السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

ماكرون في طريقه للفوز برئاسة ثانية.. والسبب بوتين

ماكرون
ماكرون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

  لا شك أن الحرب الروسية في أوكرانيا قد أثرت في المشهد السياسي الأوروبي ولا سيما بعدما أفرزت من جديد أزمة اللاجئين التي باتت الأسرع نموًا في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث فر حتى اليوم (7 مارس) أكثر من 1.5 مليون لاجئ من أوكرانيا في غضون عشرة أيام، وفقًا للأمم المتحدة وتستضيف بولندا وحدها أكثر من 920.000 شخصا فيما فتحت دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا وفرنسا أبوابها للأوكرانيين النازحين، وقد شهدت العاصمة الفرنسية باريس السبت الماضي ( 5 مارس )، مسيرة حاشدة بمشاركة آلاف الأشخاص دعما لأوكرانيا ضد الهجوم الروسي ورفضا لـ"الحرب في أوروبا" التي كانت تنعم بالسلام. وقد تقرر أن تنظم مسيرات أخرى كل سبت في أكثر من مئة مدينة فرنسية لدعم أوكرانيا، وفي عواصم أوروبية عديدة. وقد شارك أكثر من 25 ألف متظاهر فرنسي، بحسب مصدر في الشرطة. - أوكرانيا في الانتخابات الرئاسية الفرنسية - يخيم ظل بوتين على الحملة الرئاسية الفرنسية، قبل خمسة أسابيع فقط من الجولة الأولى والثانية من الانتخابات الرئاسية، والتي تجري في 10 و24 أبريل 2022. يحاول فيها إيمانويل ماكرون الفوز بولاية جديدة مدتها خمس سنوات أخرى، فهو ما زال أقوى المرشحين بسبب حسن إدارته للأزمة الأوكرانية وقبلها الأزمة الصحية ونجاحه في تطعيم نحو 65 مليون مواطن فرنسي، وبدأت فرنسا تسجل انحسارا في تفشي وباء فيروس كورونا كما تحسين أداء الاقتصاد وتقليص نسبة البطالة لأول مرة في تاريخ البلاد. وبالتالي لا يعتقد بأن الفرنسيين سيسلمون مفتاح قصر الإليزيه إلى رئيس جديد. فهناك قاعدة عالمية ألا يغير الشعب رئيسا أثناء الحرب وهم راضون على توازنه أمام روسيا خصوصاأنه خاطب الفرنسيين وقال إن أهم أولوية لديه أنه يحميهم من مخاطر هذه الحرب وتداعياتها عليهم وعلى البلاد، وإن ما وزن ماكرون عند الفرنسيين هي الجهود الدبلوماسية المكثفة لسيد الإليزيه لوقف الهجوم الروسي لأوكرانيا رغم أنها لم تكلل حتى الآن بالنجاح، إذ قام بوتين باجتياح البلد الأوروبي الجار رغم المحادثات المتواصلة معه منذ أكثر من عشرة أيام، حيث دخلت الحرب يومها الحادي عشر وفجرت أزمة إنسانية خطيرة وسط قلق دولي على السلم العالمي، لكن ماكرون، الذي تولت بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي في يناير، لم يبق مكتوف الأيدي أمام هذا الوضع الجديد في أوكرانيا، حيث يواصل الاجتماعات الدبلوماسية والمحادثات الدولية في محاولة لإيجاد حل للنزاع بأقل الخسائر كما يحسب لماكرون بأنه فضل خيار الحوار وفتح قناة الدبلوماسية والاتصال الوحيدة مع بوتين على خيار الحرب التي تسعى إليه أمريكا عبر حلف الناتو لإزالة الخطر الروسي إلى الأبد، كما تشارك فرنسا بقرار منه في العقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا وهي التي تخطط لتزويد أوكرانيا بمعدات دفاعية، ولكن رغم كراهية الرئيس إيمانويل ماكرون الشخصية للرئيس لروسي فلاديمير بوتين الذي يتمتع بسمعة سيئة مع رؤساء فرنسا ولا سيما مع نيكولا ساركوزي، وتشاركه في هذا العداء مرشحة اليمين التقليدي – وزيرة ساركوزي السابقة - فاليري بيكريس ومعهما مرشحة الحزب الاشتراكي عمدة باريس آن هيدالجو، فإن هناك ثلاثة مرشحين للرئاسة يسبحون عكس التيار. فقد انضم، كل من مارين لوبن مرشحة وزعيمة حزب التجمع الوطنيRN التي تمثل أقصى اليمين والعنصري إريك زمور مؤسس وزعيم حزب الاسترداد ( la reconquête) الذي يمثل أقصى اليمين المتطرف وجان لوك ميلينشون وزعيم حزب فرنسا الأبية (la France insoumise) الذي يمثل أقصى اليسار، إلى المعسكر المؤيد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووضح ذلك في اجتماعاتهم السياسية، وقد انتقد سياسيو فرنسا هؤلاء المرشحون الثلاثة، الذين بسبب موقفهم الموالي لبوتين، انتهزوا الفرصة للدفاع عن أنفسهم من هذه الهجمات. يوم السبت 5 مارس، وعلى شواطئ كامارج، سرعان ما تحدت مارين لوبن كل السياسيين بشأن فلاديمير بوتين. حيث تقوم بإجراء محادثات عديدة مع الرئيس الروسي رغم نفيها. ومع ذلك، في عام 2017، قبل شهر واحد من الجولة الأولى، عرضت مارين لوبن نفسها بفخر مع سيد الكرملين وحتى أنها أثارت إعجابها. صورة محرجة معه. فيما وجد المجادل التلفزيوني السابق إريك زمور نفسه مجددًا في مواقف مؤيدة لروسيا وكان في حالة اضطراب أيضًا وهو يجاد منتقديه. وهو يقلد مارين لوبن في كل شيء ولكنه يزيد على برامجها مواقفها حدة وتطرفًا، لكنه تجاوزها في عنصريتها وحتى في المواقف المؤيدة لروسيا حتى أنه أعلن في عام 2018، بأنه "يحلم ببوتين فرنسي يقود البلاد". وفي اجتماعه السياسي بالناخبين يوم الأحد 6 مارس في مدينة طولون، حاول تبرير نفسه. كما أن جان لوك ميلينشون الذي تتهمه الصحافة ومعها خصومه السياسيين بالغموض في مواجهة فلاديمير بوتين. فبعد ظهر الأحد في مدينة ليون، قال مرشح فرنسا المتمردة أو الأبية إنه ضحية رسم كاريكاتوري وانه يقصد في حبه لبوتين قوته وشموخه لوطنه وعدم المساس بأمن بلاده القومي،حيث يعتبرونه معتدى عليه من حلف الناتو وليس المعتدي. وقد اغلق باب الترشيح يوم الجمعة الماضية (4 مارس) حيث حدد تاريخها المجلس الدستوري الفرنسي كآخر مهلة أمام الراغبين في خوض السباق الرئاسي لتقديم التوقيعات الـ 500 الإلزامية من مسؤولين منتخبين وإعلان ترشحهم رسميا. وقد انسحب عدة نحو 40 مرشحًا للرئاسة بعدما فشلوا في العثور على عدد التواقيع المطلوبة أبرزهم وزيرة العدل السابقة كريتيان توبيرا. - ماكرون أقوى المرشحين- أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الخميس 3 مارس ترشحه للانتخابات الرئاسية عبر "رسالة إلى الفرنسيين" نشرت على الإنترنت. وتعهد ماكرون بالعمل على تعزيز فرنسا وأوروبا في وجه "تراكم الأزمات الوطنية والدولية". وقال في رسالته: "لهذا السبب أطلب منكم منحي ثقتكم لولاية ثانية كرئيس للجمهورية". وأضاف: "أنا مرشح لكي أستحدث معكم ووسط تحديات هذا القرن، استجابة فرنسية وأوروبية فريدة".

وهو يعادي توجه الرئيس بوتين ويعتبر ما قام به من غزو لأوكرانيا انتهاك صارخ للقانون الدولي ويشاركه في ذلك جميع المرشحين ممثلين لتيارات سياسية مختلفة من اليمين الى اليسار والوسط باستثناء المرشحين المتطرفين الثلاثة. وكان ماكرون ربط إعلان ترشحه رسميا بشرطين هما: تخطي "ذروة وباء" فيروس كورونا وطي صفحة " ولهذا أنهى إجراءات السلامة الصحية في البلاد وحدد لذلك يوم 14 مارس الجاري أما الشرط الثاني فالوضع الدولي المحفوف بمخاطر كبرى". وهو الأهم في نظر الفرنسيين. ويواجه ماكرون منافسة من زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن التي حقق فوزا كاسحا عليها في الدورة الثانية للاقتراع الرئاسي العام 2017، فضلا عن اليميني المتطرف أيضا إيريك زمور. القادم من بعيد إلا أن غالبية المحللين يتوقعون أن تكون فاليري بيكريس، مرشحة اليمين، المنافس الأكبر له في حال وصولها إلى الدورة الثانية من الانتخابات، فيما فشل اليسار حتى الآن في توحيد صفوفه وتقديم برنامج سياسي مقنع للفرنسيين للعودة للساحة السياسية، والمفارقة أن اليسار قد غاب من الساحة السياسية الأوروبية والتي أصبحت الغالبية فيها لليمين التقليدي واليمين الشعبوي المتطرف اللذان أصبحا فرسا رهان الانتخابات الرئاسية الفرنسية أمام إيمانويل ماكرون زعيم الحزب السياسي الوسطي الوليد الجمهورية الى الأمام (la République en marche). - دفاع عن حصيلة ولايته ومشاريع للرئاسة المقبلة - رغم انه لم يكن بحاجة للدفاع عن ولايته التي شهد أزمات عديدة أبرزها مشكلة السترات الصفراء فأداءه العالي في إدارة الملفات الساخنة كان مثاليا بالاضافة الى أنه تمكن من حل أزمة السترات الصفراء ومنح المحتجون أكثر مما كانوا يأملون،إلا أن ماكرون اضطر لتعديد المحاور الرئيسية لمشاريع ولايته المقبلة لكونه منشغلا بإدارة أزمة الحرب المشتعلة في أوروبا وبمسؤولياته في رئاسة الإتحاد الأوروبي في دورته الحالية والتي زادتها الأزمة الأوكرانية أبعادا خطيرة فأكد في رسالته أنه "ينبغي العمل أكثر ومواصلة خفض الضرائب" ليشعر الفرنسيين بأنه لم ينس أبرز مشاكلهم. وبعد ولاية من خمس سنوات طغت عليها قبل الجائحة، أزمات اجتماعية داخلية، وعد الرئيس الفرنسي باعتماد طريقة تعامل مختلفة. وأوضح معترفًا بأنه "لم ينجح في كل شيء. وثمة خيارات كنت لأتخذها بشكل مختلف مع الخبرة التي اكتسبتها بجواركم". ودافع عن أدائه لا سيما في مواجهة جائحة كوفيد-19 مؤكدا أنه يريد "إعطاء الأولوية للمدرسة وللمدرسين الذين سيتمتعون بحرية أكبر واحترام أكبر وبأجور أفضل" و"المحافظة على النموذج الاجتماعي الفرنسي وتحسينه". وتابع ماكرون: "بطبيعة الحال لن أتمكن من تنظيم حملة رئاسية كما كنت أتمنى بسبب الظروف الراهنة". ويبدو أن ماكرون محظوظا بهذه الحرب في أوكرانيا. حيث أصبحت شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الآفاق كما ظهر في آخر استطلاع للرأي أجراه مركز «إبسوس» شارك فيه 3599 شخصا. فقد توقع فوز ماكرون في الجولة الأولى من الانتخابات بنحو 30.5% من إجمالي أصوات الناخبين، بزيادة 4 نقاط عن استطلاع سابق جرى قبل عدة أيام. وبحسب نتائج الاستطلاعات الأخرى، من المتوقع أن تحل مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، زعيمة حزب التجمع الوطني، في المركز الثاني بنحو 14.5%، في تراجع بواقع نقطة واحدة عن الاستطلاعات سابقة، بحسب النتائج التي نشرتها صحيفة لو فيجارو. وجاء في المركز الثالث في الاستطلاع المرشح الشعبوي اليميني «إيريك زيمور» بـ 13 %، بانخفاض نقطتين مئويتين عن الاستطلاع السابق، يليه جان لوك ميلنشون، مرشح اليسار الراديكالي وزعيم حزب «فرنسا الأبية» بـ12 %، بزيادة نصف نقطة مئوية ثم مرشحة حزب «الجمهوريون» اليميني فاليري بيكري بـ 11.5 %، في تراجع قدره نقطة مئوية عن النتائج السابقة.، وبحسب الاستطلاع من المتوقع فوز ماكرون أمام أي مرشح آخر في الجولة الثانية من الانتخابات المقررة يوم 24 أبريل المقبل، بواقع 59 مقابل 41 % أمام لوبن، و65 مقابل 35 % أمام زيمور.