الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الطلاب المصريون وحرب أوكرانيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تابعت مع الملايين من البشر الأزمة الروسية الأوكرانية، وهالنى ما شاهدته من معاناة الملايين من البشر وهم يهجرون مساكنهم الآمنة وينزحون إلي المجهول. مناظر الخراب والدمار الذى أوقعته الحرب، ومشاهد الآلاف من الأطفال والسيدات وكبار السن وهم يبحثون عن مأوى جديد تدمي القلوب، وفي غمار هذه الأزمة، تابعت مصير عدة آلاف من الطلاب المصريين الذين توقفت دراستهم في الجامعات الأوكرانية، وتابعت أداء وزيرة الهجرة، ومجهودات الحكومة المصرية، والأجهزة المعنية، وسفارات مصر فى دول الجوار لأوكرانيا، لإعادة الطلاب المصريين إلى أرض الوطن.
ومع ثقتى الكاملة فى أن الإدارة المصرية، وعلي رأسها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى لن تترك مصريًا واحدًا عالقًا فى هذه الأزمة، إلا وأعادته الي أرض الوطن، إلا أن مصير دراسة هؤلاء الطلاب هو ما يعنيني في هذه الأزمة، ومع إدراكي الكامل لصعوبة وتعقيدات وملابسات دراسة هؤلاء الطلاب في أوكرانيا، خاصة في كليات الطب وطب الأسنان والهندسة، والبالغ عددهم عدة آلاف، إلا أن إعادة تسكين هؤلاء الطلاب في الكليات المناظرة، ومحاولة دمجهم في نظام التعليم الجامعي المصري هو ما يشغل تفكيري في هذه المرحلة.
ومع ثقتي الكاملة في كفاءة وحكمة الحكومة المصرية، ومعالي وزير التعليم العالي أ.د خالد عبدالغفار، في إدارة الأزمة، ووقوفها دائمًا فى صف المواطن المصري، فإنني أعرض تجارب مماثلة، حدثت لطلاب عراقيين وسوريين هاجروا قصرًا إلى إنجلترا، وكذلك تجربة طلاب الجامعة الدولية فى بنغازى «جامعة خاصة»، في ليبيا أثناء أحداث الثورة الليبية في سنة ٢٠١١، بعد أن حدث اعتداء علي الجامعة وتدمير كل ممتلكاتها وسجلاتها، وتشريد طلابها، حيث تحركت إدارة الجامعة لتسكين طلابها في جامعة قناة السويس المصرية بتكليف من معالي وزير التعليم العالى فى ذلك الوقت.
أولًا: تجربة الطلاب العراقيين والسوريين فى إنجلترا 
بعد غزو العراق سنة ٢٠٠٣، وبعد الحرب الأهلية السورية في سنة ٢٠١١، هاجر الي إنجلترا الاف الطلاب من الجامعات العراقية والسورية، وبعضهم تقدم للجامعات البريطانية لاستكمال الدراسة الجامعية، مما استدعي الجامعات هناك الي أن تقوم بدراسة الموضوع، ومحاولة استيعاب الطلاب رغم اختلاف طرق ومناهج التدريس في جامعاتهم الأم.
طلبت الجامعات من الطلاب التقدم ببيان حالة عن سنوات الدراسة السابقة، والحقيقة أن عددًا قليلًا من الطلاب هو من كان معه السجل الدراسي، وأن العدد الأكبر منهم لم يكن قادرًا على تقديم أى دليل بالمقررات الدراسية والتقديرات التي حصل عليها في العراق وسوريا. المشكلة الأكبر ان لغة التدريس في معظم الجامعات السورية كانت باللغة العربية.
قامت الجامعات البريطانية بدعوة كل من تقدم لها من الطلاب بإعداد ملف كامل بكل ما تم دراسته سابقًا، وإسم الجامعة والكلية التى درس فيها، وأسماء الأساتذة الذين قاموا بالتدريس، وعناوينهم وأى طريقة للتواصل معهم «إن أمكن». ثم قامت الجامعات بعمل مقابلة شخصية لكل طالب مع لجنة من الأساتاذة فى التخصص الذي درس به في بلده، والوقوف علي حقيقة المناهج التي درسها. كذلك طلبت من الطلاب أداء امتحان لتحديد درجة إجادتهم للغة الإنجليزية «International English Language Testing System، IELTS»، وامتحان آخر لقياس استيعاب الطلاب للمواد الدراسية المتخصصة «Progress Test»، وبعد ذلك يتم عمل مايشبه المعادلة «أو المقاصة» لتحديد مستوى كل طالب، والسماح له باستكمال دراسته من النقطة الأقرب لما درسه سابقًا، أو توجيهم لدراسة اللغة الإنجليزية أولًا، أو حتى دراسة الثانوية العامة الإنجليزية «GCSE»، أو المواد المؤهلة «A level»، قبل السماح لهم بالانخراط في الدراسة في الكليات المناظرة.
ثانيًا: تجربة الجامعة الدولية فى بنغازى
قام مسئولو الجامعة بالتوجه إلى وزير التعليم العالى المصرى، والذى تفضل مشكورًا بالسماح لمن يرغب من الطلاب الليبيين استكمال دراسته فى الجامعات المصرية، التى توافق علي ذلك. بالفعل تقدموا لنا في المنصورة، وإلى الزملاء في «طب قناة السويس»، بقبول الطلاب لدراسة الطب، وبالفعل تم قبول الطلاب بجامعة قناة السويس لاستكمال دراستهم بها. بعد استقرار الامور، قمت مع أستاذنا الدكتور وجدي طلعت، أستاذ التعليم الطبي بجامعة قناة السويس بزيارة الجامعة الدولية في بنغازي بعد إعادة افتتاحها، وقابلت الأساتذة والطلاب الذين درسوا فى الاسماعيلية، وكانوا في قمة الامتنان والتقدير لمصر، حكومة وشعبًا لقبولها استكمال دراستهم بها بعد أن تقطعت بهم السبل.
من التجارب السابقة، يتضح أن هناك طريقة ما لاستيعاب الطلاب المصريين العائدين من أوكرانيا للالتحاق بالجامعات المصرية حسب القواعد التي تحددها الحكومة المصرية، ووزارة التعليم العالي، وبعد دراسة كل حالة علي حدة، وعمل مقاصة بكل تم دراسته «وهو إجراء تعرفه جيدًا الجامعات المصرية»، أو عمل امتحان تحديد مستوى علي غرار ماقامت به الجامعات الانجليزية. المهم أن نستوعب أولادنا العائدين حسب مستواهم العلمي، وحسب الطاقة الاستيعابية لكل جامعة ولكل كلية علي حدة حسب ماتقرره اللجان المختصة بذلك في كل تخصص.
والله الموفق والمستعان..