الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

الحرب الروسية الأوكرانية تدخل علاقة أوروبا ببوتين نفقا مظلما

بوتين
بوتين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في غضون خمسة عشر يومًا، أحرزت أوروبا تقدمًا لم تحرزه طيلة عشرين عامًا مضت في ملف التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 كانت الحرب في أوكرانيا بمثابة مسرّع تاريخي هائل لحركة لاتحاد في التعامل مع هذا الملف.

رغم محاولات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السلمية تجاه سيد الكرملين لكسر الجليد الذي يملا طريق موسكو وأوروبا ففي عام 2017، استقبل ماكرون بعد انتخابه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبال امبراطوري في قصر فرساي الملكي، وخاض معارك دبلوماسية مع حلفائه في اوروبا وأمريكا من أجل التقارب مع روسيا والصبر عليها، لكن منذ ابتلاع روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014 ومحاولات غزو أوكرانيا منذ 24 فبراير الماضي، استفاق الأوروبيون من غفوتهم بعد أن نفذ صبرهم، واضطر الرئيس ماكرون عقد اجتماع قمة في نهاية ولاية عهده بقصر فرساي  لنظرائه ال26 الأوروبيين أمس واليوم مخصصة لأوكرانيا كانت قمة فرساي السرعة والقوة ظل فيعا إيمانويل ماكرون يدعو إلى السيادة الأوروبية فالحرب هنا وصلت إلى أبواب أوروبا، ويجب على الاوروبيين أن ينفصلوا عن تبعياتهم المتعددة بوتيرة سريعة ورادعة. قمة قصيرة  (بدأت مساء أمس، واستئنفت صباح اليوم ) لكنها مع هذا "تاريخية".  فجميع الشروط من أجل "إعادة ضبط أوروبا" كانت حاضرة وكبيرة: تداعيات الحرب على شعوبها، والمآسي الإنسانية وأرواح الضحايا مع كل ساعة تمر، وموجة الهجرة العشوائية، عدة ملايين من لاجئي الحرب التي تغمر دول أوروبا الشرقية والغربية، وتفعيل دبلوماسية الجمود مع الجار الروسي الكبير، والبحث عن مصادر للطاقة والاقتصاد  وبناء أوروبا العسكرية التي طال انتظارها... لقد شكلت حرب العدوان الروسية على أوكرانيا تحولًا جذريًا في تاريخ أوروبا. وفي اجتماع قادة الاتحاد ال27 في فرساي، ناقشوا كيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يفي بمسؤولياته في هذا الواقع الجديد، وحماية مواطنيهم، والقيم، والديمقراطيات، ونموذجهم الأوروبي.

 ففي مواجهة عدم الاستقرار المتزايد والمنافسة الاستراتيجية والتهديدات الأمنية، قرروا تحمل المزيد من المسؤولية عن أمنهم واتخاذ المزيد من الخطوات الحاسمة نحو بناء سيادتهم الأوروبية، وتقليل تبعياتهم وتصميم نموذج جديد للنمو والاستثمار لعام 2030.

 وفي هذا الصدد، تناولوا في قمة فرساي ثلاثة أبعاد رئيسية:

 أ) تعزيز قدراتهم الدفاعية.

 ب) تقليل الاعتماد على الطاقة من روسيا

 ج) بناء قاعدة اقتصادية أكثر قوة.

 

-  تعزيز قدراتهم الدفاعية -

 

 ناقش قادة الدول والحكومات الأوروبية المحور العسكري والأمني، ففي ديسمبر2021، قرروا أن يتحمل الاتحاد الأوروبي مزيدًا من المسؤولية عن أمنه، وفي مجال الدفاع، ليتبع مسارًا استراتيجيًا للعمل ويزيد من قدرته على التصرف بشكل مستقل. ولكي لا تغضب الولايات المتحدة اعتبر الأوروبيون بأن العلاقة عبر الأطلسي والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والناتو، والاحترام الكامل للمبادئ المنصوص عليها في المعاهدات وتلك التي وافق عليها المجلس الأوروبي، بما في ذلك مبادئ الشمولية والمعاملة بالمثل واستقلالية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي،تعد أساسية لأمنهم العام . وأكدوا بأن الاتحاد الأوروبي يسعى بأن يكون الأقوى والأكثر قدرة في مجال الأمن والدفاع وسيساهم بشكل إيجابي في الأمن العالمي وعبر الأطلسي ويكمل حلف الناتو، الذي يظل أساس الدفاع الجماعي لأعضائه.  ينعكس التضامن بين الدول الأعضاء في المادة السابعة.  وعلى نطاق أوسع، يؤكد الاتحاد الأوروبي من جديد عزمه على تكثيف دعمه للنظام العالمي القائم على القواعد، مع وجود الأمم المتحدة في صميمه.

  في ضوء التحديات التي يواجهونها ومن أجل توفير حماية أفضل لمواطنيهم، مع الاعتراف بالطابع المحدد لسياسة الأمن والدفاع لبعض الدول الأعضاء، وطالبوا أن يستثمروا بحزم أفضل في القدرات الدفاعية والتكنولوجيات المبتكرة.  لذلك اتفقوا على:

 أ) زيادة نفقات الدفاع بشكل كبير، مع حصة كبيرة من الاستثمار، مع التركيز على أوجه القصور الاستراتيجية المحددة، ومع تطوير القدرات الدفاعية بطريقة تعاونية داخل الاتحاد الأوروبي

ب) تطوير المزيد من الحوافز لتحفيز الاستثمارات التعاونية للدول الأعضاء في المشاريع المشتركة والمشتريات المشتركة للقدرات الدفاعية

 ج) زيادة الاستثمار في القدرات اللازمة لإجراء مجموعة كاملة من المهام والعمليات، بما في ذلك عن طريق الاستثمار في عوامل التمكين الاستراتيجية مثل الأمن السيبراني والتوصيل الفضائي

 د) تعزيز التآزر بين البحوث والابتكار في المجالات المدنية والدفاعية والفضائية، والاستثمار في التقنيات والابتكارات الحاسمة والناشئة للأمن والدفاع

 ه) اتخاذ تدابير لتعزيز وتطوير صناعة الدفاع الأوروبي، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة.

لكنهم يحتاجون أيضا إلى الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة التحديات السريعة الظهور عن طريق:

 أ) حماية أنفسهم من الحروب الهجينة المتزايدة باستمرار، وتعزيز قدرتهم على الصمود السيبراني، وحماية بنيتهم التحتية - ولا سيما الحيوية - ومحاربة المعلومات المضللة

 ب) تعزيز البعد الأمني ​​والدفاعي للصناعات والأنشطة الفضائية

 ج) تسريع الجهود الجارية لتعزيز الحراك العسكري في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. ودعوا المفوضية، بالتنسيق مع وكالة الدفاع الأوروبية، إلى تقديم تحليل لثغرات الاستثمار الدفاعي بحلول منتصف شهر مايو القادم واقتراح أي مبادرة أخرى ضرورية لتعزيز القاعدة الصناعية والتكنولوجية الدفاعية الأوروبية.

 

وبالتوازي مع هذه الجهود، سيدعموا شركائهم من خلال جميع الأدوات المتاحة، بما في ذلك من خلال زيادة استخدام مرفق السلام الأوروبي.

 فيما ستوفر البوصلة الاستراتيجية المرتقبة إرشادات للعمل عبر أبعاد الأمن والدفاع هذه لجعل الاتحاد الأوروبي مزودًا أمنيًا أقوى وأكثر قدرة.

 

 -  تقليل اعتمادهم على الطاقة - 

 

وفي المحور الثاني ناقشوا هذا الملف الحيوي، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، وضع الاتحاد الأوروبي أهدافًا طموحة لبلوغ هدف الحياد المناخي بحلول عام 2050.

بينما يعمل الاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق هذا الهدف، فإن الوضع الحالي يتطلب إعادة تقييم شاملة لكيفية ضمان أمن إمدادات الطاقة للاتحاد الاوروبي.

وفي هذا الصدد، اتفقوا على التخلص التدريجي من اعتمادهم على واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا في أقرب وقت ممكن، ولا سيما عن طريق:

 أ) تسريع خفض اعتمادهم العام على الوقود الأحفوري، مع مراعاة الظروف الوطنية وخيارات الدول الأعضاء لمزيج الطاقة لديها

 ب) تنويع إمداداتهم وطرقهم بما في ذلك من خلال استخدام الغاز الطبيعي المسال وتطوير الغاز الحيوي

 ج) زيادة تطوير سوق الهيدروجين لأوروبا

 د) تسريع تطوير مصادر الطاقة المتجددة وإنتاج مكوناتها الرئيسية، وكذلك تبسيط إجراءات الترخيص لتسريع مشاريع الطاقة

 هـ) استكمال وتحسين الربط البيني لشبكات الغاز والكهرباء الأوروبية والمزامنة الكاملة لشبكات الكهرباء في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي

 و) تعزيز التخطيط الطارئ للاتحاد الأوروبي من أجل تأمين الإمدادات

 ز) تحسين كفاءة الطاقة وإدارة استهلاك الطاقة، وتعزيز نهج أكثر دائرية لأنماط التصنيع والاستهلاك.

 ودعوا المفوضية إلى اقتراح خطة إعادة بلورة الطاقة  الاتحاد الاوروبي لهذا الغرض بحلول نهاية مايو. بالإضافة إلى ذلك، سيواصلون العمل في المجالات التالية:

 أ) ضمان مستويات كافية لتخزين الغاز وتنفيذ عمليات إعادة تعبئة منسقة

 ب) مراقبة أداء سوق الكهرباء وتحسينه

 ج) توجيه الاستثمار المنسق في أنظمة الطاقة، بما في ذلك توفير البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال

 د) تعزيز الاتصال بجيرانهم المباشرين.

هذا وقد دعوا قادة الدول إلى طرح خطة لضمان أمن الإمدادات وأسعار الطاقة المعقولة خلال فصل الشتاء المقبل بحلول نهاية شهر مارس الجاري. بالتوازي مع ذلك، سيناقشون وينظرون على وجه السرعة في خيارات ملموسة، بناءً على رسالة المفوضية المؤرخة 8 مارس الجاري، للتعامل مع تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على مواطنيهم وشركاتهم، وخاصة مواطنيهم الضعفاء والشركات الصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك في الاجتماع المقبل  للمجلس الأوروبي في 24-25 مارس الحالي.

 

 - بناء قاعدة اقتصادية أكثر صلابة - 

 

 بناءً على نقاط القوة في السوق الموحدة، والتي سيواصلون استكمالها، سيجعلون القاعدة الاقتصادية الأوروبية أكثر مرونة وتنافسية وملاءمة للتحولات الخضراء والرقمية، مع عدم ترك أي شخص يتخلف عن الركب.

 

- تقليل التبعيات الإستراتيجية -

  واستشرافا للمستقبل، فإن القطاعات التالية لها دور فعال في معالجة تبعياتهم الاستراتيجية، ولا سيما في المجالات الأكثر حساسية:

 المواد الخام الحرجة

 سيؤمنون إمدادات الاتحاد الأوروبي من خلال الشراكات الاستراتيجية، واستكشاف التخزين الاستراتيجي وتعزيز الاقتصاد الدائري وكفاءة الموارد

 سينوعون سلاسل قيمة التوريد، والمحافظة على الريادة التكنولوجية، وسيواصلون تطوير القدرة الإنتاجية للاتحاد الأوروبي بهدف تأمين 20٪ من حصة السوق العالمية من خلال قانون الرقائق الأوروبية بحلول عام 2030

الصحة. كما سيركزون على دعم الابتكار والإنتاج الأوروبي المستدام للأدوية بأسعار معقولة، وتتبع تسجيل الموردين الأوروبيين بسرعة، وتمويل البحث والتطوير، وبناء القدرات الإنتاجية للمنتجات الهامة للاستجابة للأزمات الصحية، وجعل أوروبا رائدة في الطب الحيوي.

 

- المجال الرقمي -

 

 قرروا أن يستثمر في التقنيات الرقمية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي ونشر السحابة و5G في أوروبا وخارجها.  سيقومون بدراسة جدوى إنشاء شراكات رقمية، وتعزيز الإطار المعياري للاتحاد الأوروبي من خلال الاعتماد السريع للقوانين التشريعية المعلقة (على وجه الخصوص قوانين البيانات، والخدمات الرقمية، والأسواق الرقمية، والذكاء الاصطناعي)، والتأثير في التوحيد القياسي. لبعض التقنيات الرئيسية، بما في ذلك الجيل السادس في المستقبل ؛

 

 - المجال الغذائي-

 سيعملون على تحسين أمنهم الغذائي من خلال تقليل اعتمادهم على المنتجات والمدخلات الزراعية الرئيسية المستوردة، لا سيما عن طريق زيادة إنتاج الاتحاد الأوروبي للبروتينات النباتية.

 

 دعوا إلى تقديم خيارات لمعالجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومسألة الأمن الغذائي العالمي في أقرب وقت ممكن.

 

-العمل على مستوى الاتحاد الأوروبي وما بعده -

 

على مستوى الاتحاد الأوروبي، تقرر أن يتم ضمان التعاون من خلال تعزيز المبادرات الصناعية، بما في ذلك من خلال المشاريع الهامة ذات الاهتمام الأوروبي المشترك (IPCEIs) والتحالفات الصناعية.  بالإضافة إلى ذلك، سوف يعززون قدرات البحث والابتكار في الاتحاد الأوروبي.

 

 أما على الصعيد العالمي، سيواصلون اتباع سياسة تجارية طموحة وقوية، على الصعيدين المتعدد الأطراف وكذلك من خلال الاتفاقات التجارية، وتعزيز معاييرهم والوصول إلى الأسواق وسلاسل القيمة المستدامة والتواصل. وسيكملون مجموعة أدوات سياسة التجارة والمنافسة بأدوات لمعالجة الآثار المشوهة للإعانات الأجنبية في السوق الموحدة، وللحماية من التدابير القسرية التي تتخذها بلدان أخرى، ولضمان المعاملة بالمثل في فتح المشتريات العامة مع الشركاء التجاريين.  وطالبوا أن تكون الاتفاقات التجارية شفافة وشاملة لضمان نتائج ناجحة.

  - تعزيز الاستثمار -

  قرر القادة خلق بيئة تسهل وتجذب الاستثمار الخاص من خلال:

 أ) إجراء إصلاح جذري للإجراءات الإدارية وتبسيطها وسرعة تتبعها لترخيص المشاريع الاستثمارية في الاتحاد الأوروبي

 ب) خلق بيئة تنظيمية بسيطة ويمكن التنبؤ بها، ولا سيما للشركات الصغيرة والمتوسطة

 ج) تعزيز المهارات لتلبية احتياجات سوق العمل المتطورة وضمان وظائف جيدة

 د) الاستمرار في تعزيز التماسك الاجتماعي والحفاظ على نموذجهم الاجتماعي

 هـ) استكمال سوقهم الموحدة بجميع أبعادها، لا سيما الرقمية والخدمات

 و) خلق أسواق مالية أوروبية أكثر تكاملًا وجاذبية وتنافسية، وتمكين تمويل الابتكار والحفاظ على الاستقرار المالي، من خلال تعميق اتحاد أسواق رأس المال واستكمال الاتحاد المصرفي.

 

 هذا وقرر قادة دول وحكومات أوروبا في قمة فرساي العمل على تعبئة التمويل اللازم الأوروبي والوطني العام لتحسين الوصول إلى رأس مال المخاطرة، والتغلب على إخفاقات السوق، وزيادة الاستثمار الخاص، وتشجيع المشاريع المبتكرة. وبذلك يضمنون أن يحققوا أقصى استفادة من موارد الاتحاد الأوروبي.  كما سيستخدمون ميزانية وإمكانات مجموعة بنك الاستثمار الأوروبي لتحفيز الاستثمارات، بما في ذلك التمويل الأعلى للمخاطر لريادة الأعمال والابتكار.

 وبالتالي سيتعين على سياساتهم المالية الوطنية أن تأخذ في الحسبان احتياجات الاستثمار الإجمالية وأن تعكس الوضع الجيوسياسي الجديد.  كما تقرر أن ينتهجوا سياسات مالية سليمة، تضمن استدامة الديون لكل دولة عضو، بما في ذلك عن طريق تحفيز الاستثمارات التي تعزز النمو والتي تعد أساسية لأهدافهم الخضراء والرقمية. في الوقت نفسه، سيعملون على تكثيف الإصلاحات التي من شأنها تعزيز القدرة التنافسية، وتعزيز خلق فرص العمل، وتطوير إمكانات النمو في الاتحاد الأوروبي.

 

-الطريق إلى الأمام -

 وأخيرا تطرق الأوروبيون الى ملف المستقبل حيث قرروا  أن يمضوا قدما بجدول الأعمال هذا كدول أعضاء فرادى وجماعية.  ودعوا المؤسسات إلى تسريع العمل في جميع القضايا التي ناقشوها.  سوف يعودون، كقادة، إلى جدول الأعمال هذا في اجتماعاتهم القادمة في المجلس الأوروبي.

275350272_301642445403127_616154351985312811_n
275350272_301642445403127_616154351985312811_n
275405265_1128203141345856_2100757834055698495_n
275405265_1128203141345856_2100757834055698495_n
275424397_498892031741595_3090095380303928283_n
275424397_498892031741595_3090095380303928283_n
275616096_672273567449253_6025236347554504897_n
275616096_672273567449253_6025236347554504897_n