضى البالغة 20.6 مليون، مرجعًا ذلك نتيجة ارتفاع نسبته 2،1 % فى استهلاك الأغذية والبذور والاستخدام الصناعى والنمو السكانى، مع بلوغ عدد سكان مصر نحو 102.250 مليون شخص، وفقا لأرقام أغسطس 2021، استنادا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وتشير أرقام التقرير المعنون بـ"رغم وباء كوفيد -19 لا تزال إمدادات الحبوب فى مصر ثابتة"، إلى أن إنتاج مصر من القمح فى العام التسويقى 2021/ 2022 سيرتفع إلى 9 ملايين طن بزيادة قدرها 1،1% مقارنة بـ 8.9 مليون فى العام السابق عليه 2022/2021، بسبب زيادة المساحة الإجمالية المحصودة والتى تصل إلى 1،4 مليون هكتار مقارنة بـ 1،39 مليون فى فترة المقارنة السابقة.

وقال التقرير إن الهيئة العامة للسلع التموينية تعتبر أكبر مشترٍ للقمح فى مصر، مضيفًا أنها استوردت 5،46 مليون طن  قمح مطحون فى العام التسويقى 2021/2020 مقارنة بـ6،33 مليون طن فى عام 2020/2019، وكان أكبر الموردين الأجانب للهيئة هي روسيا، بواقع 3،8 مليون طن، وأوكرانيا 765 ألف طن،  ثم فرنسا بـ240 ألف طن، ورومانيا بواقع 240 ألف طن.

وقائمة أكبر الموردين الأجانب من القمح للسوق المصرية فى العام التسويقى 2021/2020، تمثل روسيا المرتبة الأولى بحجم 8،13 مليون طن، ثم أوكرانيا بواردات بلغت 2،45 مليون، والاتحاد الأوروبى بواقع 1،08 مليون.

ومن هذا ندرك الأهمية الخاصة بضرورة العمل وسريعا على تنفيذ كل التوجيهات السياسية بتنويع مصادر إنتاج القمح محليا، وفي نفس الوقت تنويع مصادر الاستيراد، حتى لا نقع تحت مطرقة مصدرين بعينهم، ونصبح محاصرين تحت أزماتهم.

والقمح ليس إلا نموذجًا واحدًا، وإن كان رئيسيًا، فهناك نماذج أخرى من السلع الغذائية والضرورية التي تتطلب مواجهات لأي محتكرين لها، أو حالات جشع من تجار الأزمات.