السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

البابا فرنسيس: الحكم القضائي الصحيح يجمع بين العدالة والمحبة

البابا فرنسيس
البابا فرنسيس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

استقبل قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، بمناسبة افتتاح السنة القضائية الـ٩٣ لمحكمة دولة حاضرة الفاتيكان، وفدا من المحكمة والعاملين في قطاع العدالة صباح اليوم السبت.

 وبعد ترحيبه بالجميع وتهنئتهم لهذه المناسبة وشكره إياهم على تفانيهم في العمل على إدارة القضاء، أشار البابا فرنسيس إلى أهمية هذه المناسبة كفرصة للّقاء والحوار بين العاملين على صعيد المؤسسات وخاصة في مجال العدالة. كما شدد على أنه وفي لحظة صعبة بالنسبة للإنسانية مثل هذه تتعرض فيها فكرة الخير العامة لمصاعب، فإننا نتحدث عن نشاط شاق ومفعم بالمسؤولية، لأنه نشاط يتعلق بالقيم الأساسية لعيشنا المشترك ويتم القيام به في مجال يتميز باتفاق وتعاون بين المؤمنين وغير المؤمنين.

ونشرت الصفحة الرسمية للفاتيكا، أن البابا فرنسيس أشار إلى رغبته في تقاسم بعض التأملات مع ضيوفه، وأولها ينطلق من المسيرة السينودسية التي نعيشها اليوم، لأن هذه المسيرة تسائل العدالة أيضا. 

وتابع البابا فرنسيس: أن السينودسية تأني في المقام الأول السير معا، ما يعني في مجال القضاء أن جميع المشاركين في المسيرة مع اختلاف الأدوار مدعوون إلى الإسهام في التأكد من الحقيقة من خلال المواجهة بين الأطراف ودراسة الأدلة. ويتطلب هذا حسب ممارسة الإصغاء والذي هو جزء من طبيعة المحاكمة العادلة. وإلى جانب الاستعداد للإصغاء، الذي يستدعي الوقت والصبر، فعلى كلٍّ من أعضاء الهيئة القضائية الانفتاح على أفكار الأعضاء الآخرين، للتوصل إلى حكم هو ثمرة تَريُّث وتَقاسَم. وهناك إذن حاجة إلى التمييز من أجل بلوغ حكم عادل وتحقيق طبيعة وهدف المحاكمات، أي تطبيق العدالة وتصحيح للانسجام الاجتماعي يتطلع إلى المستقبل ويساعد على البدء مجددا.

وتحدث البابا فرنسيس من جهة أخرى عن ضرورة مرافقة العدالة بالرحمة والتي تدعو إلى التوبة والمغفرة. وتابع مشددا على ضرورة السعي إلى توازن بين العدالة والرحمة مع الوعي بأنه وإن كان صحيحا أن الرحمة بلا عدالة تقود إلى تفكك النظام الاجتماعي، إلا أنه صحيح أيضا أن الرحمة هي ملء العدالة والإعلان المضيء عن حقيقة الله. ومن هذا المنطلق يصبح من الثمين اللجوء إلى التناسب، بمعنى العدالة في كل حالة منفردة، مشيرا إلى أنه ومع ثبات القوانين فإنه خلال تطبيقها يجب أخذ بعين الاعتبار احتياجات الحالة المحددة. 

وأضاف البابا أن هذا المبدأ ليس أمرا يتعلق بالقانون الكنسي فقط إلا أنه يجد فيه اعترافا وتثمينا في تماشٍ وثيق مع المحبة الإنجيلية والتي هي المبدأ الملهِم لعمل الكنيسة بكامله.

وفي حديثه عن القانون الكنسي، قال قداسة البابا إن هذا القانون، ومع أخذ بعين الاعتبار طبيعة دولة حاضرة الفاتيكان، يُعتبر رسميا المصدر الأول للتشريع والمقياس الأول للتفسير. وأنه في الحالات التي لا يشملها القانون الكنسي أو غيره من المصادر الأساسية يتم الانطلاق من القوانين الصادرة عن الدولة الإيطالية شرط عدم تناقضها مع المبادئ الأساسية للقانون الكنسي. كما أشار البابا فرنسيس إلى موضوع اختيار القضاة حيث يفضَّل أن يكون من بين قضاة المحاكم قاضٍ واحد على الأقل خبير في القانون الكنسي.

وتابع أن عمل القضاة من أجل ضمان العدالة يقدم إسهاما ضروريا وشرعيا في حل مشاكل اجتماعية وجنائية  تختلف عن تلك التي من صلاحية المحاكم الرسولية والكنسية. وأشار إلى أن هذا العمل سيتزايد في زمن إصلاح مثل ذلك الذي تم إطلاقه منذ فترة والذي استمر خلال العام الأخير أيضا من خلال بعض المستجدات الهامة سواء في المجال الاقتصادي والمالي أو القضائي. 

وأكد البابا أن هذا الإصلاح يريد الاستجابة إلى المعايير التي طورتها الجماعة الدولية في مجالات مختلفة من جهة، وإلى الحاجة الخاصة للكنيسة إلى جعل مؤسساتها متماشية بشكل متزايد دائما مع أسلوبٍ إنجيلي من جهة أخرى.

وفي ختام حديثه إلى ضيوفه لمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة لمحكمة دولة حاضرة الفاتيكان، شدد البابا فرنسيس على أن سير المحاكمات يجب أن يتمكن من استعادة النظام واتِّباع العدالة والتي تقود إلى أخوّة أكثر كمالا وفعالية، حيث يحصل الجميع على الحماية وخاصة أكثر الأشخاص ضعفا. 

كما أكد أن القانون والقاضي يجب أن يكونا دائما في خدمة الحق والعدالة، هذا إلى جانب خدمة فضيلة المحبة الإنجيلية. 

وذكَّر البابا، بحديث البابا القديس يوحنا بولس الثاني خلال التقديم الرسمي للقانون الكنسي الجديد حين شدد على أن القانون، وفي خدمة قضية العدالة، يجب أن يستلهم دائما من قانون ـ وصية المحبة. 

كما أشار البابا فرنسيس إلى أن القانون الذي يقترحه يسوع المسيح ليس مجموعة من القواعد التي يجب تطبيقها بشكل تقني، بل هو بالأحرى توجيهات حياتية تقود مَن لديه مسؤولية وتتطلب عملا من أجل ارتداد شخصي واستعداد للقلب يجب التضرع من أجله وتغذيته بالصلاة، يمَكننا من تنفيذ واجباتنا جامعين بين صحة القوانين والمحبة والتي لا تعني إلغاءً للعدالة، بل هي كمال للشريعة حسب ما ذكر بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومة. 

وتمنى البابا فرنسيس لضيوفه أن يحفظوا دائما هذا الوعي خلال ممارستهم لمسؤوليتهم الهامة في خدمة العدالة، كما شكرهم على عملهم السخي وباركهم مؤكدا صلاته من أجلهم سائلا إياهم ألا ينسوا أن يُصلوا من أجله.