الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عيد الحب (الفلانتين)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يوم ١٤ فبراير من كل عام، هو يوم عيد الحب الذي يحتفل به الملايين من البشر في كل بقاع الارض. الحب في معناه المجرد هو عاطفة المحبة والاُلفة والمودة والاحترام بين البشر، وهي سر الحياة وبدونه، تنتشر البغضاء والفرقة والاقتتال. 

الحُب، هو سر الحياة، وهو الدافع الأساسي المحرك لكل الاحداث الايجابية التي تحدث لنا، عكس الكُره، الذي هو سر الشقاء والدماء والموت والفناء، ولذا فإن الحب بمعناه العام المجرد هو إكسير الحياة، وهو مانود الحديث عنه في هذا المقال.

تاريخيًا، كان الحب معروفًا وموثقًا في الحضارة المصرية القديمة، التي وضعت القانون المعروف بقانون "ماعت" علي أساس من الحب والعدل والمساواة. 

وقام المصري القديم برسم ملامح حياته التي غمرها الحب الاُسري على جدران المعابد ومقابر البر الغربي. 

كذلك كانت أسطورة إيزيس وأوزوريس مبنية على أساس قصة حب ووفاء الزوجة التي ظلت تبحث عن زوجها. 

وفي العهد اليوناني الروماني، كانت قصة الحب الخالدة بين كليوباترا وأنطونيو. 

أمًا سبب التسمية بالفالنتين فيعود الي قديسين اثنين عاشا وماتا في إيطاليا في القرنين الثاني والثالث الميلادي، واعتبرتهم الكنيسة الكاثوليكية شهداء، أحدهما كان في روما والثاني كان في تورني، وكليهما كان اسمه فالنتين.

الرواية الاصلية تشير إلى أن "فلانتين " كان أسقفا عاش في روما، خلال القرن الثالث الميلادي، أثناء حكم الامبراطور الروماني. وأنه كان يقوم بتزويج العشاق من المسيحيين في مخالفة لأوامر الامبراطور، الذي منع الزواج لاعتقاده أن الزواج يسبب عزوف الشباب عن المشاركة في الخدمة العسكرية، ولذا أمر بسجنه وقتله. 

وتروي القصة الكنسية أنه وأثناء سجن فالنتاين، وقع في غرام ابنة السجان، وأنه قام يوم إعدامه (يوم ١٤ فبراير) بارسال رسالة حب اليها، ووقع عليها "من فالنتاين". صار هذا التقليد متبعا في روما في شكل إهداء الكروت الموقعة بين المحبين.

وفي انجلترا، تحول الفلانتين إلى الاحتفال بيوم عيد الحب بسبب قصيدة كتبها الشاعر الإنجليزي، جيفري تشوسر، عام ١٣٨٠، اي بعد اكثر من ألف عام من الرواية الأولى، وأهداها إلي ريتشارد الثاني، ملك إنجلترا، بسبب خطبته جاء فيها: "وفي يوم عيد القديس فلانتين، حين يأتي كل طائر بحثًا عن وليف له، في مستهل الربيع الإنجليزي".

وفي مسرحية هاملت للشاعر الإنجليزي، ويليام شكسبير ( بين أعوام ١٥٩٩-١٦٠٢)، ذكر حُب وتودد أوفيليا لفلانتين وإشارتها لعيد الحب. واستمر إرسال البطاقات الموقعة بين الأحبة في إنجلترا إلى القرن التاسع عشر، ثم انتقلت العادة من إنجلترا إلى أمريكا.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، سنة ١٨٤٧، بدأت استر هاولاند نشاطًا تجاريًا من منزلها في مدينة ووستر بولاية ماسشوسيتس، بأن صممت بطاقات جاهزة لعيد الحب علي غرار البطاقات الإنجليزية، وتحولت الي نشاط تجاري كبير، حيث تشير الإحصائيات إلى أن عدد كروت عيد الحب التي يتم ارسالها كل عام يبلغ مليار كرت تقريبًا، وهو ما يجعل يوم عيد الحب يأتي ثانيًا بعد عيد الميلاد، من حيث عدد كروت المعايدة. وبعد رواج تجارة إنتاج كروت المعايدة، تطور الأمر إلى تبادل الورود والشوكولاتة وغيرها من الهدايا، ثم اتسع التقليد والتجارة ليشمل جميع انواع الهدايا والمجوهرات الثمينة، التي يقدمها، المحب (عادة الرجل) إلى المحبوبة.

وبالرغم من أن هناك أنواعًا لا حصر لها من الحب، منها العاطفي والوطني والديني، الا ان الحب العاطفي أو الرومانسي بين الرجل والمرأة، هو الذي يتبادر الى الذهن عند سماع كلمة حب او Love. ربما يحدث هذا بسبب الصورة النمطية والعواطف الجياشة التي مررنا بها، وتأثرنا فيها بالاغاني الرائعة التي غنتها ام كلثوم وعبد الوهاب وفريد وعبد الحليم، وشادية ونجاة، او الافلام الكلاسيكية الرومانسية التي مثلتها فاتن حمامة وشادية ومريم فخر الدين، أو قصائد العشق التي تغني بها الشعراء من عنتر بن شداد وقيس بن الملوح (مجنون ليلي) إلى أحمد رامي وأحمد شفيق كامل ومرسي جميل عزيز. الحب في معناه العام يتنوع من حب الشخص لنفسه ولمهنته ولاسرته وعشيرته ولأصدقائه ولزملائه ولبلده ودينه ولغته وللإنسانية كلها، بل يتعداه ليشمل حب الطبيعة والحيوان والجمال والخير، وحب الذات الاَلهية والكون والحياة. هذا الحب هو سر السعادة والنشاط وهو الطاقة الايجابية التي تحرك العواطف وتدفئ القلب وتنعش المخ. وعلي النقيض من ذلك، فإن الكُره والضغينة والبغضاء يخلق الطاقة السلبية التي تطفئ القلب وتوقف العقل، وتؤدي الي الاكتئاب والكسل والانعزال والإرهاب والادمان والانتحار. 

لذا، فإن عيد الحب يُعد فرصة عظيمة لتجديد المشاعر الجميلة وتغليب الطاقة الايجابية والاقبال علي الحياة بحب ونشاط وسعادة. 

كل عيد حب وأنتم جميعا أحباء.