الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شعبان شهرٌ يغفل عنه الكثير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

من المقرر شرعًا أنَّ إحياء أوقات غفلة الناس وعمارتها بالطاعة أمر محبب عند اللَّه عزَّ وجلَّ ولها أجر مخصوص، ويُعرف شعبان بأنَّه شهر الغفلة لأن الناس ينشغلون عنه لوقوعه بين شهرين عظيمين، وهما شهر «رجب» أحد الأشهر الحرم، وشهر الصيام «رمضان»، فانشغل الناس بهما عن شعبان، فصار مغفولًا عنه، ولقد نبهنا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم إلى فضل الصيام فيه وعمارته بالطاعات؛ فعن عائشة رضي اللَّه عنها أنها قالت: «ما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان» [البخاري ومسلم]، ومن المعلوم أنَّ الأعمال تُرفع إلى اللَّه تعالى في شهر شعبان، ولقد بيَّن لنا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، أنه يحب أن يكون صائمًا عندما يرفع عمله، لإحيائه بالطاعات وكذلك لشحذ الهمم قبل دخول شهر رمضان، والحكمة من تحديد هذه الأوقات لرفع الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى هى تنبيه الناس إلى أهمية هذه الأوقات وتشجيعهم على إحيائها بالطاعات حتى ترفع أعمالهم وهم على حال الطاعة فتجبر ما نقص منها أو تكون سببًا لغفران الله لهم، وقال ابن رجب: "صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعُد عنه".

أوقات رفع الأعمال وعرضها على الله تعالى:

تُرفع أعمال العباد للعرض على اللَّه عزَّ وجلَّ يوميًّا وأسبوعيًّا وسنويًّا وختاميًّا، أما الأعمال اليومية فتُرفع مرتين، وقت العصر والفجر؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أَنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر، وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون» [البخاري ومسلم]؛ ففي هذين الوقتين تُرفع الأعمال اليومية آخر كل يوم وليلة؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه قال: "قام فينا رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بخمس كلمات، فقال: «إنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل...» [رواه مسلم]؛ فعمل النهار يُرفع في آخره، وعمل الليل يُرفع في آخره، وأما الأعمال الأسبوعية فتُرفع مرتين، يومي الاثنين والخميس، فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «تُعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس؛ فأُحبُّ أن يُعرض عملي وأنا صائمٌ» [رواه الترمذي]، لأن الأعمال الصالحة إذا صاحبها الصوم رفع قدرها، وأثبت خُلوصها للَّه عزَّ وجلَّ، وأما الأعمال السنوية فتُرفع في شعبان؛ فعن أسامة بن زيد رضي اللَّه عنهما، قال: قلت: يا رسول اللَّه، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذلك شهرٌ يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحبُّ أن يُرفع عملى وأنا صائمٌ» [أخرجه النسائي]، أي: أرغب وأود أن يُرفع عملي وأنا صائم طلبًا لزيادة رفعة الدرجة، وأما الأعمال الختامية فتُرفع عند انقضاء الأجل، فحينئذٍ تطوى الصحيفة ويُختم عليها، ثم تُرفع إلى الله؛ فأعمال العباد تُرفع في أربعة أوقات يومي وإسبوعي وسنوي وختامي، جمعها ابن القيم في قوله: "إن عمل العام يرفع في شعبان كما أخبر به الصادق المصدوق، أنه ترفع فيه الأعمال فأحبُّ أن يرفع عملي وأنا صائم، ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل، وعمل الليل في آخره قبل النهار، فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص من الرفع العام، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله، وطويت صحيفة العمل"، تقبل الله منَّا ومنكم صالح الأعمال، ورزقنا وإياكم الإخلاص والقبول.. الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف.