الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أنيسة حسونة.. الحضن الذى غاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حزنت وانقبض قلبى حين رأيتها -منذ أيام قليلة- على كرسى متحرك أثناء تكريمها من السيدة الأولى، في احتفالية يوم المرأة المصرية.. ظهرت كعادتها بشوشة أنيقة قوية رغم الوهن الذى بدى رغما عنها بسبب المرض.. واستقبلتها الأم الحنون انتصار السيسي بكل الود والحب والترحاب، فكان هذا التكريم تتويجا لمسيرتها المهنية ودورها الاجتماعي الخيرى البارز، وهو ما وصفته حسونة فى لقائها الأخير في برنامج ”الستات” الذى تقدمه المتألقتان سهير جودة ومفيدة شيحة ”حسيت إن بلدى بتطبطب عليا”.. لم أكن أعرف دكتورة أنيسة إلا من خلال ظهورها تليفزيونيا منذ عدة سنوات فى الحملات الدعائية لمؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب، والتى كانت حينها مديرا تنفيذيا لها، فارتبط اسمها بذلك المشروع الخيرى العملاق، وكان لها نصيبا من المحبة الكبيرة التى يكنها المصريون والعالم كله لطبيب القلوب وسفير الحب والإنسانية العالم الجليل الدكتور مجدى يعقوب، والذى يمتلك من يقترن باسمه تأشيرة دخول للقلوب التى عشقته.. ثم عرفناها مرة أخرى مثالا للصبر والصمود أمام المرض، حيث أصيبت بالمرض الخبيث وخاضت معركة العلاج بتحدى وصبر وثبات، رغم أن المرض عاودها بعد الشفاء عدة مرات، وقامت عام ٢٠١٧ بتأليف كتاب ”بدون سابق إنذار: قصتى مع السرطان"، والذى أرادت أن يعرفها أحفادها من خلاله، حيث كان تساؤلها حين عرفت إصابتها بذلك المرض هل حضنت أولادها وقبلتهم بما يكفي؟ وهل أحفادها الصغار سيعرفون من هي أساسًا”.. وهو ما شجعها على تأليف الكتاب، والذى بكل أسف عاودها المرض بعده مرة أخرى!.. فرأيناها العام الماضى -رغم ما بدا عليها من تبعات المرض اللعين وما سببه من سقوط لشعرها- تشارك فى إعلان مستشفى الناس لعلاج الأطفال بالمجان، والذى شاركت فى تأسيسه وعملت مديرا تنفيذيا له حتى وفاتها، فظهرت بشجاعة متحدية المرض ومتحلية بالصبر والرضا والإيمان بقضاء الله وقدره، وكان تعيينها فى مجلس النواب تقديرا لها ولدورها فى المجال العملى والاجتماعي، حيث كانت على مدار حياتها نموذجا للمرأة المصرية المثقفة والقوية، والتى تشارك بفاعلية فى النهوض بالمجتمع.. ولدت الدكتورة/أنيسة فى القاهرة فى  22 يناير 1953، وهي ابنة المستشار عصام حسونة (وزير العدل -والذى ألغى تنفيذ حكم الطاعة بالقوة الجبرية- في فترة الرئيس عبد الناصر).. حصلت على بكاليوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة، وبدأت عملها كملحق دبلوماسي بوزارة الخارجية المصرية، ثم عملت لمدة أربعة عشر عامًا في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بجامعة الدول العربية، وشغلت منصب مساعد المدير العام لبنك مصر إيران للتنمية، لتعمل بعد ذلك كمدير عام لمنتدى مصر الاقتصادي الدولي، وشغلت العديد من المناصب الأخرى منها منصب أمين صندوق المجلس الاستشاري لإحدى المؤسسات الدولية للتحول الديمقراطي، وعضو مجلس الإدارة وأمين صندوق “جمعية الباجواش المصري للعلوم والشئون الدولية”، وعضو في العديد من الهيئات الاستشارية للفكر والحريات والمرأة في مصر والوطن العربي والعالم، فهي مؤسسه لـ"نساء من أجل السلام عبر العالم" في سويسرا، كما عملت كعضو للهيئة الاستشارية لمؤسسة “الفكر العربي” ببيروت، وعضو الغرفة التجارية الأمريكية بالقاهرة، ورئيس مجلس أمناء “مؤسسة مصر المتنورة” التي تعمل على دعم قيم المواطنة وحرية التعبير وحقوق المرأة.. وكانت أول امرأة تنتخب أمينًا عامًا للمجلس المصري للشئون الخارجية، وقد تم اختيارها من قبل مجلة "أرابيان بيزنس" في 2014 علي قائمتها السنوية لأقوى 100 امرأة عربية على مستوى العالم، وذلك عن مجال المجتمع والثقافة.. وعملت أيضا محاضرا في المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية المصرية والمعهد المصرفي التابع للبنك المركزي المصري، ولها الكثير من مقالات الرأى فى العديد من الصحف المصرية، بالإضافة إلى كتاب "ما بعد الربيع العربي.. الصراع والتعاون في الشرق الأوسط".. ورغم كل تلك المناصب والمشاركات، والتى قد يبدو أنها يمكن أن تبعدها عن حياتها الشخصية والأسرية، إلا أن زوجها لم يجد وصفا لها قبل أيام فى برنامج ”الستات” إلا أنها ”الحضن” 
له ولأولادها وأحفادها وأشقائها وأشقائه.. رحم الله دكتورة أنيسة حسونة سيدة الخير والعطاء، والتى كانت خير مثال للصبر والرضا فى السراء والضراء، وظلت صامدة ومعطاءة لآخر أنفاسها وهى تواجه المرض اللعين بصبر وبسالة.